في سياحة روحية سمت بنا إلى آفاق الحقيقة بعض ساعة، حتى تذكرنا ما قاله أحد صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم من أنهم يكونون بمعية النبي صلى الله عليه وسلم في حال، ثم يعودون إلى بيوتهم فينسلون من تلك الحال إلى أخرى تحب المال والذهب.. ونحن نرفل في حال من الصفاء، عرجنا إليها ارتقاء بسلم سير ومناقب الصالحين، حكى لي أحد الأخوان الأعزاء قصة فرحت بها روحي، وتحركت لها، حتى كدت أرُوّح فرحاً(ü) كما روّح سيدنا جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه، عندما تفجر الماء من أنامل الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم، في غزوة تبوك.. تقول القصة: إنه التقى بأحد الإخوان الجنوبيين يبكي، وهو يستمع لشريط كاسيت، فقال لي.. : استأذنته فأمسكت بالسماعة لأعلم أن ما يبكيه كان مدحة الشيخ البرعي: «أحسن لمن عاداك ومن يحبكك».. لكن دهشتي بلغت ذروتها، وأيقنت أن ما فعلته مدحة الشيخ البرعي تعجز عنه الخطب والمواعظ، بعد أن علمت أن الأخ الجنوبي يعتنق المسيحية، لكن ما أبكاه حسب روايته أن هذه المعاني هي ذاتها التي يدعو لها المسيح عليه السلام. ü مهما يكن من أمر فإن الشيخ البرعي رضي الله عنه كان أمة، لا يخطئ فضلها إلا مكابر، ومازالت روحه، رضي الله عنه، تضوع دعوة بين الناس إلى طريق الحق والإرشاد، بأسلوب يعز ويشرُف، إلا على أهل الله الذين تفتحت بصائرهم، فرأوا وشاهدوا ما حجب بران القلوب عن العوام، وها هو بأثره يوحد القلوب، ألا رحم الله الشيخ البرعي، و مشايخنا وعلماءنا، وجزاهم الله بقدر ما أعطوا وقدموا، وأهلنا للأخذ عنهم. (ü) الترويح فرحاً هو ذات الحركة التي يعبر بها أهلنا القوم في حالات وجدهم في حلقات الذكر وهو أن يتكئ أحدهم على رجل ويرفع أخرى..