الاثنين التي فضحت نوايا الحركة الشعبية وما شايعها من ما يسمى بأحزاب المعارضة الهزيلة، هذه الأحزاب التي باتت تخشى اسم الانتخابات خوفاً من الفضيحة لأنها أحزاب بلا جماهير، والحزب الوحيد فيها الذي لديه ولاءات تقليدية «هو حزب الأمة» الذي أصابه الضعف والخور وانقسم كالأمبيبا إلى عدة أحزاب تمردت على الولاء التقليدي الأعمى وصارت حضارات سادت ثم بادت، أربأ بالإمام الصادق المهدي أن ينجرف وراء باقان وعرمان هؤلاء الذين سعوا بالفتنة وأرادوا إشعال نارها وهم بإذن الله أول من ينكوي بها. إنني اتساءل وأنا استمع لكليهما وهما يتمشدقان بالحديث وعرمان يصرخ بأعلى صوته (شاءوا أم أبوا سنواصل المسيرة)، أقول لعرمان أين موقعك من الإعراب يا هذا في حالة حدوث انفصال لا قدر الله؟.. وأقول لباقان رأس الحية، أين هي الديمقراطية التي تنادي بها؟.. لقد حولت الحركة الجنوب إلى منطقة مقفولة ومنعت كل الأحزاب حتى الجنوبية منها من مزاولة العمل السياسي خوفاً من زوال دولتها والتي هي زائلة لا محالة بإذن الله. لقد أطلعت في أيام بعيدة خلت على منفستو الحركة الشعبية وأنا عائد من الولاياتالمتحدةالأمريكية عام 1984م- في ديسمبر في لندن، حيث قابلت بالصدفة العقيد الراحل جون قرنق دي مبيور الذي عملت معه في فرع البحوث العسكرية قبل ذهابه للتمرد وعرفني ودعاني للذهاب معه وأعطاني نسخة من منفستو الحركة ليس به كلمة واحدة مما يدعو اليه باقان وعرمان توأم المشاكسات وخلق الفتن، واسألهما أين كنتما وقتها؟.. ونعود لأحزاب ما يعرف بتحالف جوبا: أقول للزعيم التاريخي لحزب الأمة سيادة الإمام المسألة بالنسبة لك ليست مسألة توطيد أركان الديمقراطية أو التحول الديمقراطي- المسألة بالنسبة لك فقدان عمر بأكمله وأنت تلهث وراء السلطة والتي طيلة أعوامك الأربعة والسبعين لم تنل منها إلا أربع سنوات فقط وأنت رئيس وزراء محترف، وكما قال عنك أحد الكتاب البريطانيين في كتابه المشهور The Profetional Prionier وهذه سنعود لها في مقال كامل منفصل عن الاستقلال بإذن الله. اتساءل ما الذي دفعك لتتحالف مع هؤلاء، هل هي فعلاً غيرتك على الديمقراطية وسعيك اليها بعد ما وقعت مع المؤتمر الوطني ما يسمى (بميثاق التراضي)، أم هي عدوى نقض العهود والمواثيق أصابتك من الرفاق في الحركة الشعبية وأصبحت تشايعهم؟.. أم حقدك على ثورة الإنقاذ الوطني العظيمة التي أزاحتك عن كرسي الحكم الذي ظللت تتشبث به وتتعاقب عليك الحكومات، حيث قمت بتشكيل 7 وزارات في أربع سنوات- الشعب الذي تريد أن تحكمه لن ينسى لك كثرة الكلام والخطابات وهلم جرا. أين مباديء حزبكم؟.. هل هي نفس المباديء القديمة (البلد بلدنا ونحن أسيادها).. أم هناك جديد؟ لم نسمع أن هناك مؤتمراً انعقد لحزب الأمة انتخب الصادق المهدي رئيساً أبدياً- الديمقراطية التي تريد لها أن تسود ضقت بها ذرعاً في حزبكم وغادرك مبارك الفاضل ومسار والطبيب الرائع المهذب الصادق الهادي المهدي والباشمهندس د. مادبو وغيرهم وفي الطريق آخرون، أين أنت يا ود نور الدائم رحمك الله لترى الهوة السحيقة التي انحدر اليها إمام الأنصار الذي لا يشبه التوأم عرمان وباقان وأصبح لهم نصيراً ومعاوناً واستغلوا اسمه ومكانته. وأقول نفس الكلام للشيخ الدكتور حسن الترابي، باقان وعرمان لا يشبهانك وتحالف جوبا لا يليق بك، وأنت تعرف وتعلم أدب الخلاف، الأدب الإسلامي الذي رضعته منذ نعومة أظافرك، فالإنقاذ كنت أحد أركانها العظام والمشروع الحضاري أنت عرابه، ماذا دهاك أيها الشيخ الجليل، فالعالم كله ينظر إليك ويتعجب أم هكذا هي حال السياسة؟.. فتوأم الحركة أمينها ونائبه، أبعد الناس منك وإنما هي مرحلة وأخشى عليكم من الندم حيث لا ينفع الندم ويكفينا جراحات ويكفينا ما حدث في دارفور حين احترب أهل الملة، أما بقية أحزاب تحالف المعارضة أو أحزاب مؤتمر جوبا المتبقين لا أرد عليهم وسأكتفي بالرد على الرفاق الحمر وأقول لهم: أتعجب لماذا يختار الرفاق الديمقراطية شماعة للحديث ويلقون بفشل الأنظمة المتعاقبة عليها بأنها لم تتطبق الديمقراطية، فمنذ أن كنا بالثانويات رأينا تنظيمهم يتسمى بالجبهة الديمقراطية وهم منها براء. لقد أسعدتني الأيام بالذهاب للإتحاد السوفيتي الذي كان عظيماً في عقد السبعينيات ورأيت الإنسان الآلة في روسيا وجمهورياتها السبعة والثلاثين، الإنسان الذي لا يملك وحتى حق الإنجاب وتكوين الأسرة ولا حق الملكية، الإنسان الذي يطلب الإذن من رئاسة الكيمون للزواج والإذن للإنجاب والإذن لشراء سيارة بعد دراسة حالته وهل خطوط المواصلات تمر عليه أم لا؟ هذه هي الشيوعية وفي مرحلة متقدمة منها تنفي وجود الخالق- لا إله والحياة مادة- والدين أفيون الشعوب، وصدقوني لقد عشت في موسكو أكثر من عام لم أسمع جرس كنيسة أو آذاناً في مسجد وما حدث بعد زوال الإتحاد السوفيتي لهو خير شاهد- نتيجة للكبت والظلم- ويأتي رفاق السودان ومن شايعهم يتحدثون عن الديمقراطية، الديمقراطية التي صادرها المؤتمر الوطني؟.. عجباً المؤتمر الوطني يصادر الحرية والديمقراطية عجيب أمر هؤلاء؟ وأعود للحركة الشعبية، أتظنون أنكم تتحدثون باسم أهل الجنوب المغلوبين على أمرهم، التعابى الغلابى الذين نهبتهم دولاراتهم- دولارات بترول الجنوب- وانفقتونها على شراء السلاح وتكررون مقولتكم الأزلية (لا رجوع للحرب.. لا رجوع لمربع واحد)- وبعد ترسانات السلاح من أكرانيا ومحتويات الباخرة فاينا- أنفقتم المتبقي في شرب الخمور والمجون واللهو ومهرجانات ملكات الجمال تتشبهون بالغرب والغرب يسخر منكم وجوبا تنيرها مولدات المانحين والمنظمات ألا تخجلون من أنفسكم يا دعاة التغيير والسودان الجديد.. أين هي التنمية يا سيادة النائب الأول؟ أين مال الجنوب وأموال البترول وأين.. وأين.. وأين المساءلات للمفسدين؟ وأقول لكم طبقوا الديمقراطية أولاً عندكم في الجنوب، أفسحوا الطريق للأحزاب، للرأي والرأي الآخر ودعكم من الوصاية على الشمال، فأهل الشمال أدرى بمن يحكمهم والديمقراطية في الشمال مطبقة بكل معنى الكلمة وإلا تعرضت دوركم في الخرطوم ودنقلا وبورتسودان ومدني للحرق والتخريب أسوة بما فعلتم بدور المؤتمر بالجنوب الذي طبقتم فيه قانون الغابة واغتلتم غيلة وغدراً مريم برنجي شهيدة الحرية والديمقراطية. أفسحوا ل لام أكول ولبونا ملوال ولكل الشرفاء من أبناء الجنوب، الطريق وبعدها لكل أحزاب الجنوب وتعالوا بعد ذلك نتفق على قانون الإستفتاء واعرفوا وزنكم الحقيقي، يا توأم المشاكسات أقول لكم أنتم السبب في كل ما يحدث ولا أريد أن أذكركم بما حدث بعد اتفاق الأخ نائب رئيس الجمهورية الشيخ علي عثمان ود. رياك مشار، على صيغة إجازة قانون الإستفتاء والذي بمجرد عودة د. رياك مشار الى جوبا نقضتم الإتفاق وأنكرتم ما تم التوصل إليه وغير هذا كثير وكثير، أنتم حركة لا تملك زمام أمرها وبالتالي لا يمكن أن تملك أن تقرر مصير بلد بأكملها، حتى اتفاقية نيفاشا أنتم أجهل الناس بها، عودوا واقرأوا نصوصها جيداً. كيف يجاز قانون المشورة الشعبية قبل الإستفتاء؟.. وهل البرلمان الحالي هو الجهة المنوط بها إجازة هذا الإتفاق- أو القانون؟ أقول لكم أنتم مجرد أبواق، لأنكم لا تعرفون خطورة ما تقولون، أبواق لعدو يتربص بهذه البلاد وأنتم تؤدون هذا الدور إنابة عنه. أقول لباقان لا تهدد بالملايين والآلاف التي ستخرج للشارع لترغم البرلمان على إجازة قوانين وفق أهوائكم، هذه الملايين التي تدعي ليس لحركتم 1% منها، لأن كل جنوبي بالخرطوم لا يعرف غير الخرطوم ولا يرغب إلا في الوحدة ولا بديل للوحدة عنده. فقط أتركوهم.. أبتعدوا عنهم.. دعوهم وشأنهم ليقرروا ومن ثم تعالوا للحديث. إن ما تقوم به الحركة الشعبية أبسط ما يوصف به أنه تخبط وفقدان للإتجاه وانعدام للرؤية، فالحركة تحتاج لوقت لتفيق من مفاجأة صدمة الحكم التي لم تكن تحلم بها، ويكفي المؤتمر الوطني فخراً توقيعه لاتفاقيات السلام مع الحركة والتجمع وحركة مني أركو مناوي وجبهة الشرق وخلق حكومة وحدة وطنية، حكومة إجماع حقيقي حقنت الدماء وأصبحت مثالاً يحتذى في العالمين العربي والأفريقي، وعلمت المعارضة درساً قيماً أولى بمن يسمون بتحالف أحزاب المعارضة في جوبا أن يستوعبونه وليس مجرد تكتيك لمرحلة كما يفعلون الآن.