حكايات أشبه بالأفلام البوليسية أو أفلام الآكشن.. قبل أن أدخل عرينهم.. وأسمع قصصهم.. ملابسهم شبيهة بما يرتديه راقصو (الهيب هوب).. تميزوا بطريقة خاصة فى حركتهم وحديثهم ومصطلحاتهم حتى صار البعض يقلدهم.. يجتمع مجموعة من الأشخاص يتراوح عددهم من خمسة إلى ثلاثين شخصاً كأقصى حد لتكوين عصابة مهمتها الاعتداء على ممتلكات وأرواح الناس لا يحملون معهم سوى أسلحة بيضاء تتمثل في سكاكين وسواطير، ورغم إمكاناتهم المحدودة مقارنة مع إمكانات الشرطة اللا محدودة أضحوا قادرين على نشر الرعب في قلوب الآخرين.. بعضهم قال إنهم جماعات منظمة تابعة لإحدى الحركات ومنهم من أكد أنهم غير ذلك فكثرت الأحاديث حولهم وتصدرت أخبارهم أولى مانشيتات الصحف الصادرة بالخرطوم.. أطلق عليهم اسم عصابات النيقرز.. وبينما أكدت الشرطة القبض على أكثر من 206 منهم ، معلنة أنها عصابات غير منظمة نفى وزير الداخلية وجود تلك العصابات، مشيراً إلى أنها كانت موجودة من قبل بعض أبناء الولايات الجنوبية ليقر تشريعي الخرطوم بوجودها، مما يجعلنا نطرح العديد من التساؤلات ما حقيقة تلك العصابات؟ وهل هي تابعة لإحدى التنظيمات السياسية أم لا؟ وإن كانت غير موجودة كما ذكر وزير الداخلية لماذا تم استدعاؤه في البرلمان للتحقيق حول تلك الظاهرة؟ بلاغ رقم (1) أوقفت الشرطة (22) متهماً من عصابة (النيقرز) بمنطقة سوبا، وذلك بعد خروجهم للشارع العام واعتراض طريق المواطنين. ويذكر أن العصابة المذكورة خرجت للطريق العام بأفرادها البالغ عددهم (60) شخصاً، وقاموا باعتراض طريق المواطنين والعربات لنهبهم، فأصابوا مواطناً مما أدى لتدخل الشرطة التي هرعت لمكان الحادث، حيث اشتبك معها أفراد العصابة وأصابوا أربعة من أفراد الشرطة، وتمكنت القوة من القبض على (22) شخصاً من العصابة فيما لاذ بقية المتهمين بالفرار. الجدير بالذكر أن هذه العصابة تقوم باعتراض طريق المواطنين ونهب ممتلكاتهم وتصيبهم بالأذى ومن ثم تلوذ بالفرار. بلاغ رقم (2) عاودت عصابات (النقرز) الاعتداءات على المواطنين بمنطقة السامراب بالخرطوم بحري مما أدى لإصابة اثنين من المواطنين في منطقة (أم ضريوة) جراء اعتداءات ليلية لمجموعة من الجنوبيين أمس الأول. وأبلغ أحد المواطنين في المنطقة أن مجموعة من الجنوبيين مسلحين بأسلحة بيضاء كانوا يستقلون عربة (هايس) قاموا باعتداء على أحد المساكن وتصدت لهم دورية حماية شكلها سكان الحي بعد تكرار الظاهرة، مبيناً تمكنهم من القبض على أحد أفراد العصابة وتسليمه للشرطة. تفاصيل الاعتداء على مواطن كغيري استنكرت أن تكون هنالك عصابات في السودان مهمتها خلق جو من الفوضى والرعب والقلق والإزعاج العام وترددت كثيراً في طرح هذا الموضوع على شاكلة تحقيق صحفي ولكن حدث ما أثار حفيظتي ودفعني لأبحث وأنقب عن الموضوع فدخل الموضوع صلب بيتي وألحق الأذى بأعز الناس إلى قلبي كان والدي أحد الذين تعرضوا للهجوم من قبل عصابة النيقرز فبدأ في سرد تفاصيل الحادثة قائلاً: كنت متجهاً بعربة من منطقة أمبدة لمنطقة الثورة 24 ومنها إلى ال29 حلايب في تمام الثامنة والنصف ليلاً وعندما وصلت إلى هنالك اتجهت بشارع ترابي فاعترضت طريقي ركشة بمتنها خمسة أشخاص، ثلاثة في المقعد الخلفي واثنان في المقعد الأمامي ولم أكثرث للأمر وواصلت طريقي فظلوا يلاحقونني فاعتقدت أنهم مسرعين للحاق بشيء ليس إلا ولسوء الحظ خاب ظني وكنت أنا من يبحثون عنه فاتجهوا مسرعين بذات الشارع حيث ساهمت مساحة الشارع وعدم اتساقه في سرعة اللحاق بي من قبل راكبي الركشة نسبة لانخفاض سرعة العربة البوكس فيه وحين اقتربوا مني همّ ثلاثة منهم بالصعود إلى ظهر العربة فكان أحدهم يحمل ساطوراً