انتشرت في الآونة الأخيرة بصورة مبالغة السرقة في بيوت (العزاء) والمقابر من بعض أصحاب النفوس الضعيفة بصورة مثيرة للشفقة والرثاء، هؤلاء الذين يغتنمون فرص انشغال أهل الميت بمراسيم غسل ودفن ميتهم، والدخول إلى فناء المنازل والغرف كأنهم من المعزيين، وخاصة النساء اللاتي يدخلن بحجة أنهن معزيات ويسرقن ما بداخل الشنط من موبايلات أو ذهب أو مال.. أما الرجال فتخصصوا في السرقة من المقابر في لحظة الدفن.. يا لهؤلاء الغرباء الذين لا يتذكرون الموت وهم في المقابر في لحظات الدفن، كأن الموت لن يأتيهم أبداً.. بجانب سرقة الأحذية الجديدة من أمام سرادق العزاء. إنها والله لظاهرة قبيحة ولا تشبه مجتمعنا السوداني الأصيل الذي عُرف بالعفة والنزاهة والقيم السمحة، كيف بالله عليكم من هؤلاء الذين أُنتزعت من قلوبهم الرحمة تجاه أهل الميت وهم في لحظات حزن لفراق عزيز عليهم.. هؤلاء يسرقون ولا يراعون أحاسيس أهل الميت. إن تلك الظواهر السلبية التي كادت أن تفتك بالمجتمع، لا بد من محاربتها واجتثاثها من أصلها، بزرع القيم النبيلة في نفوس مجتمعنا والتربية السليمة وإقامة ورش علمية يعقدها أصحاب الاختصاص من علمائنا الأجلاء بمشاركة اختصاصي النفس في الأحياء والأزقة والحواري، باعتبار أن شريحة كبيرة من المجتمع تعاني الجهل ولابد من توعيتها بمخاطر العادات السيئة وتعليمها قيم الدين الإسلامي الحنيف الذي حرّم السرقة. إن علماءنا في السودان تقع على عاتقهم مسؤولية كبيرة في تعليم الأمة تعاليم دينها السمحة، ولو بتوزيع نشرات صغيرة توزع على المواطنين، وبث برامج تربوية في الإذاعة والتلفزيون توضح بجلاء قيم مجتمعنا الذي عرف عبر القرون بالعادات والتقاليد النبيلة.. وإن دخول بعض العادات إلى المجتمع يعود بالطبع إلى قلة الوازع الديني وعدم التراحم والتكافل.. إن اجتثاث الظاهرة ليس صعباً ولكنه يحتاج إلى تضافر الجهود من المجتمع والدولة ممثلة في الوزارات الاجتماعية على مستوى المركز والولايات. كما ذكرنا فإن الظاهرة خطيرة ومدمرة وتحتاج إلى علاج ناجع وجذري للمحافظة على مجتمعنا السوداني الأصيل.. وعلاج الظاهرة واجب على كل مسلم لتجنب المثل القائل (ميتة وخراب ديار).