كلنا يعلم أن المكتبات العامة في كل بلد هي مؤشر حضاري يدل على الحراك الثقافي والعلمي، بوصفها مصدراً من مصادر التعليم والتعلُّم، وقطاعاً مهماً في تنمية الموارد البشرية في مختلف المجالات. إنّ غياب المكتبات العامة عن أداء الدور الأساسي لها يرجع إلى العديد من الأسباب منها: قلة الوعي بأهمية القراءة للجميع، عزوف أغلبية الناس عن الذهاب للمكتبة، والاكتفاء بالتلقي السريع والسطحي، إلى جانب النظرة القاصرة لأهمية المكتبات في تكوين ثقافة معرفية متنوعة، إضافة إلى عدم سعي الوزارة المعنية بشؤون المكتبات العامة إلى الاهتمام بها وتطوير أدائها، فأكثر المكتبات العامة تفتقر إلى أبسط مقوّمات التقنية الحديثة، وقلة المرافق والخدمات بها صرفت القارئ عن ارتيادها أو الاستفادة منها، فأصبحت بيئة طاردة وخالية من القرّاء، ويشكّل هذا سبباً رئيسياً في عزوف الكثير منهم عن القراءة أو الاطلاع، في ظل غياب البيئة المناسبة للقراءة، أو الجو المشجع عليها.. وعلينا أمام هذه الظاهرة- إن صح التعبير- أن نسعى لبناء مجتمع مثقف محب للقراءة عن طريق تفعيل دور المكتبات في نشر الوعي بأهمية القراءة، وهذا يجب أن يتوازى مع جهود الوزارة الرسمية في تأسيس المكتبات العامة في كل مدينة، وتزويدها بالتقنيات الحديثة في معالجة حفظ المعلومات ونشرها، لمواكبة الانفجار المعرفي الحاصل، والتقدم العلمي المتسارع في ظل العولمة التي لم تدع مجالاً إلا ولها فيه تأثير وتأثر، عندها فقط سنحقق أولى خطوات النجاح في تأسيس مجتمع المعرفة من خلال نشر ثقافة المكتبات، التي تُعدُّ رافداً أساسياً من روافد العلم والمعرفة، لتقدّم التعليم المستمر للأفراد خارج مؤسسات التعليم الرسمية.