{ يومان قد مرَّا، مُرٌ مذاق الفرح بلا عينيك الساحرتين.. نجمين قد خرَّا بعيداً بعد أن نال الزمان نصيبه من ضوئهما.. اغتسل ظلام الليل من سوءاته بين جدرانهما وانتفض مذعوراً حينما أدرك وجودي بعد أن غابت عيناك. { خارت القوى يا رفيق الدرب، واتسخ الورق الأبيض الذي تركناه لمقبل الأيام بلوْعة الفراق. { انتهى العهد هنا.. ألم أعاهدك أنني لن أذكِّرك بي قط؟! سأخرج عليك تملأني الذكريات وتحتشد أمام ناظريَّ كل ثانية من ثواني العمر كنا فيها في رحاب الحلم اليافع معاً.. { لا وعد بعد الآن.. أن ننسى، فكم مُرٌّ هو النسيان.. مرهق هو هذا الإحساس، ولو كان بمقدور الإنسان أن يستدعيه متى ما شاء وكيفما شاء، لما كان سبباً لرفع الكُلْفة عن بني آدم، ولما سُمي الإنسان.. إنساناً. { هكذا تعلمنا وهكذا ترعرعنا على الحقيقة المترعة بالصبر القاسي.. { عُمران قد سُلبا مني وأنا أقف بين الدهشة والذهول.. ما طرق الباب طارق إلا وظننت أنك بعثت بالشوق رسول صُلْح حكيم.. { ما تداعت الذكريات إلا وازداد خفق القلب منتظراً قدومك من صميمه.. { ما هزّت الريح العتيَّة جذعاً إلا وتوقعت أن تُساقط عليَّ الريح رطباً من الصبر جنيَّاً. { فلِمَ انتبذت مكانة قصوى من العهد القديم، لِمَ ادَّعيت النوم حين أتاك أطفال القصائد يسألونك حقهم في الفرح والصمت البريء؟ { بأيِّ حقٍّ يا صفيَّ الروح.. تسألني الرحيل؟! أنا ما استأذنتُ أحداً حينما تشبَّعت بك حتى التخمة.. ولا نظرتُ خلفي حينما أعدَّدتُ لرحلة العمر الطويلة خلف قلبك.. ما طلبتُ الناس شيئاً حين جئتك.. بل أتيتُ بمحض إرادتي ونزعتُ عندك ثوب عافيتي.. وستر مقاطعي.. فبِمَ أعود؟! ولِمَ أعود؟! { أأعود والآلام تسكن مهجتي قسراً وتنبش في عميق الجرح خاطرها.. وتعتزم الإقامة مطلقاً، والقلب عندك، وآليات الدفاع التي تخصني تركتها خلف زاوية من زواياك المظلمة، ومقاطعي الولهى تصِّعر خدها للناس تنبذ المكوث على مراكب صمتي النائي وتهجرني؟!{ تصيح بكل ناحية على المارين أنّي لست إلا طفلة تركت بمعصمك اليمين كتابها، والحزن مدرسة، والأقدار «ناظرها» الذي ترتاع منه هذي القلوب الواجفات!! { مهلاً.. ترفّق سيدي، واكذب عليَّ وقُل أُحبكِ كي أعود إلى الحياة، فأنا مدادٌ غُلّقت شفتاه في حلق الغياب.. واستباح يديه دفتر عاشق ما عاد.. بعد.