كان الأستاذ الراحل أحمد عبدالحليم أحد دهاقنة المايويين والإنقاذيين وسفير السودان السابق بجمهورية مصر العربية ينادى خاصة في القاهرة أيام كان سفيراً للسودان بها بعم أحمد. لكنني أكتب اليوم عن عم أحمد آخر، وهو أحمد الطيب عبدون، رحمه الله. فقد كان البعض ومنهم الرائد الراحل مأمون عوض أبوزيد ينادونه بعم أحمد. ولا يذكر أحمد الطيب عبدون إلا ويذكر معه أحمد السيد حمد، فقد هرب أو هاجر الاثنان معاً الى مصر مطلع أربعينيات القرن الماضي ثم لحق بهما آخرون منهم عقيل أحمد عقيل وبشير البكري وفي مصر تلقوا تعليمهم الثانوي ثم الجامعي ثم أُبتعثوا الى فرنسا حيث نالوا شهادة الدكتوراة. وعمل أحمد الطيب عبدون قبل استقلال السودان ملحقاً إعلامياً بسفارة مصر في باريس. وكان من كُتاب جريدة «العلم» التي أصدرها الاتحاديون في الخمسينيات، وكان يقود مع مبارك زروق حملة الحزب الوطني الاتحادي في دارفور أثناء انتخابات الحكم الذاتي عام 1953م. ثم عمل في الستينيات أيام لوممبا وكازوفوبو وتشومبي مستشاراً سياسياً لهيئة الأممالمتحدة بالكونجو، وبعد انتخابات 1968م التي حصل فيها الحزب الاتحادي الديمقراطي على المركز الأول عينه نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية الشيخ علي عبدالرحمن سفيراً بالوزارة. لكن موظفي الوزارة وكان وكيلها الدبلوماسي المخضرم جمال محمد أحمد اعترضوا على ذلك التعيين. لقد كانت في البلد خدمة مدنية على أرفع المستويات ولم يستطع وزير الخارجية الذي هو أحد آباء الاستقلال أن ينفذ قراره. وفي مايو 69 كانت رحلة الزعيم الأزهري رئيس مجلس السيادة الى الكونجو وكان المترجم هو أحمد الطيب عبدون وكان الياور هو الرائد مأمون عوض أبوزيد. وكان أحمد الطيب عبدون صديقاً لوالد مأمون الراحل عوض أبوزيد سليمان أحد أقطاب الاتحاديين ولذلك كان الرائد مأمون يخاطبه بعم أحمد. ثم عاد الجميع وفي مقدمتهم الزعيم الأزهري من الكونجو، ثم بعد أيام حدث الانقلاب الشهير الذي تزعمه العقيد نميري وأصبح الرائد مأمون عوض أبوزيد عضواً بمجلس قيادة الثورة وأحمد الطيب عبدون وزيراً في الحكومة التي رأسها بابكر عوض الله. وفي حوار أجري من سنوات قليلة مع مأمون عوض أبوزيد قال الرائد مأمون إن أحمد الطيب عبدون قال له بعد نجاح الانقلاب، «هل كنت عندما كنا في الكونجو تعرف أن هناك انقلاباً في الطريق؟» وقال مأمون نعم كنت أعرف وقال أحمد الطيب عبدون لماذا لم تخبرني؟ وقال الرائد مأمون: يا عم أحمد أنا أبوي ما كلمتو.. ومن الغريب أن يسأل من هو في إدراك وفهم عم أحمد ذلك السؤال ذلك أن السرية هي أحد أهم شروط نجاح الانقلابات، ورحم الله الرائد مأمون ورحم الله عم أحمد.