عن موسى كوسا، وزير خارجية النظام الليبي الذي خذل رئيسه معمر القذافي بالإنشقاق عنه والإلتجاء إلى بريطانيا قيل في الصحافة البريطانية الكثير ومنه إنه كان أحد مهندسي إعادة العلاقات الليبية مع كثير من الدول وكانت هذه الإعادة تجسيداً لقبول المجتمع الدولي لليبيا بعد أن غيّرت كثيراً من سياساتها ودفعت التعويضات لضحايا لوكربي وألغت برنامجها النووي. وكوسا شخص مثير للجدل ومن المحتمل أن يسبب وجوده في بريطانيا مشكلة سياسية لرئيس الوزراء ديفيد كاميرون. وجاء في مقال آخر أن كوسا هو أكبر مسؤول ليبي يتخلى عن العقيد القذافي ومن المحتمل أن تكون لذلك قيمة كبيرة في تفكيك ديكتاتورية العقيد. وكوسا هو مدير سابق للأمن وتأتي خطوته هذه في عز المحاولات الدولية الرامية لإزاحة القذافي من حكم ليبيا وأثناء تراجع الثوار الليبيين من المناطق التي كانوا يسيطرون عليها ومن هنا فإن المعلومات التي سوف يقدمها كوسا للتحالف الدولي والثوار الليبيين عن حقيقة الوضع داخل قوات القذافي سوف تكون على قدر عالٍ من الأهمية وجاء أيضاً في ما نشرته جريدة «ذي تيليجراف» في عددها الصادر أمس الخميس الموافق 31 مارس أن موسى كوسا المدير السابق للأمن الخارجي هو العقل المدبِّر لعملية تفجير الطائرة الأمريكية فوق لوكربي باسكوتلندا عام 1988م وراح ضحيتها مائتان وثمانون راكباً. وعلى مدى ثلاثين عاماً كان كوسا أحد مساعدي القذافي الموثوق بهم وقد إضطلع بدور مهم في إطلاق سراح عبدالباسط المقرحي المتهم بتفجير الطائرة الأمريكية. وبعد.. كيف نُفسِّر مثل هذه الخطوة التي أقدم عليها وزير الخارجية الليبي موسى كوسا بتخليه عن رئيسه معمر القذافي؟ هل هو الإحساس بأن معركة العقيد أصبحت معركة خاسرة؟ هل هي صحوة الضمير أم أنه حب الحياة والخوف من الموت؟ ولماذا يخذل أمثال كوسا رؤساءهم عندما تكون حاجة هؤلاء الرؤساء إليهم أقوى منها في أي وقت مضى؟ وكيف هو شعور القذافي وغيره من الرؤساء عندما يرون أن «أخلص» مساعديهم يتخلون عنهم في الأوقات الصعبة. وهذه المواقف ليست قاصرة على كوسا والمسؤولين الليبيين السابقين منهم واللاحقين لكنها حدثت وتحدث كثيراً ولعل من أبرزها رفض الدكتور فتحي سرور، الأستاذ الجامعي القانوني الضليع رئيس مجلس الشعب السابق، أن يترافع عن رئيسه السابق محمد حسني مبارك.