لعلي هذه المرة أتناول موضوعاً من صميم تخصصي وذلك بسبب ورود رسائل عديدة من شباب في مقتبل العمر يعانون من مرض السكر وأحد مضاعفاته الخاصة بالجهاز العصبي والمتعلقة بضعف القدرة على الانتصاب وتأخر القذف. هذه المشكلة كنت دائماً أستمع إليها في عيادتي وأتناولها مع المرضى، كل حسب المسببات لديه، لكن حثني العديد من القراء الذين يعانون منها على أن أكتب عنها بصورة عامة حتى يستفيد منها من يعانيها ومن يهمه الأمر ومن أجل المعلومة الطبية بدءاً من الأسباب وطرق العلاج لأنها تتعلق بمستقبل الفرد وحياته الزوجية وتهم شريكة حياته أيضاً وفي الختام يصبح موضوعاً ثقافياً لا يختلف عن ما نتناوله هنا من مواضيع إنسانية. فليكن المدخل لهذا الموضوع هو الرسالة التالية وهي آخر الرسائل التي تلقيتها في هذا الشأن: «المحترم دوماً والأخ الأكبر معز عمر بخيت.. لا أريد أن أطيل عليك لعلمي بوقتك الغالي. لدي مشكلة شغلتني كثيراً وأنا متأكد أنها تشغل بال الآلاف مثلي. وأنا أكتب إليك أتمنى أن أجد منك ما يريح بالي فأنا شاب عمري 27 سنة، مصاب بمرض السكري منذ 10 سنوات. في البدء لم أهتم للموضوع كثيراً بحكم صغر السن ولكن الآن أنا مقبل على فترة جديدة في حياتي وأفكر تفكيراً جاداً في أن أتزوج، فقد لاحظت أنني أعاني بعض الشيء من ضعف في الانتصاب وتأخر في القذف. قابلت طبيب أمراض تناسلية وخرجت منه للأسف وأنا متعب نفسياً بما قاله، فقد ذكر لي أنك حتى ولو نظمت السكر فلا يمكن أن ترجع إلى ما كنت عليه. هل يمكنني أن أعيش حياتي الزوجية بصورة مستقرة؟ مع العلم أنني أشك في أنها حالة نفسية أكثر من عضوية. أنا الآن أسألك بحكم تخصصك ودرايتك بمثل هذا الموضوع. أرجو أن تفيدني على (الإيميل) وأن تكتب عنه كذلك بغرض الفائدة العامة، علما بأنني لم أقم بأي فحوصات معملية. وشكراً جزيلاً لك أخي وحبيبي معز عمر بخيت». بالتأكيد قمت بالرد عليه في ما يتعلق بمشكلته، حيث إن مرض السكري يؤثر في كثير من الحالات على الأعصاب الطرفية والأعصاب المستقلة كالتي تغذي الجهاز التناسلي وتؤدي للانتصاب بالإضافة للحالة النفسية التي تفاقم من الأمر، لكنني سأحاول هنا إلقاء الضوء أكثر على هذا الأمر حتى تعم الفائدة. يجب أن نفهم في البدء ما هو العجز الجنسي قبل الدخول إلى مسبباته المختلفة وعلاجه، خاصة في ما يتعلق بمرض السكري. يعرف العجز الجنسي بأنه عدم القدرة على الانتصاب بصفة كافية لأداء العملية الجنسية أو عدم القدرة على المحافظة على انتصاب كافٍ لاختراق المهبل. يحدث العجز الجنسي لدى حوالى 5% لمن هم في سن الأربعين ولدى حوالي 20% لمن بلغوا الخامسة والستين لكنه ليس مرتبطاً تماماً بتقدم العمر. أسباب العجز الجنسي مختلفة لكنها في معظم الأحيان مرتبطة بعوامل نفسية بالإضافة لعوامل عضوية تؤثر على مكونات الجهاز التناسلي كبعض الأمراض التي أصبحت شائعة بدرجة كبيرة مثل السكري والضغط وأمراض الأوعية الدموية مثل تصلب الشرايين وأمراض الكلى المزمنة وإدمان الخمر. يتم التشخيص أولاً بمعرفة تاريخ المرض، فمن المهم معرفة حدوثه إن كان فجاءةً أم بالتدريج وهل حدث في فترات متكررة أم كان عارضاً وهل في الأصل توجد رغبة جنسية أم لا وهل المريض يعاني من أحد الأمراض المسببة للضعف الجنسي؟ التشخيص الأولي يمكن أن يتم بواسطة المريض نفسه بمراقبة الانتصاب عند القيام من النوم فهو أول علامات الضعف الجنسي في حالة عدم حدوثه. بعد ذلك يأتي الكشف الطبي لملاحظة علامات الذكورة الثانوية والكشف على الأعضاء التناسلية والأعصاب والأوعية الدموية. ثم يتم القيام بتحليلات مخبرية للبول ولوظائف الكلى والكبد والغدد، وفي بعض الأحيان يمكن إجراء موجات صوتية لقياس ضخ الدم في العضو الذكري لمعرفة ما إذا كانت هناك مشاكل في الأوعية الدموية مع استخدام بعض الحقن والأصباغ. لا بد من التأكيد على أن علاج الضعف الجنسي أصبح متاحاً وأكثر سهولة برغم تكلفته العالية للبعض وهو كما ذكرنا ليس متعلقاً بتقدم العمر لأن الرجل حتى في ما بعد التسعين يمكنه القيام بالعملية الجنسية بنجاح إذا كانت صحته العامة مستقرة. مرحلة العلاج الأولى تبدأ بالعقاقير الطبية، خاصة بعد أن أحدث عقار الفياجرا ثورة طبية في علاج الوهن الجنسي. هذه العقاقير يجب أن تؤخذ تحت ظروف معينة وبإرشادات طبية تحدد جرعاتها وملاءمة المريض لها ووقت تناولها ومدة مفعولها. من أنواع العلاج المتاحة الأخرى هي الحقن بالقضيب وبعض اللبوسات وكلها ذات آثار فعالة، ثم أجهزة الشفط التي تعمل على سحب الدم إلى القضيب وهي تؤدي إلى انتصاب مقبول. عند فشل هذه الوسائل يصبح التدخل الجراحي علاجاً ناجعاً حيث يتم زرع جهاز انتصاب صناعي بجراحة تجميلية غير ملاحظة ولا تعرفها الزوجة إلا إذا اخبرها الزوج بأنه أجرى عملية جراحية. هناك أيضاً جراحة يتم خلالها إصلاح الأوردة التي تسرب الدم أثناء الانتصاب حتى لا يحدث ارتخاء أثناء الجماع أو جراحة لإصلاح الشرايين الضيقة أو التي بها انسداد وفي أحيان يتم استبدالها. قبل كل هذا وذاك يبقى العلاج النفسي له أهمية قصوى خاصة في حالة عدم وجود مرض عضوي وهو يهدف لإزالة التوتر النفسي وعلاج حالات الإحباط ويجب أن يتم بتفاهم بين الزوجين وهو أمر حيوي وهام في كل الأحوال. ونواصل.. مدخل للخروج: إني أحبك فاشهدي ألا صباح بغير شمسك.. لا شروقاً أو غروباً أو نهاراً أو مساء.. إني أحبك فاعلمي ألا فصولاً تستدير من الربيع إلى الشتاء.. إني أحبك فأدركي ألا حياة بغير مائك.. لا بحاراً أو سحاباً أو نجوماً أو سماء.. إني أحبك فانظري.. هذا امتداد الحب عندي.. دون حدٍ دون سدٍ دون بدءٍ و انتهاء..