في الأسبوع الأول من يناير عام 2000 أغلق وزير خارجية قطر، الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني، باب الغرفة الخاصة بالدكتور حسن الترابي داخل منزله بضاحية المنشية، بعد قرار حل الرئيس البشير للمجلس الوطني وقرارات الرابع من رمضان. كانت ساعات الصباح الأولى تمضي والضيف القطري يدخل لوحده المنشية ليعرض الورقة القطرية حول خلافات الإسلاميين. وروى الشيخ يس عمر الإمام ل(الأهرام اليوم) أمس (الأربعاء) أنه اقتحم اللقاء آنذاك مع بقية القيادات الموالين للشيخ الترابي، بعد أن عرض الشيخ حمد الرغبة الأمريكية بتنحي الترابي عن الأمانة العامة للمؤتمر الوطني، بعد التغييرات التي أحدثها في القرن الأفريقي ودعمه للحركات الإسلامية. وأضاف الشيخ يس: «أبلغت وزير الخارجية القطري بأن الحركة الإسلامية في السودان لا تقبل بفرض الإملاءات عليها من واشنطن، فغضب مني الوزير ومنعني من الدخول إلى الدوحة، وعندما قبلت دعوة من مقدم برنامج الاتجاه المعاكس بقناة الجزيرة، فيصل قاسم، وتسلمت تذكرة سفر درجة أولى، أبلغتني القناة بأنه تعذر عليهم استخراج تأشيرة دخول لي إلى قطر، وكذلك أنا ممنوع من الدخول إلى الخليج». وكشف يس عن معلومات تنشر لأول مرة حول الدور القطري في ملف الإسلاميين، وقال إن الشيخ حمد ذكر: «يس لخبط علينا القصة كلها بعد أن كدنا نتفق مع الشيخ الترابي». وتنفرد (الأهرام اليوم) بنشر معلومات تاريخية تذاع لأول مرة عن هذا الملف، بعد عقد اجتماع شارك فيه أمير قطر، حمد بن خليفة، والدكتور الترابي، ومحمد الأمين خليفة، بحضور الشيخين يوسف القرضاوي وعبد المجيد الزنداني، وكان التمويه في الزيارة هو مخاطبة الجالية السودانية في ذكرى استقلال البلاد. لكن الشيخ الترابي قطع زيارته إلى قطر وعاد إلى الخرطوم، برفقة وزير الخارجية القطري الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني، المكلف بالوساطة. وذكر مصدر متخصص في قضايا الإسلاميين بالسودان، أن الشيخ حمد بن جاسم قام بزيارة خاطفة إلى القاهرة التقى من خلالها الرئيس المصري السابق حسني مبارك، ووزير خارجيته آنذاك عمرو موسى، الذي أوضح الرغبة المصرية المتطابقة مع الأمريكية: «أن يكون هناك رئيس واحد للسودان». وعلى الرغم من ذلك ظلت قطر تحتفظ بعلاقة خاصة مع الشيخ الترابي تُعزى إلى شخصية الرجل الذي يتمتع بمقدرات فكرية وقانونية عالية مكنته من «كتابة الدستور والاحتفاظ بالمستور». ويقول مصدر مطلع في الدوحة إن فندق الريتزكارلتون، شهد مجاملات اجتماعية بين الشيخ وتلاميذه السابقين من دون وضع اعتبار للأجندة السياسية، في ظل الأزمات التي يمر بها السودان. ويعود الشيخ الترابي من الدوحة صباح اليوم (الخميس) إلى الخرطوم.