"بسبب تزايد خطف النساء".. دعوى قضائية لإلغاء ترخيص شركتي "أوبر" و"كريم" في مصر    تعادل الزيتونة والنصر بود الكبير    تقارير تفيد بشجار "قبيح" بين مبابي والخليفي في "حديقة الأمراء"    أموال المريخ متى يفك الحظر عنها؟؟    المريخ يكسب تجربة السكة حديد بثنائية    شاهد بالفيديو.. "جيش واحد شعب واحد" تظاهرة ليلية في مدينة الفاشر بولاية شمال دارفور    لأهلي في الجزيرة    مدير عام قوات الدفاع المدني : قواتنا تقوم بعمليات تطهير لنواقل الامراض ونقل الجثث بأم درمان    قطر والقروش مطر.. في ناس أكلو كترت عدس ما أكلو في حياتهم كلها في السودان    تامر حسني يمازح باسم سمرة فى أول يوم من تصوير فيلم "ري ستارت"    وزير الخارجية : لا نمانع عودة مباحثات جدة وملتزمون بذلك    شاهد بالصورة والفيديو.. المودل آية أفرو تكشف ساقيها بشكل كامل وتستعرض جمالها ونظافة جسمها خلال جلسة "باديكير"    شاهد بالصورة.. حسناء السوشيال ميديا "لوشي" تنعي جوان الخطيب بعبارات مؤثرة: (حمودي دا حته من قلبي وياريت لو بتعرفوه زي ما أنا بعرفه ولا بتشوفوه بعيوني.. البعملو في السر مازي الظاهر ليكم)    شركة "أوبر" تعلق على حادثة الاعتداء في مصر    معظمهم نساء وأطفال 35 ألف قتيل : منظمة الصحة العالمية تحسم عدد القتلى في غزة    قرار بانهاء تكليف مفوض العون الانساني    عضو مجلس السيادة مساعد القائد العام الفريق إبراهيم جابر يطلع على الخطة التاشيرية للموسم الزراعي بولاية القضارف    عقار يؤكد سعي الحكومة وحرصها على إيصال المساعدات الإنسانية    بالفيديو.. شاهد اللحظات الأخيرة من حياة نجم السوشيال ميديا السوداني الراحل جوان الخطيب.. ظهر في "لايف" مع صديقته "أميرة" وكشف لها عن مرضه الذي كان سبباً في وفاته بعد ساعات    حتي لا يصبح جوان الخطيبي قدوة    5 طرق للتخلص من "إدمان" الخلوي في السرير    الكشف عن سلامةكافة بيانات ومعلومات صندوق الإسكان    هل يرد رونالدو صفعة الديربي لميتروفيتش؟    لاعب برشلونة السابق يحتال على ناديه    محمد وداعة يكتب:    عالم «حافة الهاوية»    انتخابات تشاد.. صاحب المركز الثاني يطعن على النتائج    انعقاد ورشة عمل لتأهيل القطاع الصناعي في السودان بالقاهرة    أسامه عبدالماجد: هدية الى جبريل و(القحاتة)    السودان..اعتقالات جديدة بأمر الخلية الأمنية    شاهد بالصور.. (بشريات العودة) لاعبو المريخ يؤدون صلاة الجمعة بمسجد النادي بحي العرضة بأم درمان    سعر الدولار مقابل الجنيه السوداني في بنك الخرطوم ليوم الأحد    "المايونيز" وراء التسمم الجماعي بأحد مطاعم الرياض    السيسي: لدينا خطة كبيرة لتطوير مساجد آل البيت    محمد وداعة يكتب: ميثاق السودان ..الاقتصاد و معاش الناس    تأهب في السعودية بسبب مرض خطير    باحث مصري: قصة موسى والبحر خاطئة والنبي إدريس هو أوزوريس    أصحاب هواتف آيفون يواجهون مشاكل مع حساب آبل    الفيلم السوداني وداعا جوليا يفتتح مهرجان مالمو للسينما في السويد    بنقرة واحدة صار بإمكانك تحويل أي نص إلى فيديو.. تعرف إلى Vidu    كيف يُسهم الشخير في فقدان الأسنان؟    