مجدداً تم تعينه مساعداً لرئيس الجمهورية، لم يكن أحد يتوقع شيئاً ًغير ذلك ولكن موت الدهشة في عيون الرجل أجبر الملتفين حوله ساعة إعلان القرار للتساؤل، هل أنت سعيد بالقرار؟ فأسر للبعض بأن مزاحمة المساعدين قد تضعف من موقفه داخل القصر وربما تهتز صورته كرمز وسط الجماهير البجاوية الطامحة، سيما وأن الأغنية الشهيرة التي يترنم بها الفنان محمد البدري هذه الأيام في سهول الشرق مسته بطرف عتاب، وفور إعلان القرار دخل موسى في اجتماع مع مؤتمر البجا استمر حتى قبل صلاة العشاء بقليل. } موسى محمد أحمد (46) عاماً، ذلك الرجل النحيل بمزاجه الشرقاوي، في بداية الستينيات كان طفلاً يطارد الطيور في شوارع كسلا، ومنذ أن أكمل الثانوي العام في ذات المدينة ودرس الخلوة في همشكوريب حمل أشواقه وهاجر إلى إرتيريا ومن ثم التحق بالكلية الحربية الإريترية وتخرج فيها برتبة (النقيب) لينضم مباشرة لمؤتمر البجا ويصبح نائباً للقائد العام قبل أن يتولى مهمة القيادة رسمياً بعيد ذلك ويعمل على (تسخين) الجبهة الشرقية، في ذلك الوقت كان مؤتمر البجا فصيلاً مقاتلاً في صفوف التجمع الوطني الديمقراطي، وقد حظي الرجل بمحبة وسط أهله الهندندوة وطاعة وسط جنوده الذين تتقاسمهم المهاجر بالرغم من أنه ظل على الدوام يحرص على الوجود بينهم ويقتسم زاده وراتبه مع المسرحين حتى بعد أن أصبح مساعداً لرئيس الجمهورية. } تميز موسى وسط أقرانه بحس استخباراتي عالي وهدوء وصمت ينزعان به أحيانا إلى درجة التصوف والرهبنة، يتحدث عنه معارفه بأنه متدين جداً وكريم يفضل الصمت والتحديق كثيراً لفترات تتطاول أحياناً، وفوق ذلك يتقن استعمال القرارات والحكمة. } تزوج موسى من ذات قبيلته وأنجب طفلين (بنت وولد)، ومنذ أن تم توقيع اتفاقية الشرق برعاية من الرئيس الإريتري أسياس أفورقي في العام (2006)، وتم إسناد موقع مساعد الرئيس له، بدأت تتنازعه الهموم والمشاغل خصوصاً بعيد أن ضربت الانشقاقات مؤتمر البجا فسارع بطرح مبادرة (مؤتمر الحوار الجامع لأهل الشرق) لاحتواء الخلافات التي تفجرت ومايزت الصفوف. } قبل اتفاقية الشرق بفترة بعيدة زار موسى الخرطوم مرتين كانت إحداهما للمشاركة في الدورة المدرسية ضمن مجموعة من زملائه الطلاب في مجموعة فنية تعرض فنون الشرق وتراثه، ودخلها كذلك بعد توقيعه لاتفاقية أسمرا. يقترن اسمه بعدة صفات «زعيم مؤتمر البجا، رئيس جبهة الشرق، ومساعد رئيس الجمهورية» ورئيس اللجنة القومية لدعم المدينة الرياضية، ليصبح رقماً بارزاً في المشهد السياسي السوداني. } فوق ذلك تربطه صلة خاصة جداً بالأمين السياسي للمؤتمر الوطني الدكتور قطبي المهدي، فعندما دخل ملف الشرق مرحلة التسخين قبل شهور، تململ مساعد الرئيس في مقعده إلا أن المؤتمر الوطني بعث له بقطبي للتفاوض معه حتى أصبح صديقه الأبرز، وقد طمأنه قطبي بأنه سيظل في موقعه مساعداً للرئيس وأن المؤتمر الوطني متمسك باتفاقية الشرق وإن كان موسى لم يفصح عن رضاه العام. } على الرغم من أن الرجل هو رئيس صندوق إعمار الشرق الذي يضم ثلاث ولايات إلا أنه ظل رئيساً شرفياً وغير ممسك بالقرار الاقتصادي والسياسي، والآن بعد كل تلك السنوات هل سيصبح الرجل مساعداً بلا صلاحيات أم يتطور دوره بعد أن أستوى مجدداً بين جدران القصر الجمهوري.