فهوي به على رأسي بعد أن كسر زجاج المقعد الأمامي ولكني وبحركة غريزية حميت رأسي بيدي مما أدي إلى إعاقة سير العربة وفي تلك الأثناء فقدت السيطرة على نفسي وعلى القيادة فانقلبت العربة واستطاع اثنان من أفراد العصابة الهرب من على متن البوكس بينما ظل ثالثهم مغشياً عليه تحت العربة التي انقلبت به فكان هنالك مركز للاتصالات خرجت منه ثلاثة من النساء طلبن المساعدة من رجال المنطقة فأتوا مسرعين واتصل أحدهم بالشرطة وبحمد الله لم أصب بشيء يذكر وإنما تضررت العربة التي كنت أقودها وتم القبض على ثالثهم وفتح بلاغ في قسم شرطة غرب الحارات وتم القبض على البقية من خلال الركشة التي كانوا يقودونها واتجهت أنا بدوري لإصلاح الضرر الذي لحق بالعربة دون أي تعريض. لقاء مع أفراد العصابة ترددت كثيراً في أن ألتقي بأحد أفراد عصابات النيقرز وأجري معه حواراً تفصيلياً عن طبيعة عملهم والأسباب والدوافع التي تجربهم للقيام بتلك الأعمال التخريبية والسرقات والاعتداءات، فالتقيت ب (ع.ع) لم يكمل سن العشرين التقيت به عن طريق أحد معارفي وأقنعته بالتحدث معي بصورة شخصية لا مهنية وفعلاً بدأ في سرد حكايته قائلاً: أسكن أمبدة توفي والدي قبل أن أراه، لي أربعة إخوة يكبرونني في السن ولكن لا يوجد ما يجمعني بهم، لم أستطع إكمال الدراسة فتوقفت عند الفصل الرابع نسبة للظروف المادية السيئة، ويواصل: تزوجت أمي بآخر وسكن معنا بالمنزل فقرر إخوتي بيع المنزل باعتباره ورثة حتى لا يسكنه غريب وكل منا يأخذ نصيبه فكانت فكرة جيدة ولكن سكت برهة ليقول: «أكلوني أخواني»، لم أر فلساً أحمر من الورثة في بيت أبي ورحلت مع أمي وزوجها حيث أمرتني بالخروج للعمل، وقالت لي: «تجي زول نوم بس». وعندها التقيت بمجموعة من الشباب وصرنا نلتقي بصورة يومية وعرفت أنهم يجمعون المال عن طريق الاختطاف والنهب فاستنكرت بداية أن أكون مع مثل هذه العصابات ولكن الحوجة كانت أقوى وغير ذلك قالوا لي إن هدفنا من ذلك ردع الفساد باعتبار أننا نستهدف أشخاصاً بعينهم يملكون مالاً كثيراً وغير مشروع بالإضافة إلى أننا لا نلجأ للقتل أبداً ولا اغتصاب الفتيات المحترمات وعن المواتر التي يركبونها قال هذه المواتر ليست ملكاً لنا وإنما نقوم باستئجارها من السوق الشعبي أمدرمان وطلبت منه أن أذهب معه إلى المكان الذي يتجمعون فيه فقال إن معظمهم يلتقون في منطقة سوق ليبيا بالقرب من (غندهار)، وفعلاً تحركنا فوراً إلى المنطقة المعنية ولكن تحسباً للظروف وقفت بعيداً فاستدعي لي أحدهم، كان منظره يوحي بالطيبة استنكرت أن يكون أحد أفراد عصابة أرهبت العديد من الناس فتحدثنا عن ما يكتب عنهم في الصحف اليومية والمجازر البشرية التي نشهدها مراراً وتكراراً بسببهم فأجابني بشيء لم أتوقعه قائلاً: «إحنا أولاد ناس الظروف خذلتنا».. فقلت له كيف؟ فذكر: «بنسمع كثير بقولوا العصابات بتنهب وتسرق في أي وقت وتقتل وتغتصب وتسرق عربات بس نحنا ما كده بنسرق حاجات بسيطة ونقسمة بيناتنا»، فقلت له: «إنتو عصابات منظمة ذي ما بقولو؟».. فأجاب: «لا ننتمي لأي حزب سياسي ولا نعرف معنى السياسة»، وواصل حديثه قائلاً: سمعنا بعصابات في مناطق أخرى في مدن العاصمة هي التي تقوم بكل ما ذكرته ولكنها بالتأكيد ليست من تلك المناطق.. فقلت له لماذا؟ أجابني: نحن مثلاً معروفين بأماكن سكننا وبعضنا أسرهم معروفة للجميع، ومنهم من يصفنا بالعطالة لهذا لا نفكر بالقيام بأي أعمال تخريبية كبيرة لأن أمرنا سينكشف بالإضافة إلى أن اللجان الشعبية بالحي تعرفنا جيداً وتربطنا بهم علاقة جيدة كأشخاص وليس كعصابات تناقضات الجهات الرسمية أكدت الشرطة أنه لا توجد عصابات منظمة بالبلاد بالإضافة إلى أنها ألقت القبض على أكثر من 206 من عصابات النيقرز خلال العام الماضي وتمت محاكمتهم ووصفت الظاهرة بأنها مجرد انفلاتات اجتماعية، وبجهة مغايرة تماماً أكد وزير الداخلية أن الخرطوم باتت مدينة هادئة ووادعة يمكن للمواطنين التجول بالحدائق العامة والشوارع حتى الساعات الأولى من الصباح، مشيراً إلى أن عصابات النيقرز كانت تمارس أنشطتها من قبل بعض أبناء الولايات الجنوبية القادمين من القاهرة، مؤكداً أن الشرطة تمكنت من حسمها بصورة نهائية، وقطع بعدم وجود جماعات مسلحة بالعاصمة كما يزعم البعض، وقال إنهم أجروا عمليات ميدانية خلصت إلى عدم وجودها بشكل منظم. ومن جهة أخرى تقدم أحد نواب البرلمان بطلب لرئاسة البرلمان يطالب فيه بمثول وزير الداخلية المهندس إبراهيم محمود حامد أمام البرلمان والرد على المسألة المستعجلة بشأن الاعتداءات على المواطنين من قبل ما يشبه العصابات بواسطة السلاح الأبيض (السواطير) في مناطق متفرقة من أنحاء العاصمة القومية. وأفادت متابعات (الأهرام اليوم) أن رئاسة البرلمان تسلمت المسألة المستعجلة من العضو وستنظر فيها ومن ثم يتم الرد عليها. المجلس التشريعي بالولاية (الأهرام اليوم) التقت بالأستاذ مطر العبيد مطر رئيس اللجنة القانونية بالمجلس التشريعي لولاية الخرطوم، حيث سبق أن قام بتكوين آلية من إدارة الشرطة والجهات الأمنية لمحاربة عصابات النيقرز بأطراف الولاية، حيث أكد تمركزهم في مناطق طرفية معينة، فتحدث لنا قائلاً: دورنا في المجلس هو دور تشريعي ورقابي يتمثل في مراقبة الأجهزة الأمنية والشرطية ولهذا كونا لجنة منذ شهر مهمتها القضاء على ظاهرة النيقرز التي انتشرت مؤخراً واضحت أشبه بالهواية، وخصوصاً أن أفراد العصابات هم في طور المراهقة. وأكد مطر أن تمركز تلك العصابات يكمن في مناطق شبه عشوائية، مشيراً إلى أن عدم التخطيط له أثر كبير في انتشار الجريمة، بالإضافة إلى أن العطالة والأمية والفقر كان لها دور فعال في تفشي الظاهرة. وواصل مطر قائلاً إن هذه الجماعات المنتشرة الآن هي جماعات غير منظمة وإنما ورثت من بعض الجنوبيين وبدأوا بتقليدها إضافة إلى أنه لا توجد مادة في القانون تعد رادعة لهم لذلك يعودون ويمارسون عملهم بصورة طبيعية. كما ناشد مطر الأسر بالتعاون مع الأجهزة الأمنية والشرطية باعتبار أن أغلب أفراد العصابات معروفون بالنسبة لسكان الحي، فلا بد من ضرورة الإبلاغ عنهم حتى تتم معاقبتهم، وخصوصاً أنهم يخرجون في الأمسيات فقط وبالتأكيد أن اللجان الشعبية بالأحياء على علم بهم. الداخلية تنفي وتؤكد وأكد مدير هيئة المباحث والأمن بالشرطة اللواء محمد الحافظ حسن، في وقت سابق ل(الأهرام اليوم) أنه تم القبض على مجموعات من النيقرز في بعض المناطق بالعاصمة، واصفاً الظاهرة بأنها مجرد انفلاتات اجتماعية تحدث بالمجتمع، كاشفاً عن إلقاء القبض على مجموعات من هذه العصابات بعد تسجيل عدد من البلاغات، مشيراً إلى أن الموقوفين سيتم عرضهم للمحاكم. وأكد أن المباحث ظلت تتابع وترصد النهج الإجرامي لهذه العصابات، ومضى يقول إن الشرطة ظلت وبالتعاون مع المجتمع ترصد كافة مظاهر الخروج على القانون، مشيراً إلى أنه لا توجد أنواع من الجريمة المنظمة بالبلاد، مشيراً إلى وجود تنسيق فعال بين الجهات المعنية في المباحث وأمن المجتمع والشرطة لاحتواء أي ظاهر اجتماعية غير مألوفة، واتخاذ التدابير، وذلك ما تم عند مواجهة بعض المظاهر السالبة بعض المناطق. وطالب الحافظ المواطنين بإبلاغ الشرطة حالة ظهور أي ممارسات خارجة عن المألوف. وأوضح الحافظ أنه تمت محاكمة أكثر من 206 من عصابات النيقرز، وكشف أن الولاية أعدت خطة للعام 2011 لتجفيف منابع الجريمة، خاصة المنظمة.