في هذا الشهر الكريم تطل علينا قنوات فضائية جديدة، تبث تردداتها لأول مرة، كما تعود قنوات كانت قد توقفت عن البث. والمشاهد السوداني أصبح في حيرة من أمره بسبب الاختيارات الصعبة في ظل تدفق فضائي سوداني بحت. من ضمنها قناة هارموني التي أصابتها لعنة التوقفات المتتالية، مما خلق هاجساً للمتلقي، وقناة أم درمان تطل برؤية جديدة تسندها أفكار صحافي متمكن مثل حسين خوجلي، وهنالك قناة الخرطوم التي نقلت بثها المحلي إلى فضاء العالم في مغامرة جريئة.. كل هذه التداعيات جعلتنا نركض خلف أصحاب القنوات لنعرف التفاصيل أكثر وأكثر..! { وفي البداية التقينا بصاحب الريادة في هذا المجال.. - الأستاذ معتصم الجعيلي الذي عصفت بطموحه التغييرات والتبريرات، جلسنا إليه ليحدثنا عن رحلة العودة بعد إيقاف دام ثمانية شهور.. فقال.. نحن بدأنا في 15 مارس 2007م وقدمنا أربعاً من السنوات على الهواء ثم توقفنا ثلاث مرات ويعود الإيقاف لأسباب فنية ومالية، منها تغير القمر الصناعي ولكن الأهم من ذلك أننا عدنا وفي معيتنا التجارب السابقة بكل قصورها، وهارموني ستعود بثوب جديد وتكاد تكون القناة الوحيدة في السودان من نوعها، بمعنى أن كل القنوات أو بعضها، إما قنوات حكومية أو شبه حكومية، ولها ارتباطات بكيانات أو منظمات أو جهات اعتبارية وإنما تقوم هذه القناة على عاتقي لوحدي.. ولو لا خبرتي الخاصة في العمل التلفزيوني ومعرفتي العالية في التقنية و«الإخراج» وعمل «الجرافيك» و«المونتاج» لما استطاعت هذه القناة أن تصمد لحظة واحدة.. كما أن إمكانياتي تؤهلني لأن أعمل قناة في «الخلاء» لو أمتلك «لاب توب»، باعتبار أنني درست بإنجلترا المونتاج وفن العمل التلفزيوني بلندن.. وأعد المشاهد الكريم إن شاء الله بأننا لن نتوقف رغم الإمكانات والمعوقات والعراقيل وأقول بكل أمانة إن صناعة قناة ليست بالأمر الساهل، والمشاهد ما زال ينتظر بشوق قناة هارموني وذلك عبر سيل من المكالمات الهاتفية والرسائل الإلكترونية التي تأتي إليّ. ومن البرامج التي أعددناها لشهر رمضان ابتداءً من اليوم برامج مختلفة ومنوعة مثل «بنات حواء» الجزء الثاني وهو من تقديم الأستاذة «أم وضاح» وإعداد الزميل الأستاذ أمير أحمد السيد الذي كان منتجاً ومنفذاً له، ومن إخراج إمام حسن إمام وتعتمد فكرته على استضافة رموز نسائية قدمت الكثير في مجالات الحياة المختلفة، ومن ضيوفه الأستاذة سناء حمد وزيرة الدولة بوزارة الإعلام والأستاذة مريم الصادق المهدي ود. جميلة الجميعابي وكثيرات غيرهن سيظهرن على الشاشة طيلة الثلاثين يوماً. { أما مفاجأتنا الكبرى فهو برنامج «30 دقيقة» من إخراجي وتقديم تريزا شاكر وإعداد الزميل الأستاذ ياسر عركي، هذا البرمج لما يمتاز به من جرأة وطرح سيعيد النظر في الشفافية والوضوح واستضفنا فيه مجموعة طيبة من الإعلاميين وكبار الصحافيين وشرائح مختلفة من نجوم الفن والمجتمع أمثال إسحاق أحمد فضل الله، سعد الدين إبراهيم، د. الفاتح حسين وإسحاق الحلنقي وغيرهم وأعتقد أنه سيثير جدلاً في الأوساط الفنية، فهو الأول من نوعه. وهنالك بعض البرامج والسهرات المتنوعة والدراما الخفيفة مثل «نكتة كل يوم» لأسامة جنكيز. والتردد على الرقم «10930» عربسات وسوف تكون هارموني إطلالة مريحة للمشاهد لأنها قناة كل السودانيين. { والتقينا بالأستاذ حسين خوجلي مدير قناة «أم درمان» وهي قناة وليدة تمثل رهاناً كبيراً في مجال البث الفضائي.. والأستاذ حسين يملك أفكاراً متجددة يحاول أن يصيغها على الهواء وابتدر حديثه معنا قائلاً: «قناة أم درمان» هي قناة كل الصحافيين أو «صحيفة على الهواء»، استفادت من تراكم خبرات الصحافيين وبلورتها على الفضاء الواسع، وقال أيضاً إنه ظل يجهز لهذه القناة منذ الثمانينيات من القرن الماضي لإيمانه بأن الشعب السوداني يتطلع إلى قناة ترضي طموحه، وأم درمان تمثل السودان بكل ألسنته وأعراقه، وتمثل المعتدل من أفكارنا المقترحة بلا تفريط أو إخلال بالقيم فكراً وشعراً وفناً وسياسة وهي تعبر عن السودان المفتوح وليس المغلق لأنها تعنى بالحرية والجمال. وهي تحالف يمثل مشروعاً إعلامياً ناجحاً لا تقف وراءه حكومة ولا رجال أعمال ولا أحزاب، وأم درمان هي رمز للشعب السوداني ولا ترتبط بالمكان لأنها أول عاصمة وطنية في السودان، والدليل على ذلك مقرنا بالخرطوم شرق. ولقد راهنت على الشباب في اجتياز المنعطف للاستفادة من طاقاتهم المتفجرة.. واستطعنا أن نبني أربعة استديوهات رقمية تحمل أسماء؛ عثمان حسين، وإسماعيل حسن وحد الزين وبرعي محمد دفع الله ود. أبو بكر عوض، وهنالك استديو مفتوح باسم التجاني يوسف بشير في دلالة على احتفائها بالرموز الفنية والثقافية، واستطعنا أن نستجلب بعض الصحافيين كعنصر أساسي في هذه القناة مثل الهندي عز الدين وضياء الدين بلال والصادق الرزيقي وخالد ساتي ونادية عثمان مختار ومشاعر عبدالكريم. ويضيف حسين: الريادة كانت في هارموني وانطلاقة رمضان أحمد السيد في قوون تعني الشجاعة والتحدي وهما من الأسباب الرئيسة التي جعلتني أغامر بانطلاقة قناة أم درمان. والقنوات تحتاج إلى صرف خيالي حتى تضمن استمراريتها «ولو كنت أعلم أن البحر عميقاً لما أبحرت». ولكن الرغبة والعزيمة والبحث عن محاولة لإسعاد الجمهور الموجوع جعلتنا نخوض الطريق ولا نبالي، ومن برامج القناة التي أعددناها في رمضان هذه أهم ملامحها.. برنامج «صبايا أمدر» من إعداد أميمة عبدالله - وأم درمان اليوم» وتلفت القلب والكاميرا الوفية و«فرسان ودراويش» من تقديم السيد الوزير السموأل خلف الله.. توقعات و«مطر الألوان» لحسين خوجلي وعلي وين ويوم الزيارة وكرة العصر وعلى النجيلة جلسنا و«قهوة النشاط» والحبيب العائد، وغيرها وهي على التردد «115957» عامودي نايل سات. أما قناة الخرطوم فكانت بدايتها على النطاق المحلي في حدود ولاية الخرطوم ولكن رأت هذه المرة أن تمد بثها في شهر رمضان ليكون فضائياً، وهي تجربة جديدة على هذه القناة ولكن بحكم تجربتها السابقة في النطاق المحلي فإن فرصة نجاحها تبدو مضمونة، خصوصاً إذا حاولت أن تخرج من دوامة الرتابة والتقليد الأجوف. والتقينا بالأستاذ الصحافي عابد سيد أحمد مدير القناة الذي أكد أن القناة بدأت فعلياً في البث التجريبي الفضائي يوم الأربعاء الماضي 27/7 وإن شاء الله سنقدم للمشاهد برامجاً تلبي أشواقه وراعينا في ذلك التنوع والطموح والتناول، وخصوصاً نحن لدينا خبرة سابقة على نطاق البث المحلي، وحقيقة إن النقلة من المحلية للعالمية صاحبتها تحديات كبيرة ورغبة في تقديم خدمة تلفزيونية تغطي شريحة كبيرة من إنسان الولاية والمجتمع ككل.. وسيستمر البث التجريبي الذي تتخلله بعض برامج المنوعات الرمضانية لمدة أربع ساعات في الإنتاج، وهنالك مفاجآت أخرى.. بدايتنا الحقيقية إن شاء الله في أول أيام العيد بأكثر جدية لأننا أعددنا للمشاهد برامج وسهرات كثيرة سترضي أذواق الجميع، وتابعونا على نايل سات التردد 11555. هذه قنواتنا الفضائية التي أرادت أن تعلن عن وجودها بقوة في ظل سباق فضائي محموم.. فهل ستكسب الرهان في هذا التحدي الكبير؟!.. الأيام ستكشف عن ذلك ونتمنى من المشاهد الكريم أن يحظى بمادة دسمة تناسب عظمة هذا الشهر المبارك.