روضة الحاج: فأنا أحبكَ سيَّدي مذ لم أكُنْ حُبَّاً تخلَّلَ فيَّ كلَّ خليةٍ مذ كنتُ حتى ساعتي يتخلَّلُ!    هنيدي ومحمد رمضان ويوسف الشريف في عزاء والدة كريم عبد العزيز    أسترازينيكا تبدأ سحب لقاح كوفيد-19 عالمياً    القبض على الخادمة السودانية التي تعدت على الصغيرة أثناء صراخها بالتجمع    الصحة العالمية: نصف مستشفيات السودان خارج الخدمة    تنكُر يوقع هارباً في قبضة الشرطة بفلوريدا – صورة    معتصم اقرع: حرمة الموت وحقوق الجسد الحي    يس علي يس يكتب: السودان في قلب الإمارات..!!    يسرقان مجوهرات امرأة في وضح النهار بالتنويم المغناطيسي    وزير الداخلية المكلف يقف ميدانياً على إنجازات دائرة مكافحة التهريب بعطبرة بضبطها أسلحة وأدوية ومواد غذائية متنوعة ومخلفات تعدين    بعد عام من تهجير السكان.. كيف تبدو الخرطوم؟!    العقاد والمسيح والحب    بيان جديد لشركة كهرباء السودان    أمس حبيت راسك!    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



على الدرب مع طلحة جبريل في تشريح الراهن السياسي السوداني 2-2
نشر في الأهرام اليوم يوم 16 - 04 - 2012

لطلحة جبريل أكثر من سلطة في أوساط من عرفوه مباشرة، أو قراءة: سلطة معرفية يعترف له بها الخصوم قبل الأصدقاء، وجاذبية ساحرة في قلمه تجري وراء إغرائها القلوب والأفئدة، وسلطة أخلاقية حولته إلى ضمير جيل ومرحلة. وكم ستكون مهمتك بالغة الصعوبة، لو أنك بحثت عن تصنيف مُحدد لطلحة. رجل له بسطة في الفكر والحضور تتسع على جميع الأيديولوجيات، يمكنك أن تصفه بأنه (وسيط مسؤول). هو خلو من ادعاء إنقاذ البشرية وتخليصها، ولا ينتظر أن ينقذه أحد، يتصرف بوصفه مسؤولاً عن نفسه، يحاول الاحتفاظ باستقلالية متينة حال كونه صحافياً ملتزماً بدوره كوسيط مسؤول لا وصياً متعالياً. لم يهبط يوماً إلى لغة الأيديولوجيات والتبرير، لكنه ما ساوم أبداً على ما حسبه في جملة المبادئ، حين يقول: أنا ضد الشمولية أينما وجدت. قال كل شيء في حوار مقتضب مع (الأهرام اليوم)، ناقش فيه مسائل عدة يوحي ما قاله عنها بأنه قال فيها (كل شيء). لكن كان في جعبته الكثير مما يقوله في أحوال زماننا، ومما ليس يقوى غيره على قوله بمعايير الكفاءة والاقتدار وبمعايير الشجاعة التي لا تعدلها في قول الحق شجاعة قلم في هذي البلاد.
} البعض يستشرف الأمور في الساحة السياسيّة بمقولة فحواها أنّ مستقبل البلاد يحتاج إلى (ودّاعية).. إلى أيّ مدى تتفق مع هذا الرأي؟
- ليس لهذه الدرجة، الأمور واضحة جداً، يا سيّدي الفاضل هؤلاء الناس يجب أن يعرفوا أنّهم مجرد تيار داخل المجتمع، ومقبولون - من يرفعون شعار الإسلام السياسي هذا - ومن حقّهم، وأنا كتبت مقالاً واضحاً جداً قلت فيه إن الإسلاميين لا بد أن يكونوا جزءاً من المشهد السياسي المقبل حتى في إطار دولة المؤسسات، لا يوجد عزل، لكنهم يجب أن يقتنعوا بهذا الموضوع، هم مجرّد تيار، لو صبروا قليلاً في ظل الديموقراطية الثالثة ربّما وصلوا إلى الحكم بدون انقلاب لأنهم كانوا القوة الثالثة في البلاد، لا يمكن أن يحتكروا السلطة والثروة طوال (23) عاماً ويريدون أن يقنعونا بأنّهم مقبولون، هذا احتكار، هذا نظام شمولي مهما