بدأت قناة الجزيرة في بث الحلقات المسجلة لفقيد البلاد والعباد المفكر المجدد د.حسن عبد الله الترابي، في شهادته على العصر، وكان الاشتراط أن يكون البث بعد رحيله من هذه البسيطة الفانية .. وتوالت الحلقات رويداً رويداً إلى أن دخلت اللحم الحي..!! ولكن آه ثم آه .. من شهادة الموتى، فإنها كالبرق في الظلام الحالك، كمال قال تعالى في محكم تنزيله (هو الذي يريكم البرق خوفاً وطمعاً وينشئ السحاب الثقال الرعد (12) ، فإن البرق في الظلام الدامس والليل البهيم يبعث الأمل والتفاؤل كما يبث الخوف والرعب والهلع، فيكون الإحساس ممزوج بالطمع والخوف، فإن شهادة الترابي يوجد من يطمع فيها بغرض إحداث الإثارة والبلبلة وعدم الاستقرار، كما يوجد من يخاف منها كما يقال في المثل الشعبي (الضنب شايل حسكنيت)، وفي كلا الحالتين يا ليتها بثت وهو حيٌ يرزق حتى ولو كان في بلاد الواغ واغ ، فتكون شهادة كاملة غير منقوصة، أما اليوم وبعد رحيله أصبحت شهادته أشبه بوصية الميت في تركته، للوراث الخيار!.. إن الخوض في أمر الموتى غير مستحب إلا بذكر الخير والدعاء لهم من جانب أذكروا محاسن موتاكم، وإن الخوض في شهاداتهم لا جدوى ولا طائل منه .. وإن شهادة العصر قد يكون القصد منها تصحيح المسار أو تلخيص التجربة أو تبرئة النفس من بعد المواقف ولله الكمال .. ولكن نخشى من فتنة تطال الأحياء ، والأفضل أن يقال ما ينفع العباد والبلاد دون التركيز والاسترسال في ما مضى من أجل الانتقام، شهادة العصر ، صمت عنها الكثيرون فإن الصمت الحكمة والحكمة ضالة المؤمن، وسارع بعض من عاصرها أو كان جزءاً منها بالنفي أو الإثبات أو تزيين وتلوين الحقيقة حتى تجانب الصواب، أو غير الحقيقة حتى يترأى للآخرين بأنها الصواب، وبدأ يخوض فيها المنتفعون سراً وعلانية قبل أن تنتهي حلقاتها.. ويا ليتهم يعقلون فيتركون العاصفة تمر هكذا وينحنوا لها حتى لا تحدث أضراراً. والله المستعان