لعل القارئ الكريم قد لاحظ أنني قد أمطت اللثام عن كثير من الجوانب المشرقة والبناءة في حياة وابداع أستاذي أستاذ الجيل الصحافي الرائد محمود أبوالعزائم والكتابة عن هذا الجيل وعن رواده ينبوع ثر لن أمّل النهل والعل منه فأظل أنهل وأعل ولا أرتوي. وأبو العزائم وجيله رواد نادرون كل واحد منهم مفردة قائمة بذاتها، ولازلت أذكر ثلاثتهم وهم يقودون جريدة الثورة كعمل صحافي كبير، لن يتكرر في انفتاحها الثقافي وتوثيقها لرموز الحركة الوطنية والثقافية والاقتصادية والأدبية، هو وزميلاه الكبيران محمد الخليفة طه الريفي، وقيلي أحمد عمر، ومن خلفهم عملاق الصحافة والثقافة والإعلام محمد عامر بشير(فوراوي)، وكل واحد من هؤلاء الأفذاذ يحتاج الى كتاب.. وعبقرية أبوالعزائم وزملائه أنهم حولوا هذه الصحيفة من بوق سياسي أبكم لا يسمعه أحد، الى منبر ثقافي يتبارى في الكتابة فيه محجوب عمر باشري، ومصطفى أبوشرف، د.حسن نجيلة، والدكتور محمد عمر أبوشمة، ومنير صالح عبد القادر، وتنتثر في ثناياه أشعار كرف، وعبد الله عبد الرحمن الضرير، والشريف البيتي، وابراهيم العبادي، وغيرهم من أرباب الكلمة والقلم، وربما كانت تلك مرحلة عابرة في حياة الأستاذ الذي كثيراً ما يضيق بالقيود، فيركلها ويهجرها الى الأبد، ورحلة حياة أستاذنا أبوالعزائم في المجال الصحافي، وفي زخم الحياة السياسية والاجتماعية واسعة جداً، تؤطرها علاقاته الودودة الحميمة مع طبقات واسعة ومتعددة من لحمة المجتمع السوداني وسداه، ومن أميزها العلاقة الوطيدة الحميمة التي ربطته بكبار رموز المجتمع في ذلك بدءاً من اتصاله بخالد الذكر أبو السودان الإمام عبد الرحمن المهدي، وقد أشرت الى ذلك وصولاً الى الصلة الوثيقة التي ربطت بينه وبين مجلس الحسيب النسيب السيد علي الميرغني، فكان أحد الصحفيين المقربين الى السيد علي، يأتمنهم على ما يود أن يفضي به من رأي، وما يود بثه من خبر وتعليق في كثير من القضايا التي يود أن ترى النور، وهذه الصلة كانت معروفة في الوسط الصحافي، وكان واسطة العقد في كل ما يود أن يسمعه السيد من أوساط الصحافة، هما محمد الخليفة طه الريفي، ومحمود أبو العزائم، ولا ينافسهما في هذا المجال أحد سوى الصحافي الراحل صاحب الأنباء أستاذنا يحيى محمد عبد القادر، الذي تربطه بالسيد صفة الولاء الطائفي باعتباره أحد أبناء بيوت الختمية الكبار تماماً كرفيق دربه الخليفة ابن الخليفة محمد طه الريفي.