بدا هادئاً واثقاً مرتباً رغم مضي أقل من ساعتين فقط على تتويجه رسمياً ملكاً على بلاط الشهادة السودانية، على غير توقعه، وزحام المهنئين الذين يتقدمهم والي الولاية وطاقم حكومته، هو «طه يعقوب إبراهيم» الحائز على المرتبة الأولى بنسبة (98.3%)، وهو نفسه الذي أعاد للتعليم في الولايات ألقه الخابي منذ سنين بعد أن هجرتها الأسر بحثاً عن تعليم رفيع يناله أبناؤها في العاصمة الخرطوم التي صارت قبلة لكل الناس. دون ضجيج أو إغماءات، استقبل «طه» نبأ نجاحه الباهر، لكن الدهشة فينا حاضرة، إذ أن كسلا اقتلعت من المركز (التاج الملكي) عن جدارة واستحقاق مستمدين من شموخ (التاكا) وعنفوان (القاش)، ليتزين به فلذة كبدها النابغة «طه» الذي لم ينل أحد غيره في كسلا هذا الشرف منذ عام 1972م، فضلاً عن أنه الطالب الذي يحرز لأول مرة هذه الدرجة في تاريخ الشهادة السودانية. يقول «طه» الذي هاتفته (الأهرام اليوم) إنه لم يتوقع إحراز نسبة (98.3%) ولا إحراز المركز الأول، وإن ما كان يتوقعه إحراز نسبة (96) أو (97%) لأنه، كما يقول، كان يعرف أن بعض إجاباته في امتحاني الرياضيات والعربي كانت خاطئة، لذا لم يتوقع هذه النسبة العالية، لكنه كان يتوقع أن يكون ضمن العشرة الأوائل!! وطه فخور وشديد الاعتزاز بأساتذته في مدرسة الاعتصام النموذجية، ويخصص الأستاذ حمزة عباس مدرس الرياضيات والحاسوب، والأستاذة عوضية زايد مدرسة الكيمياء، ويرغب في كلية الهندسة جامعة الخرطوم، لكنه لا يعلم إلى أي قسم سينتسب رغم اهتمامه بالهندسة الكهربائية. ولكسلا موقع خاص في قلب طه، فقد قال ل(الأهرام اليوم): «مدينة لا أستطيع وصفها فأنا أدرس بها منذ العام الدراسي الثاني بالمرحلة الابتدائية ولم أفارقها إلا عندما درست العام الدراسي الثاني في المرحلة الثانوية بمدينة مدني ومن خلال دراستي في مدني (عرفت الفرق) في كسلا الاهتمام أكثر من قبل المعلمين وذاك الاهتمام مكنني من إحراز المركز الأول أيضاً في امتحانات مرحلة الأساس». وغير الدراسة والتحصيل الأكاديمي، يشارك طه أحياناً في برنامج دنيا الحلوين بتلفزيون كسلا، وعصافير الجنة بإذاعة الولاية، وهو «هلالابي» ولاعبه المفضل البرنس هيثم مصطفى. وينصح طه الطلاب الممتحنين في الشهادة السودانية في مقبل السنين، بالاهتمام بمادتي اللغة العربية والتربية الإسلامية وعدم البحث عن الأسئلة الصعبة منذ بداية العام الدراسي خصوصاً تلك الموجودة في امتحانات الثمانينيات وبداية التسعينيات لأنها معقدة وبعضها خارج المقرر والطالب يكون في بداية العام وغير ملم بكل المقرر وهذه ليست نوعاً من الشطارة (أما الباقي كلو هين). يعمل والد طه موظفاً بصندوق تنمية المجتمع، ووالدته موظفة في منظمة إيفاد بجانب شقيقين هو اوسطهما.