تم حل الحزب الوطني الديمقراطي؛ الحزب الحاكم في مصر طوال عهد الرئيس السابق محمد حسني مبارك وكان هو الحزب الحاكم أيضاً في فترة من عهد الرئيس السادات. وكان هذا الحزب امتداداً لحزب مصر الذي أسسه السادات أيضاً، الذي كان في واقع الأمر مجرد تغيير لاسم الاتحاد الاشتراكي العربي؛ الحزب الحاكم في عهد الرئيس جمال عبدالناصر، وكان هذا الحزب بدوره امتداداً للاتحاد القومي، الحزب الحاكم في الخمسينات الذي كان أيضاً امتداداً لجبهة التحرير،؛ التنظيم السياسي الذي أقامته ثورة يوليو 52 في بداياتها بعد أن حلت الأحزاب السياسية التي كان أهمها وأقواها حزب الوفد. حزب واحد حمل أسماء كثيرة أنشأته الحكومة المصرية منذ أوائل الخمسينات، حمل تلك الأسماء الكثيرة التي أشرنا إليها وكان يُوصف بالحزب الحاكم وكان الجميع يعرفون أن الحاكم الحقيقي هو الرئيس، سواء كان اسمه عبدالناصر أو السادات أو مبارك. لكنه من ناحية أخرى كان حزباً حاكماً وبصفة عامة، فإن الطريق إلى الوزارة أو «البرلمان» أو أي منصب رفيع كان لا بد أن يمر به. وعلى المستوى الشعبي كان الناس يرون الحزب الحاكم حزباً عاجزاً عن أن يكون بالفعل حزباً حاكماً ما لم يكن الرئيس في الصورة في كل كبيرة وصغيرة، وقد تسلل إليه الفساد منذ أيام جبهة التحرير، وكان مثقلاً بالبيروقراطية متهماً في كل انتخابات بالتزوير. وكان مصيره في النهاية شبيهاً بمصير كل الأحزاب الحاكمة التي لم تصل إلى الحكم بالانتخابات العامة الحرة النزيهة وإنما الذي أوصلها إلى «الحكم» قرار اتخذه رئيس الجمهورية. وما أكثر الأمثلة ونكتفي فقط بالاتحاد الاشتراكي السوداني الحزب «الحاكم» في العهد المايوي وأيضاً في ذلك العهد كان الناس يعرفون أن الحاكم الحقيقي هو الرئيس الراحل جعفر محمد نميري، ولذلك عندما أُطيح به في 6 أبريل 1985م اختفى الاتحاد الاشتراكي من الوجود وكأن شيئاً لم يكن ولم يكن الأمر يحتاج إلى صدور قرار بحله. بعكس الحال في البلدان الديمقراطية، يسقط رئيس الوزراء جوردون براون لكن حزب العمال يظل باقياً، وإذا ما سقط رئيس الوزراء البريطاني الحالي ديفيد كاميرون يبقى حزب المحافظين في الساحة طامحاً إلى أن يعود للحكم مرة أخرى ولا يختفي من الوجود كما سوف يختفي من مصر الحزب الوطني الديمقراطي وكما اختفى من قبل الاتحاد الاشتراكي السوداني وغيرهما من الأحزاب التي أُنشئت في مثل تلك الظروف التي أُنشئ فيها الحزبان الحاكمان على جانبي وادي النيل!!