قالوا، لماذا لا يناقشون أنفسهم بهذا المنطق؟! نرجو أن يصلوا إلى هذا الاقتناع؛ بأنّهم تيار من بين التيارات داخل المجتمع السوداني المتعدّد. في الوقت الراهن، لا توجد معارضة تحمل سلاحاً، ولا توجد معارضة تتآمر للاستيلاء على السلطة بليل، كل هذا الناس تركوه، قالوا دعونا نتناقش بنوع من الحرية والديموقراطية. أنا لن أتآمر عليك، فليكفوا أن يتآمروا على هذا الوطن. صحيح أنّنا يجب أن لا نكون حالمين وشعراء، بالتنازل عن السلطة، لأنه لن يكون أمراً سهلاً، لكن أمامنا تجارب في عدد من الدول، دعني أعطي مثالاً بإسبانيا والبرتغال اللتين شهدتا أفظع ديكتاتوريتين فظيعتين، ونظامين شموليين (فرانكو وسرازار) وأنا واكبتهما عن قرب وليس كصحفي، مجتمع قرّر أنه آن الأوان يا (فرانكو) أن تتنازل عن السلطة، جاء شاب صغير جداً عمره (39) عاماً من المنفى اسمه (فليبي غونتاليس) وقاد عملية التغيير الديموقراطي بهدوء جداً، طبعاً سبقته بعض الحكومات وانتقلت إسبانيا هذه الدولة التي كانت تحت قبضة عسكرية قوية جداً، ونظام يميني (فاشستي) بسهولة بدون أي دماء أو أيّ شيء وقرّروا التفاوض معهم حول كيفية إجراء الانتخابات، والدستور المقترح الجديد، إلى آخره، وانتقلت إسبانيا إلى دولة ديموقراطية حقيقية، وهذا الشاب الذي قاد هذا التغيير حينما وصل حكم فترتين منتخبتين، وقال بعد ذلك إن إسبانيا لم تعد تحتاج لي، وجلس الآن يلقي المحاضرات في الجامعات، ونفس الشيء لما يسمى بثورة (القرنفل) في البرتغال، أنا لا أود الحديث عن دول عربية، لكن على الأقل نتبع هذين النموذجين، لم يقتل أحد، ولم يسجن أو يشرد أحد، سبق واقترحت وقلت إن كل ما نريده هو ذهاب هذا النظام وتشكيل لجنة للحقيقة والمصالحة على غرار ما حدث في جنوب أفريقيا والمغرب، فقط نعرف بعض الوقائع، ماذا حدث؟ ومن المسؤول؟ والدولة تعتذر، وتقدم تعويضات للضحايا، المغرب دفع لبعض المعتقلين السابقين ووصلت التعويضات إلى حدود مليون دولار، أصبحوا يحسبون لهم بعدد الساعات، ودرجة التعذيب وتصالحوا وطووا الملف وانتهوا منه ولم تعد هناك مشكلة، ما المانع من إجراء تحقيق حول بيوت الأشباح في السودان بنفس المنطق؟ الدولة هي التي تعتذر، فقط نعرف من الذي عُذِّب، ومن الذي عَذَّب؟ ما هي المشكلة في هذا؟ لكن المكابرة ومحاولة حجب الشمس هذه مسألة غير مقبولة.
} تعيين مفوّضية لحقوق الإنسان، على الرغم من أنّها تأخّرت (6) سنوات من تكوينها، كيف تقرأ هذه المسألة؟
- جعفر نميري أنشأ حزب الاتحاد الاشتراكي وسُخرت له كل إمكانيات الدولة سنوات وسنوات، وحينما خرجت المظاهرات وخرج الشارع السوداني يطالب بالديموقراطية، هذا التنظيم (الكرتوني) لم يفعل أي شيء، نفس الشيء مفوّضيات أو مؤسسات حقوق الإنسان مثل الأحزاب لا تنشأ في حضن السلطة، هذا عمل مجتمع مدني (Civil Society). من الذي ينتهك حقوق الإنسان؟ لنكُن واضحين، لا يمكن أن تكون كما قال المتنبي (فيك الخصام وأنت الخصم والحكم)، لا يمكن، هذه المفوّضية أو المؤسسة كان يجب أن تكون كغيرها من تنظيمات المجتمع المدني، توجد منظمات حقوقية تدافع عن هذا الأمر، لست متفائلاً ولا أعتقد أنها ستحقّق شيئاً، هذا جوابي.
