تضعهم الحكومات المتعاقبة منذ استقلال السودان في خانة «المخربين»، مهما كان فكرها، يمينياً أو يسارياً أو معتدلاً، فهم (عقارب وحيات) لا يمكن احتضانها أو الاحتفاء بها، لأنها حالاً ستلدغ، ولدغتها تدمر الاقتصاد الوطني.. هكذا وصف (عليان دولار) حال تجار العملة (الكيري) - وهو أحدهم - في عيون الدولة السودانية منذ نشأتها، فقد قابلته (الأهرام اليوم) بعد أن استوقفها عارضاً خدماته في صرف العملات «دولار، ريال، يورو، استرليني، فرنك و....» فسألناه عن عمله والأرباح التي يجنيها والمخاطر أيضاً. «عليان»، وهذا اسم جده الرابع أو الخامس، بعد أن تحفظ في أن يذكر اسمه في صحيفة على الملأ، أبان أنه يشتري ويبيع ما يفوق الألف دولار في اليوم، وأحياناً تأتيه «طفرات» ليصل من (20) إلى (50) ألف دولار، وأوضح أن متوسط دخله اليومي (مائة جنيه سوداني)، وأردف أنها بالكاد تغطي مصاريف بيته من زيت ولحم وفحم، وهاجم السلطات الاقتصادية ووصفها ب «المركِّزة» عليهم فقط - تجار العملة - وزاد بأن هذه الجهات منوط به حفظ أمن البلد في الاقتصاد حتى لا ينهار. وأردف أنها يجب أن تكافح التهريب والتهرب الضريبي وضرائب الإنتاج غير الصحيحة بالمصانع والشركات ولكنها تترك كل هؤلاء و«تقطع عيش» تجار العملة الذين لا يكلفون حتى شركة الخرطوم للنظافة شيئاً من الجهد والتعب. أما «كومار يورو» - وهذا اسم حركي لأحد باعة اليورو فقط - فقال ل «الأهرام اليوم» إنه يصطاد العاملين ببعثات الأممالمتحدة و«شوية» خواجات قادمين من دول الاتحاد الأوروبي، وزاد بأنه خريج ترجمة من جامعة مرموقة وعمل مترجماً لعشر سنوات، ولكن شقيقه خريج «الوسطى» أتى به لبيع العملة قبل سنوات فوجد ضالته فيها، وهو الآن يعلم جميع مداخلها ومخارجها، وأضاف أن الحكومة أفلحت في ترك الدولار واعتماد اليورو بديلاً عنه، ووصف الدولار بلوح الثلج الذي تتبدل ملامحه كل بضع دقائق حتى «يدق الدلجة»، وذكر أنه حدث أن تعرض لخسارة كادت أن تدخله السجن إثر انخفاض مفاجئ للدولار ولكنه عاد وارتفع بعد (72) ساعة، فتخلص منه ورد الأموال إلى أصحابها. فيما قال «الديناري» إنهم يعملون واجهة «لناس تقال جداً» وزاد: «وأصلو ما مكن يخطروا على بالك»، وأضاف أن «ناس الحكومة» يعرفونهم بالواحد ويستطيعون جمع تجار العملات في ساعة واحدة من أكبرهم إلى أصغرهم، وزاد: «ولكنهم غير قادرين على جمع متهربي الضرائب ومهربي البضائع بأنواعها والمزورين في ضرائب الإنتاج وكل العابثين بالاقتصاد الوطني». «الديناري» قال إنه إذا تم تعيينه مسؤولاً عن الاقتصاد فإنه قادر على نظافة البلد من «الرمتالا» في عشر دقائق، وأكد أن التجار يرفعون الأسعار بالاتفاق طمعاً في المال الوفير فقط وأنهم عديمو الضمير.