صدر عن هيئة الخرطوم للصحافة والنشر كتاب أبيي من شقدوم الى لاهاي فى جزئين للأستاذ الدكتور سليمان محمد الديبلو. الجزء الأول عدد صفحاته 676 صفحة والجزء الثانى فى 810 صفحة. الكتاب يقدمه البروفسور المحترم يوسف فضل حسن أستاذ التأريخ المعروف بأنه أول دراسة تأريخية قانونية باللغة العربية فى موضوع أبيي بعد أن كتبت عشرات الكتب عن القضية باللغة الانجليزية وبين البرفسور فضل أن أهمية الكتاب تأتي من أن كاتبه هو من القبيلة الطرف فى هذا النزاع وهى قبيلة المسيرية إذ اعتمد الكاتب على إرث القبيلة التاريخي فضلاً عن حرفيته إذ هو عالم وأستاذ جامعي وباحث مرموق. ويصفها برفسور فضل بأنها دراسة ممتازة التوثيق جيدة التخطيط حسنة الموضوع عميقة التحليل . فى عمود الأمس تناولنا قلة التوثيق للموضوعات المركزية للبلاد وقلة الانتاج العلمي لمراكز البحث الإستراتيجي فى اصدار التقارير العلمية والدراسات والكتب والدوريات وانشاء المواقع الإلكترونية مما أدى الى الحكم على مشكلاتنا والنظر إليها من خلال الكتابات الاجنبية عنها وقد سبقت لنا الاشارة أنه فى معظم التقارير المعلوماتية عن السودان نجده أن المرجع عنها هو تقارير وكالة المخابرات الأمريكية وتقارير البنك الدولى فى حين أن جل الدول تأتى التقارير عنها من كتابها السنوى ومن تقارير المراكز البحثية والاستراتيجية . وهنا لابد أن نحي جهود هيئة الخرطوم للصحافة والنشر إحدى أهم الهيئات التابعة لوزارة الثقافة والإعلام بولاية الخرطوم للجهد الذى تبذله فى مجالات النشر الراتب لمؤلف أو يزيد يصدر عنها كل شهر إذ تصدت لهذه المسؤولية لما يزيد عن السبع سنوات بقيادة الأستاذ الطاهر حسن التوم فى ظل غياب شبه دائم لاصدارات المؤسسات العلمية والفكرية والثقافية التى تتناول قضايا البلاد أو تلك التى ترعى وتشجع الباحثين والعلماء والكتاب فى نشر انتاجهم العلمي الذى تقادمت على بعضه العقود ولما يجد من يقدمه للناس رغم رصانته وامكان إسهامه فى ايجاد الحلول للكثير من القضايا التى ظلت تحيط ببلادنا قبل قيام الدولة الحديثة فيها كما فى إمكان هذا الانتاج العلمى والفكرى أن يوسع من مدارك متلقيه ويسهم فى بناء الوعي العام ويقوي اللحمة الوطنية ويقرب بين أبناء الوطن والفهم المشترك لحقائق ازماته. الدكتور الديبلو من المؤكد أنه لم يعكف على إخراج هذا الجهد الخارق للإنتصار لقبيلة المسيرية التى ينتمى إليها وإنما أراد وبروح الباحث العالم أن يجلي الحقائق بمنهج علمي تشربه من تخصصه فى مجال العلوم الطبيعية «الفيزياء» ومن خلال نشاطه السياسي المحلى والدولى ويكفى أن ماكتبه دكتور الديبلو يصفه شيخ الصحفيين السودانيين الأستاذ محجوب محمد صالح فى تقديمه للكتاب بأنها قضية يرويها لنا ومن بدايتها الصغيرة حتى مراحلها الحالية المتأزمة كاتب عاش فى المنطقة وشارك أهلها ألامهم وآمالهم وتابع تطورات المشكلة فى كل مراحلها ووقف على تجلياتها ودرس وثائقها ويضيف أننا أمام كتاب فيه توثيق تاريخي كبير لأزمة مازالت تداعياتها تتفاعل بيننا ويستحق الكاتب الثناء على مابذل من جهد. ومن يعرف الأستاذ محجوب محمد صالح وهم كثر لايقدم إلا لكاتب مجيد ولايشهد إلا للمفيد . كتاب أبيي من شقدوم الى لاهاى سفر توثيقي يجب ألا تكتفى هيئة الخرطوم للصحافة والنشر بنشره وإنما تكمل جهدها بابتدار نقاشات ومحاورات حول محتوياته من معلومات ووثائق وأن تناصفها فى ذلك الأقسام المتخصصة فى الجامعات ومراكز البحوث والدراسات وحتى المؤسسات المعنية بالقوات النظامية وكذلك الممثليات للدول والمنظمات الدولية والإقليمية المعتمدة بالبلاد ووسائل الإعلام المحلية والخارجية حتى لاتختصر أبيي فى أنها المنطقة الغنية بالنفط كما تكرر وسائل الإعلام الدولية هذه العبارة عند إيراد أحداثها .