} أستاذ طلحة، في ما يتعلق بالقضايا العالقة، كالنفط والحدود، وأبيي، وغيرها، هل ستقودنا هذه المسائل إلى المربع الأول (مربع الحرب)؟
- هذه القضايا أصبحت معلّقة، بسبب غباء المفاوض السوداني في نيفاشا، بالله عليك أنا أريد أن أبسط الأشياء حتى يفهم قراؤكم هذه المسألة، كنا نعرف والمفاوض الشمالي السوداني كان يعرف والمفاوض الجنوبي كان يعرف، وكذلك العالم؛ أن نيفاشا ستؤدي إلى الانفصال، الحديث عن الوحدة الجاذبة كان لحفظ ماء الوجه للشمال، لو كنت ضمن الوفد المفاوض الشمالي، يمكن أن أطرح الأمر كالآتي: إننا سنصل إلى الانفصال، وسنمنحك هذا المطلب، وستصل إلى الاستقلال، عبر حق تقرير المصير، وستبني دولتك، لكن أنا أيضاً في الشمال خطأ أم صواباً أهدرت مليارات حفاظاً على الوحدة، وقتل مني آلاف، فمن حقي أن أطالب بالثمن. هذا الثمن؛ أنا لا أطالب بتعويضات عن الذين قتلوا في الجنوب بالحرب منذ العام 1953م إلى الآن، أو عن المليارات التي أنفقتها، لكن للنظر إلى المستقبل، الآن نحن لدينا وضع مهتز لأننا اعتمدنا على هذا النفط حينما كنا دولة واحدة، هذا النفط سيذهب، فما رأيك ما دام أنّنا سنصل إلى هذه النتيجة التي تريدها أنت أيها المفاوض الجنوبي، لنجعل هذه القسمة (50%) بالتّساوي تستمِر على الأقل، حتى أستطيع أنا أن ألتقط أنفاسي وأبحث عن بدائل، سواء في (15) أو (20) عاماً، قناة السويس على سبيل المثال كان الاتفاق على أن تستغل لمدة أعوام محدودة، وعندما استغرقت مدة أكثر مما يجب، جاءت قصة التأميم والرئيس جمال عبد الناصر، قال (لا) استغللتم القناة بما يكفي. وهناك عدة اتفاقيات بهذا المعنى، باكستان وبنغلاديش نفس الشيء، روديسيا الشمالية والجنوبية (زامبيا وزيمبابوي) نفس الشيء، في ظل الاستعمار، كان المفاوض عليه أن يحل هذه المشكلة، وهو المفاوض الشمالي، مسألة الجنسية أيضاً كان يمكن أن تحل وتضمن في اتفاقية نيفاشا، الآن نحن نحاول أن نرقع الذي لا يمكن ترقيعه، وهو: نيفاشا بمفاوضات أديس أبابا.
} ما هو المبرّر القانوني أو الأخلاقي الذي يجعل الجنوبيين يدفعون تعويضاً للشماليين مقابل الذين ماتوا في الجنوب؟
- في السياسة لا يمكن أن تعطي شيئاً سبق لك أن دفعت ثمنه، أنا لا أتحدث عن مبررات قانونية وأخلاقية، أنا أتحدث عن مبررات سياسيّة، بصراحة أعطيك شيئاً، يجب أن تعطيني بالمقابل شيئا آخر. حق تقرير المصير، لو كان المفاوض الشمالي وقف في هذه الحدود، ربما اقتسام النفط إلى الأبد يمكن أن يصبح إلى حدود عشر سنوات مثلاً، أو خمس سنوات، كنا سنتفادى على الأقل هذه الأزمة التي لازمتنا، هذه قضايا تحل بالمفاوضات، لماذا لم تتفاوض حولها في نيفاشا؟ والله، أنا من الذين قالوا إن من أكبر عيوب هذه الاتفاقية أنها تحمل الأزمة الاقتصادية كلها للشمال والخيرات تذهب إلى الجنوب، أنا قابلت الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش وأجريت معه حواراً وقلت له إن العقوبات التي تفرضها على السودان وتتشدّد فيها - وهذا الحديث موجود في موقع البيت الأبيض على الإنترنت لكل من أراد أن يستوثق منه - قلت له إن هذه العقوبات يتضرّر منها الشعب ولا تؤثر مطلقاً على النظام الحاكم، قلت له أنا آمل كمواطن سوداني أن يعاد فيها النظر، فقال لي ستيفن هتن وكان مستشاراً بالبيت الأبيض وكان واقفاً وقال لي أنت أول سوداني يدخل البيت الأبيض ويقول هذا الحديث، رغم أنني دخلت البيت الأبيض كصحفي، كل الذين كانوا يأتون من سلفاكير إلى مناوي وغيره في البيت الأبيض كانوا يقولون شدّدوا العقوبات على السودان حتى يرضخ النظام، نحن دفعنا ثمناً اقتصادياً باهظا جداً، دول الترويكا (بريطانيا وأمريكا والنرويج) كانوا رعاة اتفاقية نيفاشا، كان علينا أن نطالبهم برفع العقوبات عن السودان بمجرد إمضاء الاتفاقية، حتى نصل بها إلى بر الأمان، لماذا لا يقولون هذا الكلام؟ لأنهم ليسوا سياسيين وليسوا رجال دولة، هؤلاء أخذوا السلطة في جنح الليل، هل رأيت رجلاً يمارس أنشطته في جنح الليل يمكنه أن يصبح رجل دولة نزيها؟ الخسارة والمأساة الكبرى أنك تريد إبعادي من المفاوضات كمجتمع مدني ومنظمات وسياسيين ومفكرين وغيرهم، فقط لأنني معارض لك، هذا مصير وطن، اللذان رفعا العلم في الخرطوم إسماعيل الأزهري ومحمد أحمد المحجوب – معارضة وحكومة - لأنه مصير وطن، لماذا لا تستعين بخبرات أخرى، كان على الأقل نعطيك هذا الرأي بدلاً عن كتابته في الصحف ونقول لك انتبه وإياك أن تذهب بهذه المفاوضات إلى هذا الحد، لأن جون قرنق لم يكن وحدوياً في يوم من الأيام، وحتى لو استمر به العمر فلن يكون وحدوياً، وهذه مجرد (أكذوبة) تقال للناس، وهو يعرف وجهة نظري - ونطلب له الرحمة - أبداً لم يكن وحدوياً، لكن تركيبة الحركة الشعبية كان سقفها يجب أن ترفعه إلى هذا الحد الوهمي، على أنها حركة وحدوية تدعو إلى الوحدة الجاذبة، ما معنى وحدة جاذبة؟ أنا يكون لدي دولة وفيها بترول وسفراء، ووزراء وكل الإمكانيات وتتحدث عن وحدة جاذبة حتى أعيش في أحياء الخرطوم العشوائية في (مايو ودقست)؟ هذا كان وضع الجنوبيين، هل كانوا سيقبلون بهذا الوضع؟ يوجد حديث لا معنى له، هل تتقاسم مع من حملوا ضدك السلاح تتقاسم معهم السلطة وتأتي بهم إلى داخل القصر الجمهوري؟ وأبناء هذا الوطن والحادبون عليه، لا تريد أن تجلس معهم، فقط تستمع لهم؟ ما هذا التناقض؟ أنا لا أمثل معارضة أو حزباً، حديثي هذا أقوله دائماً للمسؤولين، نحن ماذا نحمل غير فكرنا ورؤانا التي يمكن أن تستفيدوا منها؟ هذا هو ما أسميه وألخصه بعدم القبول بالآخر.
} المذكرة التصحيحية كيف تقرأ مآلاتها، وإلى أي مدى يمكن أن تنجح، وهل الحركة الإسلامية مقبلة على انشقاق جديد؟
- أنا قرأت هذه المذكرة، وهي مذكرة ذات طابع إصلاحي طبعاً، لكن لماذا نهتم بمذكرة داخل الحركة الإسلامية، وبقية أطراف الطيف السياسي تقدم مليون مذكرة ولا أحد يهتم بها؟
} لأنّ أصحاب المذكّرة حاكمون؟
- نعم لأنّهم حاكمون، إذاً هذا حوار لا أعتقد أنّه يعني الشعب السوداني، هذا يعني الحُكّام وأطراف الحكومة، أنا بصراحة هذا الحوار لا يعنيني نهائياً، ومن أدرانا أن من يقفون وراء هذه المذكرة أنهم أطراف داخل الحكومة، ويدخل الأمر في إطار صراع مراكز القوى، لا تنطلي عليّ مثل هذه الأشياء، فلذلك أنا متحفظ على العملية برمتها، ولا أعتقد أن مشكلة السودان ستحلّها مذكرة من داخل الحركة الإسلامية، أو من خارجها، مشكلة السودان يحلّها التوافق وقدرة الناس على الوصول إلى حلول متّفق عليها، كما ذكرت تجربة البرتغال، وإسبانيا، تفكيك النظام الشمولي بهدوء، لا ضرر، ولا ضرار، لماذا لا نقدم هذا النموذج للعالم؟ الآن يتحدثون عن ربيع عربي، نحن حينما أسقطنا أنظمة شمولية، العالم العربي لا يعرف لا الربيع، ولا غيره، حتى مفردة الربيع العربي التي استقوها من تشيكوسلوفاكيا وهو ربيع (براغ) في العام 1968م، نحن سبقناهم بأربع سنوات، فككنا نظاما شموليا بهدوء، كم عدد الشهداء الذين سقطوا في أكتوبر؟ (4) شهداء، إذا أضفنا إليهم أحمد القرشي (5) شهداء، لأن الذين استشهدوا بالنسبة لي هم أولئك الذين خرجوا في مظاهرات في ساحة القصر منهم (نصّار) على سبيل المثال، وكانوا يعرفون أنهم سيواجهون الرصاص، كم عدد الذين استشهدوا لنيل استقلال السودان؟ هذه الزحمة التي تسمع بها، (2) من الشهداء فقط ضد الجمعية التشريعية، هذه حقائق، أربعة أشخاص الذين استشهدوا في ثورة أكتوبر، عندما أرى الآخرين يتحدثون عن ربيع عربي، أين هو الربيع العربي؟ نحن سبقنا الربيع العربي بعقود، ونحن أول شعب في المنطقة العربية، والشرق الأوسط وأفريقيا، أسقط نظاماً شمولياً عبر العصيان المدني وعبر المظاهرات. نحن الآن لماذا لا نقدم تجربة أخرى، هي تفكيك نظام شمولي بهدوء؟
} أستاذ طلحة، لاحظت استياءك من العشوائية التي تضرب الخرطوم، هل العاصمة تعاني شغباً معمارياً كما تعاني شغباً سياسياً؟
- الخرطوم فيها مشكلة الإنسان قبل مشكلة البناء، نحن نتحدث حديثاً فيه مجاملات، سلوك الإنسان السوداني لأسباب كثيرة سلوك غير متحضر، أنا لم أر شعباً (يتبوّل) على الحيطان إلا السودانيين، علينا أن نكون واقعيين، الشعب السوداني في نظافة منزله لا يقصّر، لكنّه عندما يخرج للشارع على بعد أمتار يمكن أن يقذف بكل (الزّبالة) التي جمعها، هذه لها علاقة بالتربية، السودانيون يعتقدون أن المجاملات الاجتماعية والذهاب إلى هذا العزاء ومساعدة فلان وعلان ومعايدة ذلك المريض نخوة سودانية، لكن نحن نريد فردا سودانيا مؤهلا بصراحة لدولة مؤسسات، هذا الموضوع في ذات نفسه يحتاج إلى نقاش، هل الفرد السوداني مؤهل لهذه المسألة؟ يجب أن نواجه أنفسنا بالحقائق والوقائع، يقولون لك على سبيل المثال إن الشعب السوداني شعب العزة والكرامة، لكنها إذا لم ترتبط بالعمل، أنا لا أستطيع أن أنتج في مكاني، وفي أقرب وقت أبحث عن مبررات لعدم الإنتاج، هذا سلوك معوج وغير سليم، يعني نحن في سلوكنا الجمعي بصراحة في حديثنا نتكلم كلاماً جيد جداً، لكن في ممارساتنا على أرض الواقع بصراحة ممارسات سلبية إلى أبعد الحدود.
} لديك مؤلفات أبرزها الملك والعقيد، السنوات الحرجة، وغيرها من الكتب التي كتبت فيها عن المغرب والمنطقة العربية، لاحظت أن كتاباتك عن السودان تكاد تكون معدومة؟
- أنا كتبت المغرب السنوات الحرجة، أيام الرباط الأولى، محطات من تاريخ ليبيا، الملك والعقيد، والآن لدي كتاب سيصدر هذا الشهر اسمه صحافة تأكل أبناءها، كتبت كتاب الأسلوب، ومستقبل الصحافة المكتوبة في عالم رقمي، لكن أيضاً كتبت على الدرب عن الطيب صالح، ويعتبر الوثيقة الوحيدة في كل العالم، لأنه ترجم بمدينة نيويورك في كلية (باسار) التي يتحدث فيها الطيب صالح عن نفسه، أنت تطالبني بالكتابة عن السودان، وأنا (36) سنة لم أعش في السودان، لو كانت أتيحت لي الفرصة لأكون موجودا في السودان ربما لكتبت أشياء كثيرة جداً، لكن لم تتح لي الفرصة بصراحة بسبب الأنظمة الشمولية، أنا لست موجودا في الخارج حتى أشيد منزلاً، أو أعلم أبنائي في جامعات خارجية، أنا موجود في الخارج بسبب موقف سياسي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.