الخميس 19 مايو والنهارات العصية تلملم أطرافها، يتفاجأ سكان مدينة الشطيب برتل من سيارات الشرطة، ولأن ذاكرة إنسان الريف لا تشيخ فقد دخل الرعب في الشيوخ والنساء والأطفال ظناً منهم أن قوات العدل والمساواة قد تسللت إلى الشطيب بلد القرآن والتقابة.. كلنا ثقة في قواتنا المسلحة والتي ظلت على الدوام تكبد الأعداء وتدحرهم واحداً تلو الآخر. وبعد التمحيص والسؤال عن سر عربات الشرطة والتي داهمت الشطيب (من عصراً بدري) اتضح أن هذا تم بأوامر من معتمد محلية الدويم مختار حمدتو.. لماذا؟.. لإزالة سور أرض لا تتعدى ال(300)م2 (أي والله سور أرض) تابع لإمام وخطيب مسجد الشطيب العتيق الشيخ محمد الأمين الفكي العباس. نرجو أن يعلم معتمد الدويم أن محاولته الفاشلة الخميس الماضي أفزعت الجميع، لأن مجتمع الشطيب المسالم لم يتعود بعد على مثل هذا الإرهاب الذي جاء بعد سنوات عشناها معاً بدون عصبية أو أفضلية لقبيلة على أخرى.. مجتمع مسالم ومترابط في السراء والضراء.. صحيح أن الكل يعلم أن من أولى مهام أي معتمد بسط الأمن وسط شعبه.. لكن ما فعله حمدتو كان نذير شؤم على المنطقة. ظلت الحكومة تنادي ملء شدقيها بعبارة رتق النسيج الاجتماعي لزرع الطمأنينة بين مكونات السودان. لكن هل تعلم الحكومة الآن أن ما يقوم به معتمد الدويم مختار حمدتو قد يساهم في تمزيق النسيج الاجتماعي وزرع الفتنة بين شعب الشطيب. وبالعودة لموضوع الأرض مسار الشكوى فإننا لا نريد أن ندخل في جدلية لمن تتبع الأرض.. فيكفينا فخراً أن محمكة الاستئناف العليا فصلت فيها وأمرت محلية الدويم ووحدة شبشة الإدارية بعدم إزالة سور الأرض.. وهذا وحده يكفي ولن نزيد. من غرائب الأشياء ولأول مرة نجد معتمداً يقف ضد القانون فيما يظل المواطن البسيط متمسكاً به.. هل هي أزمة سلطة في البلد أم أن بعض المتنفذين يتوهمون بأنهم أعلى شأناً من السلطة القضائية. ترى هل يريد حمدتو أن يكسر هيبة السلطة القضائية بعمله الصبياني في إرساله عربات مدرعة ومحملة بالأسلحة الثقيلة إلى أين إلى الشطيب الآمنة والمستقرة بتلاوة القرآن ونيران التقابة التي تحيل ظلام الطغاة إلى نهار أبلج. ويكفي أن القضاء السوداني وعلى مر الأزمان أرسى لنا أساساً متيناً لقضاء عادل نزيه ومستقل وبكل تأكيد نثق في نزاهة العدل في ظل السلطة القضائية التي ظلت تقدم لنا نماذج في حفظ قوة وهيبة القانون لكن ماذا نقول في معتمد الدويم. هي رسالة نوجهها لمولانا البروفيسور حيدر أحمد دفع الله رئيس القضاء ونثق في أنه سيتدخل عاجلاً لحفظ هيبة القانون، لأن شعب الشطيب وطالما أن القانون معه فإنه لن يقف مكتوف الأيدي في أي محاولة أخرى لنزع الأرض مسار الشكوى.. فإذا كان معتمد الدويم يملك قانون القوة.. فإن صاحب الأرض يملك قوة القانون.. ومن قبل قالها سكان الشطيب إن المهج والأرواح ستكون فداءً لأرض إمام وخطيب مسجد الشطيب العتيق. نختم بالقول إن مستقبل السلام الاجتماعي في الشطيب.. بل ومستقبل الدولة السودانية الآن على المحك بعد تنامي النزاعات القبلية والعنصرية والجهوية لدرجة أن يسعى ممثل الدولة وبقانون القوة مخالفة أوامر أعلى سلطة في السودان (سلطة القانون). لكل من تحدثه نفسه بنزع فتيل القبلية نذكره بقول شاعرنا الفذ إبراهيم العبادي: جعلي ودنقلاوي وشايقي إيش فايداني غير خلقت خلاف خلت أخوي عاداني نبقى أولاد رجل يسري نبانا للبعيد والداني يكفي النيل أبونا والجنس سوداني.