النصر الكبير والفوز الفخيم الذي حققه براعم مدرسة محمد عبد الله موسى بمدينة ودمدني، وباعتبارهم يمثلون جميع أطفال السودان بإحراز كأس وجائزة بطولة قناة جيم القطرية لكرة القدم في نسختها الثانية.. هو نصر ينطوي على دروس وعبر ودلالات عميقة، وهو فوز نأمل أن يكون من البشريات العظيمة، لأن إنشاء هذه المدرسة كان عملاً طيباً من رجال حببهم الله لعمل الخير وحبب الخير فيهم، فالمدرسة تحمل اسم المربي الكبير والسياسي الوطني الراحل محمد عبد الله موسى، والذي انطلقت مبادرة تأسيس هذه المدرسة في دارهم بحي العشير عام 1957 مع مجموعة كريمة من أهل الحي، ثم انتقل موقع المدرسة الى جوار مباني التلفزيون.. وموقع قناة الجزيرة الخضراء المرتقبة. لعل هذا النصر هو امتداد لقوة الإرادة والعزيمة لمؤسس المدرسة ونوع من العرفان حملته قلوب هؤلاء الصغار عرفانا ووفاءً باسم الأستاذ محمد عبد الله موسى. وهذا النصر والفوز الذي حققه تلاميذ هذه المدرسة التي تعتبر من مدارس الأحياء الشعبية والمواطنين البسطاء هو درس وعبرة، وهو حكمة إلهية وليست صدفة أن ينبعث هذا الابداع المذهل للبراعم.. والذي نقلته جميع القنوات وأجهزة الإعلام الرياضية في الوطن العربي.. وهذا النصر الكبير الذي حققه تلاميذ هذه المدرسة قد وجد التقدير من فخامة رئيس الجمهورية المشير عمر حسن أحمد البشير الذي حرص على الإلتقاء بهم في القصر الجمهوري وتكريمهم- وليس ذلك فحسب -فقد أعلن السيد النائب الأول الفريق أول ركن بكرى حسن صالح لدى مخاطبته جماهير الولاية بإستاد ود مدني مساء 17 مارس 2016م بمناسبة تشريفه ختام مهرجان الجزيرة للسياحة والتسوق الأول بالجزيرة، وأعلن على الملأ تكفل رئاسة الجمهورية بصيانة وإكمال مطلوبات مدرسة محمد عبد الله موسى وفاء وعرفاناً، لدور المدرسة في إعداد التلاميذ الذين شرفوا البلاد بتحقيقهم لتلك البطولة، التي أصبحت على كل لسان في السودان والوطن العربي، وأعقب ذلك الإحتفال الفخيم الذي نظمته ولاية الجزيرة، وشرفه بالحضور نائب رئيس الجمهورية الأستاذ حسبو محمد عبد الرحمن لدى زياته مؤخراً للجزيرة في الأسبوع المنصرم. وتجدر الإشارة الى أن هذا الإبداع قد نبع من جوار تلفزيون ودمدني، وتحت أبراج قناة الجزيرة الخضراء التي بدأت بثها التجريبي لتنقل رسالة الجزيرة عبر الفضاء الكوني، بعد مضي أكثر من اربعة عقود لمحطة أرضية.. وكما هو معلوم فإن مدينة ودمدني شهدت في أوائل السبعينات ميلاد تلفزيون الجزيرة الريفي، كأول بث فضائي خارج العاصمة والذي قام على بنيات أساسية جيدة، وأجهزة حديثة ومتطورة آنذاك تفوق امكانات التلفزيون القومي.. والذي استفاد كثيراً من خصائص أجهزة ومعدات تلفزيون الجزيرة الريفي.. والذي تخرج فيه العشرات من الكفاءات التي رفدت التلفزيون القومي والفضائيات العربية، ومن الذين أصبح يشار اليهم بالبنان. ولعل التاريخ يسجل الإنجاز الكبير بأحرف من النور صورة وصوت عن ميلاد فضائية (الجزيرة الخضراء) ذلكم الحلم الذي طال انتظاره، والناس تترقب لحظة الميلاد واطلاق المولود لصرخته التي يشتاق لسماعها أهل الجزيرة بالداخل والخارج، وسكان الولايات الوسطى السابقة الذين ارتبطوا وجدانياً بالجزيرة الخضراء.. فلاشك أن انطلاقة الفضائية تمثل استجابة لرغبة ملحة لأهل الجزيرة في كل مكان، لأنهم رواد العمل والإنتاج والجزيرة تزخر بكنز ثقافي وإرث تاريخي من العلم والإبداع، ولعله من الفأل الحسن تزامن البث التجريبي للقناة مع إحراز مدرسة محمد عبد الله موسى لبطولة قناة جيم القطرية... مما جعل المدرسة محط أنظار وآمال أهل السودان في عودة الروح التي بثها هؤلاء البراعم، ليعلم الكبار كيف يتحقق الانتصار لأنه بالمواهب الحقيقية والعزيمة والإصرار وحب تراب هذا البلد الطيب. لقد شهدنا كيف عبروا عن شعورهم في اللحظات العصيبة بالبكاء ودموع الفرح بعد الانتصار للوطن. ان ماتحقق من انتصار ليس غريباً على مدينة الإبداع، ولكن الغريب أن تبحث عن المواهب والقدرات من أماكن أخرى ليعملوا في الجزيرة والأمر المحير حقاً محاولة فضائية الجزيرة الخضراء الاستعانة بأشخاص من الخرطوم، ومن بورتسودان أيضاً كذلك للعمل في القناة على الرغم من أن مدينة مدني هي الرائدة في هذا المجال، وكافة مجالات الابداع وتضم نخبة من المبدعين الذين يمشون راجلين على أديم أرضها تأدباً واحتراماً، وهم الأجدر بإعداد الخريطة البرامجية للفضائية والتي يمكن أن نفاخر بها في الفضاء الواسع. ولعلها رسالة وإشارة إلهية وكرامة من كرامات ودمدني السني أن يأتي هذا الإنجاز والإبداع من المدرسة التي تقع تحت أبراج تلفزيون الجزيرة، ليعلم الذين لا يعلمون أن ودمدني دوماً عندها (اكتفاء ذاتي) من المبدعين والنوابغ والعباقرة. والله من وراء القصد.