هل هناك أوجه شبه بين تنظيم القاعدة بعد غياب زعيمه الغني أسامة بن لادن والأممية الرابعة بعد غياب قائدها الشيوعي اليهودي تروتسكي. وقد غاب الاثنان بالقتل، إذ قتلت الولاياتالمتحدةالأمريكية أسامة بن لادن أول مايو الجاري في مدينة أبوت أباد القريبة من العاصمة الباكستانية إسلام أباد. وقتل الاتحاد السوفيتي تروتسكي الذي كان أحد أبرز قادة الثورة الشيوعية الروسية عام 1917م وكان على رأسها فيلادمير إيليتش لينين، لقد لاحقه خصمه زعيم الاتحاد السوفيتي ستالين حتى قتله في المكسيك في النصف الغربي من الكرة الأرضية. ويقولون إن تروتسكي كان ذكياً وخطيباً ويُنسب إليه تأسيس الجيش الأحمر، ذلك الجيش الرهيب الذي أجبر هتلر وقواته على الإنسحاب من الاتحاد السوفيتي في الحرب العالمية الثانية التي انتهت عام 1945م وطاردهم حتى «أسوار» العاصمة الألمانية برلين واحتل نصفها لكنه أي الجيش الأحمر فشل في ما بعد في إخضاع دولة صغيرة فقيرة هي أفغانستان واضطر بعد إحتلال قصير إلى الانسحاب منها. وتقول مجلة تايم الأمريكية عدد 7 مايو الجاري «إن تنظيم القاعدة حتى قبل موت بن لادن وجد نفسه مهمشاً فقد غطت عليه الثورات العربية الشعبية». وكان تروتسكي بعد إجباره أو اضطراره إلى الخروج من الاتحاد السوفيتي إلى منفاه بالمكسيك أسس «الأممية الرابعة» لتضطلع بمسؤولية قيادة الثورة العالمية أو الثورة الشيوعية في كافة أرجاء العالم وكان ستالين يرى تركيز الثورة في ذلك الوقت من الثلاثينيات وحصرها في الاتحاد السوفيتي. وكان تروتسكي من منفاه بمدينة المكسيك يصدر البيانات مُعلّقاً على الأحداث وكان يصدر الموجِّهات والإرشادات لكن «الرفاق» خارج المكسيك وفي داخلها كانوا يتجاهلونها ولم يكن تروتسكي يملك الوسائل التي تُمكِّنه من تشكيل الحوادث وتنفيذ التعليمات.. الثورية. وكان تنظيم القاعدة متشبثاً بتحقيق رؤيته للثورة العالمية، أي الجهاد الكوني ضد العدو البعيد الذي هو الولاياتالمتحدةالأمريكية ولم يتحقق شيء يُذكر من ذلك. وتقول المجلة إنه حتى إذا ما كان يتبع بن لادن بضع مئات من المسلحين فإن تأثيره السياسي كان محدوداً بعكس الآخرين من أمثال حماس وحزب الله وجماعة الإخوان المسلمين بمصر». لقد دخل الرجلان، تروتسكي وأسامة بن لادن التاريخ، كلٌ بكسبه وعاشا سنواتهما الأخيرة منفيين مطلوبين، وانتهيا مقتولين. لقد قتلت الأول دولة كانت خلال الحرب الباردة هي القوة العظمى الثانية وكان اسمها الاتحاد السوفيتي، وقتلت الثاني دولة كانت ومازالت هي القوة العظمى الأولى في العالم، التي هي الولاياتالمتحدةالأمريكية.