نهار الأحد وفي ذات اليوم الذي كتبت فيه بعنوان الرسوم على مسرح محلية الخرطوم في هذه المساحة، أصدر د. عبد الرحمن الخضر والي ولاية الخرطوم قراراً شجاعاً ومهماً، وذلك بالغائه للرسوم الصادرة من معتمدي محليات ولاية الخرطوم، والعودة لفئات الرسوم المجازة لسنة 2010م بل أن المرسوم ذهب إلى تخفيضات في الرسوم بنسب متفاوتة حالة الالتزام بالسداد. المرسوم يعني ببساطة أن سفر محلية الخرطوم الذي جاء عبر إعلان تسجيلي يشير إلى محاكمة انهتها بعدالة زيادة (المطلوبات)، قد الغاه حاكم الولاية لعدم عدالة هذه (المطلوبات).. وللرهق الذي ستسببه على قطاعات ضعيفة تبحث عن رزق اليوم باليوم. ولمن لم يطلع على مقالي سأختصر الموضوع في نقطتين هما أن محلية الخرطوم حاولت أن تجمل صورتها أمام الناس عبر إعلان مدفوع تقول فيه إن ما تأخذه من الناس باليمين تصرفه عليهم في خدمات الصحة والتعليم بالشمال... أما النقطة الثانية فهي أن قطاع الأعمال حامد شاكر ولم يعترض على (المفروضات).. وللتعريف... فإن (المفروضات) اصطلاحاً بحسب تعريف محلية الخرطوم، فهي الرسوم والجبايات التي تفرض على التجار والصنايعية والباعة (الجائلين) وبائعات الشاي، وقد تمتد إذا أرادت المحلية أن تصل هذه الرسوم لتطال حتى العاطلين نظير جلوسهم تحت الأشجار.. في أعتقادي أن خطوة د. عبد الرحمن الخضر لها أبعاد سياسية واجتماعية واقتصادية.. فعلى المستوى السياسي فبلا شك أن فرض الرسوم والجبايات المحلية هي الركيزة الأساسية (للململة) وبداية للفعل السياسي المضاد.. والبلد لا ينقصها ما يعكر صفوها السياسي إن وجد.. وأكاد أجزم أن زيادة الرسوم ومحاربة الناس في معاشهم باغلاق محالهم التجارية، وورش الصيانة، وأعمال الحرفيين، ومطاردة المهن الهامشية، قد تكون هي النار التي تختبئ تحت قومة القش.. أما اقتصادياً فمعلوم لابسط من يتعاطى مع نظريات علم الاقتصاد أن خفض الرسوم يحفز الناس نحو الانتاج، ويزيد من عدد العاملين في القطاع الخاص، ويسهم في النشاط الاقتصادي وتقديم الخدمات، ومن ثم تزداد أعداد الطالبين للترخيص ولتقنين أعمالهم عبر الأجهزة الرسمية- ضرائب- زكاة- رخص عوائد.. ومعلوم أيضاً أنه كلما زادت الرسوم وارتفعت درجة المغالاة فيها وكان هناك تعسف في طرق جمعها، زادت نسبة المتهربين.. وضعفت العمليات الانتاجية والخدمات وارتفعت نسبة العاطلين عن العمل.. ونرجع تاني لمسألة الململة السياسية من جهة العاطلين، ويا عالم ماذا يفعل شباب عاطل.. وخذوا الحكمة من عاطلي تونس ومصر... أما اجتماعياً فالمعروف أن الاستقرار المعيشي هو الأساس في الاستقرار العائلي والاجتماعي، من حيث مقابلة احتياجات الصحة والتعليم.. وليست كما جاءت به المحلية بأن (المفروضات) تذهب للصحة والتعليم!. السيد والي ولاية الخرطوم لو ذهب أبعد من قرار أول الأمس، وخفض قيمة العوائد والرخص الصادرة في العام 2010م، وزاد أيضاً بمعاقبة المحليات التي تتعسف في طرق جمع (المفروضات)، ومنها من إغلاق المحلات التي لا تدفع رسوم الترخيص إلا بعد عمل دراسة حالة الأسباب ووضع المعالجات، أكاد أجزم أن الإيرادات سوف تزيد من الربط زيادة حقيقية وليست 177% كما جاء في إعلان المحلية.. لأنني أكاد أجزم أيضاً أن أي زيادات عن الربط المقدر لا تتم بالسهولة واليسر وبكامل رضا دافعي الرسوم لا بحسب إفادة محلية الخرطوم. حاشية: والله العظيم طريقة الجبايات أقصد (المفروضات) التي تمارسها شرطة المرور لا تشبه العاصمة الحضارية التي نريدها.. وبهذه المناسبة هذه الأيام (السم فاير).