لما دلفت إلي منزل شاعر الشعب محجوب شريف في تلك الأمسية المخملية ، وجدت ألوانا من البشر لايجمعهم إلا مثل محجوب شريف ، جاءتني الدعوة الكريمة من منظمة رد الجميل(ذلك الفيلق) الذي ينحت الصخر ليرد الجميل للشعب السوداني كما تصوره محجوب شريف وغرسه في الوجدان، محجوب محمد شريف الشهير ب(محجوب شريف) المتوج بلقب(شاعر الشعب) مواليد 1948 وتوفي في 2 أبريل 2014 في أم درمان بمرض التليف الرئوي الذي بدأ معه في 2004. اشتهر محجوب شريف بالتعبير عن كفاح الشعب ونضاله من أجل الديمقراطية والحرية والعيش الكريم عبر أسلوبه الخاص والمميز في نظم القصيدة بالعامية في السودان، الأمر الذي أدى لاعتقاله مرات عدّة في عهد الرئيس الأسبق جعفر نميري و كذلك بعدمجيء الإنقاذ في 1989 نتيجة مواقفه المناهضة لسياسة الحكومتين. ما ني الوليد العاق ..*.. لا خنتّ لا سراق والعسكري الفراق ..*.. بين قلبك الساساق وبيني هو البندم ..*.. والدايرو ما بنتم ياوالدة يامريم ومن أشهر قصائده: "يا والدة يا مريم، السنبلاية، الحرامي، الغويشايه، مساجينك، صباح الخير مساء النور، أوعك تخاف ،بلا وانجلا وطنا". و تغنى له العديد من الفنانين و الفرق الموسيقية داخل و خارج السودان. وبرز محجوب شريف كشاعر إنساني وضع بصمته في خارطة الشعر بعد أن أثرى الساحة الثقافية في بلاده بالأغنية والقصيدة الوطنية، وقصائده التي تغنى بها الفنان محمد وردي، أسهمت في تشكيل خارطة الغناء الوطني في السودان. ولقدشيّعه السودانيون في يوم 2 أبريل 2014 بعد أن صنع لنفسه اسماً كبيراً وقامة سامية، عاش ومات من أجل هذا الشعب. مرت بخاطري صورة الابتسامة علي وجهه كلما التقيته وهو يرحب بي مرددا أهلا بالعريس فأضحك لمداعبته وأرد (عريس بعد عشرسنوات). وجدت منزله كما هو مريم ومي (بنياتو) لاتزالان تحبان الضيوف وتكرمانهم بكل الحب والبرتقال والشوكلاتة الفاخرة،أشياء حرم منها والدهما كثيرا في سجون الأنظمة الدكتاتورية، الأميرة (أميرة الجزولي) المناضلة الصابرة العظيمة لازالت تبتسم في وجوه الناس مرحبة كما عهدناها (ماغيرت أخلاقها السنين...ومابدل كرمها وإحساسها الزمن). كان ليلة استثنائية جمع فيها مسرح محجوب في منزله عظماء السودان ، أحمد شاويش ، طارق الأمين ، عزالدين عبدالجليل (الرجل الإنسان الذي يقدم المحبة قبل السلام والمودة تسبق الإحترام)، الذين كانوا في مقدمة مستقبلي عظماء مستقبل السودان أوائل شهادة الأساس الثلاثة (مدثرعبدالحكم ) الأول علي شباب دارفوروالذي جاء من دارفور بمعية والده و(رحاب أحمد عمر) الأولي في ولاية كسلا والتي جاءت مع والديها، وكان في استقبالهما الأول علي ولاية الخرطوم قاطبة( النور محمد النور) جاءوا ثلاثتهم ليلتقوا في بيت السودان ، البيت الذي نذر صاحبه حياته كلها طفولته وشبابه وشيخوخته لمحبة هذا الوطن وشعبه ، أوليس هو القائل: وأجمل الأطفال قادمون ساعة فساعة عيونهم أشد من عيوننا بريقاً صدورهم بما وهبت أكثر اتساعا سيوفهم تزيد من سيوفك الطوال طولا حكي (أمير الخرطوم) عن تجربته في النجاح وأنه اعتمد علي المراجعة اليومية وحل تمارين المريح (وهو مذكرة للتلاميذ في كل المواد)،... وليد دارفور تحدث عن تجربته فصفقنا ونزلت الدموع لما قال إنه يعيش في معسكر للاجئين ولم يسمع ب(المريح )ولم يذاكر مطقلا ليلا لعدم وجود الكهرباء ولاحتي (الفانوس )...أما تاجوج كسلا ( رحاب) فقصتها أعجب حيث أنها تسكن في عشة وتذاكر تحت عمود الكهرباء علي الشارع، هؤلاء هم عظماء السودان حقيقة ، هم مستقبل الوطن القادم ، فمن نحت الصخر ، وصنع من الفسيخ شربات ، حتما سيأتي بالحلول للوطن، وسيبدع في تطويره ، ورفعه لمصاف الأمم المتحضرة. رد الجميل منظمة...كل من فيها جميل شباب وشيوخ صبيان وصبايا ، يعملون في صمت إيمانا منهم بماغرسه (الشريف محجوب ) فيهم يقدمون الإعمال الجليلة في صحائف أعمالهم تعليما وصحة وإطعاما للجوعي وحسن رعاية لكل من يحتاجها بغض النظر عن اللون والجنس والقبيلةوكأنهم يجسدون فول شاعرنا: للسودان مواقفنا وللسودان عواطفنا ولما تهب عواصفنا فما حيلة قوانينك الآن فقط تيقنت بأن رسالة محجوب شريف قد وصلت ، وماسعي له طوال حياته قد أتي أكله ولم يتبق إلا أن نرى السودان وطنا يسع الجميع حبا وخدمات وحرية بلاحدود. أملي أن يتحقق أمله ونبنيه البنحلم بيهو يوماتى وطن حدّادى مدّادى ما بنبنيهو فرّادى ولا بالضجه فى الرادى ولا الخطب الحماسيّه وطن بالفيهو نتساوى نحلم نقرا نتداوى مساكن كهربا ومويه تحتنا الظلمه تتهاوى نختّ الفجرِ طاقيّه وتطلع شمس مقهوره بخط الشعب ممهوره تخلي الدنيا مبهوره إراده وحده شعبيّه أسأل الله الكريم أن يحفظ هذا البلد ويجعله آمنا ويرزق أهله من الثمرات...اللهم آمين