{ العمل في مجال الطب النفسي والعصبي، يرتبط ارتباطاً وثيقاً بحياة الانسان وبالمجتمع الذي يعيش فيه الطبيب والمريض على حد سواء.. وفيه مواقف لا يكفي المداد لذكرها أو حصرها.. ومن الذكريات العالقة في ذهني.. أنه وفي ذات صباح قبل سنوات.. كنت جالساً في مكتبي ومعي مجموعة الزملاء وطلاب الطب، نتجاذب أطراف الحديث في العديد من المواضيع، وبينما نحن في تلك الجلسة (الضحوية) الجميلة، إذا بشخص يقتحم علينا المكتب حاملاً في يده (طبنجة) أشهرها في وجوهنا.. ووجَّه تركيزه تحديداً إلى العبد لله وهو يصيح: (والله ما أخليك)..!! { في مثل هذه المواقف، يجب أن يتحلى الفرد بنوع من رباطة الجأش والثبات الانفعالي، الذي لم يكن متوفراً لدى أغلب جلسائي في ذلك الوقت، فحين نظرت إليهم وجدتهم شاحبين و(خارج الشبكة) تماماً - كما يقولون - من الذهول الذي اعتراهم وشل حركتهم.. وعندها التفتُّ لذلك الشخص قائلاً: (إنت عارف أنا منو)؟ فاجابني بصوت جهور: (طبعاً عارف إنت جورج بوش)..!! { حينها وبكل هدوء طلبت منه أن يسمح لي بإخراج بطاقتي الشخصية.. فلما قرأها قام بهدوء أكثر من ذلك بوضع مسدسه في جيبه ثم تبسم في وجهي قائلاً: «اعفي لي يا أخوي أنا والله ظلمتك ساي».. وبعدها ذهب في حال سبيله..! عندها أفاق من كانوا معي من هول الصدمة.. ثم ذهبوا إلى حال سبيلهم ولم يعودوا حتى الآن..! ومع أنهم لم يذكروا لي ما السبب الذي جعلهم يفارقوني (فراق الطريفي لناقته).. إلا أنني على ثقة بأن القراء الأعزاء ربما يكونون قد خمنوا.. { على العموم، العمل في المجال الطب النفسي مليء بمثل هذه المواقف والمفارقات، التي سأتناول الكثير منها في مساحات قادمة إن شاء الله .. وجمعة مباركة.