{ قرَّاء (الأهرام اليوم) الأعزاء، نلتقي ونحن في آخر جمعة قبل حلول شهر رمضان المعظم، أعاده الله علينا وعليكم بالخير واليمن والبركات، وجعلنا من المقبولين فيه. { خاطرتي هذا الأسبوع عن موقف مرَّ بي قبل فترة.. ذات ليلة صيف قائظ الحرارة، عندما اتصل بي أحد الأقارب وهو في أشد الانزعاج، وهو يطلب مني المشورة - (طبعاً ليست الشعبية) - في موضوع وأمر جلل.. وهو أن ابنه البكر صارت لديه صديقة (جنيَّة) بارعة الحسن والجمال والدلال..!! وأنه صار لا ينام الليل من شدة الوجد والهوى ولوعة الهيام.. وصار - أي ابنه - دائم الكلام مع تلك (الجنيَّة) طول الليل وبصوت مسموع مما أزعج الجيران وجعلهم يسمعون رغماً عنهم كلمات من نوع المسكوت عنه، التي تجعل الآباء والأمهات يتوارون من سوء ما سمعوا من ذلك الابن العاشق.. وتللك (الجنيَّة) الحسناء التي شغف بها حباً..! { بعد سماعي لتلك القصة شعرت ببعض البرودة، حتى انتابني شعور بأننكي في (الإسكيمو) وليس في أم درمان، ولكنني سرعان ما تمالكت رباطة جأشي وطلبت منه تحديد مواعيد لزيارتهم في المنزل للتعرف على الموضوع بصورة أفضل ومحاولة الالتقاء بتلك (الجنيَّة) الفاتنة..! { عند اقتراب الموعد المحدد تمثلت بقول الشاعر الكبير الهادي آدم: أغداً ألقاك .. يا خوف فؤادي من غد.. يا لشوقي واحتراقي .. في انتظار الموعد). ثم ذهبت إلى منزلهم، وعند وصولي إلى الباب انتابني هاجس بالرجوع من شاكلة (أبعد من الشر وغنِّيلو) و(الخوّاف ربَّى عيالو).. وأنا على تلك الحالة فإذا بالباب يفتح وصوت قريبي يأتي مرحباً بي: (إزيّك يا دكتور).. وعندها لم يكن هناك مجال للرجوع، وصار لزاماً عليّ أن أقابل تلك (الجنيَّة) وجهاً لوجه.. واستمعت لابنه الذي ذكر لي أنها (جنيّة هولنديَّة)..! تعرَّف عليها صدفة ومن ثم قامت بينهما علاقة الحب النبيل.. وأنه ينوي الزواج منها، ولكن المشكلة تتمثل في أنها تنوي الإقامة في (أمستردام) وهو يصر على الإقامة في أم درمان..! وذلك الخلاف جعله في حالة نفاش دائم معها بالصوت المسموع. { وليؤكد (عاشق الجنيَّة) حديثه طلب مني البقاء لبعض الوقت إلى حين حضورها.. وفعلا انتظرنا، وبعدها غاب (عاشق الجنيَّة) عنا لبعض الوقت، ثم حضر وهو يشير إلى الجدار ويضحك ويتحدث بصوت مسوع، ولكن لم نلاحظ أي أثر ل (جنيَّة) ولا يحزنون.. وعندما نظرت إليه وجدت احمراراً في عينيه، وبعدها تأكدت من أن هذا العاشق الولهان ما هو إلا من متعاطي (البنقو).. وقمت بعدها بمعالجته من ذلك، والحمد لله، وأصبح ينام هو والأهل و(ناس الحلة) في سلام. والطريف أنه، وإلى الآن، كلما نلتقي من فترة لأخرى يداعبني قائلاً: (ربّنا يسامحك يا د. علي.. والله كانت مونِّساني وماليه عليَّ وقتي)..!! ورمضان كريم