تراكمت لدّي معلومات خطيرة منذ عدة أشهر، مفادها باختصار أن برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة بالسودان، والمعروف اختصاراً باسم ال(WFP) قد حدث تغيير في إدارته العليا، وحل مدير أجنبي- عربي الجنسية للأسف الشديد- محل المدير السابق، وأن المدير الحالي (عامر داؤودي) أخذ في تطبيق سياسات جديدة استهدفت الوجود السوداني داخل ال(WFP)، مع الزعم بأن تلك السياسات هي سياسات طلبت الأممالمتحدة تطبيقها في السودان. برنامج الغذاء العالمي، هو الذراع الإنساني للأمم المتحدة ويناط به تقديم المعونات الغذائية لنحو تسعين مليوناً من فقراء العالم، ومساعدتهم- إنسانياً- على تلبية احتياجاتهم الغذائية، ويشمل هذا العدد نحو ثمانية وخمسين مليون طفل في ثمانين بلداً من بينها السودان- وهو أكبر وكالة للشؤون الإنسانية في العالم- ويبرز نشاط برنامج الغذاء العالمي في السودان بولايات دارفور وجنوب السودان وعدد من المناطق التي تعاني من ويلات الفقر أو الجوع.. ولا تقف أنشطة البرنامج عند حدود تقديم الطعام فقط، لكن نشاطه يمتد إلى تنفيذ برامج تنموية وطارئة حول العالم من أجل كسر حلقة الفقر والحرمان عن طريق تشجيع ودعم المؤسسات الصحية والتعليمية ومشروعات البنى التحتية الصغيرة التي يمكن أن يقوم بها المواطنون الفقراء ذاتياً، ومساعدة اللاجئين في العودة إلى أوطانهم، إضافة إلى مساعدة النازحين في العودة إلى مناطقهم.. ومن بين الأنشطة التي قد لا تكون واضحة أو منصوصاً عليها في مباديء البرنامج، توظيف العمالة الوطنية، وفي هذا إسهام مباشر في حل مشاكل البطالة والفقر في أي بلد ينشط فيه عمل برنامج الغذاء العالمي. جاء المدير الجديد (عامر داؤودي) فاتبع وتبنى سياسات جديدة منع بموجبها الزيادة السنوية في مرتبات أكثر من ثمانين بالمائة من العاملين الوطنيين، على اعتبار أن عقوداتهم هي عقودات خدمات محلية ولا يستحقون أي زيادة، رغم أن الزيادة السنوية كانت تطبق منذ سنوات عديدة، وأقر الزيادة لأصحاب العقودات المباشرة مع الأممالمتحدة أو ما يعرف بالعاملين العالميين. الآن يشكو عدد من العاملين وهم بالمئات، من سياسات هذا الرجل الذي يطبق ما يراه (هو).. ولا يطبق اللوائح المنظمة للخدمة، وقد رفض الآن تجديد العقودات لمن يطالب بالزيادة المطبقة منذ سبع سنوات، وخيّر العاملين بين القبول بالأمر الواقع أو ترك العمل. بعض العاملين قالوا إن طيران برنامج الغذاء العالمي أو الأممالمتحدة يعمل في مجال الخدمات الإنسانية حسبما هو منصوص عليه، لكنهم قالوا إن طائرات الأممالمتحدة تنقل الآن (الأجانب) مجاناً من ولايات السودان المختلفة، بينما تطالب المواطنين والعاملين بها من السودانيين بدفع قيمة (تذكرة)، ويدفع الموظف مثلاً مائتي دولار ثمناً لنقله من نيالا إلى الخرطوم أو العكس، بينما يدفع المواطن العادي من غير العاملين مبلغ ثلاثمائة وخمسين جنيهاً ثمناً للتذكرة. الأمر برمته مرفوع للجهات المختصة للتحقيق، لأن ما يتداوله العاملون في برنامج الغذاء العالمي يستدعي طرد هذا الرجل.. أو إيقاف نشاط هذا البرنامج.