ليست كل الأمثال والحكم والمأثورات صالحة للجميع، ولا لأي زمان ومكان، كما أنها ليست مقدسة أو غير قابلة للنقاش، فقط لأنها مجهولة النسب، ودخلت حيز الموروثات العزيزة القيمة القادمة من غياهب التاريخ، الذي هو في الأساس سيبقى مجهولاً لنا ما دام الرواة أشخاصاً، مثلنا بأهوائهم وميولهم وأحاسيسهم المتباينة التي قد تسقط بعض التفاصيل وتبرز بعضها أكثر. فبعض العبارات التي لا نعرف قائلها ليست بالضرورة غير قابلة للاختلاف وغير منزهة من أن يكون لنا رأينا الخاص بها، والحق في انتقادها. «يظل الرجل طفلاً حتى تموت أمه، فإذا ماتت شاخ فجأة»! وماذا، إذن، عن هؤلاء الذين يسيئون إلى أمهاتهم ويتنكرون لأمومتهن فيجعلون من زوجاتهم الجهة التي تحدد لهم شكل وأبعاد علاقتهم بأمهاتهم حتى وإن بلغ الأمر إيداعهن دور العجزة كما بات يحدث في مجتمعنا الآن؟ والمدهش أن تلك الدور تضج بالعجائز الذين لهم من الأبناء من هم من أصحاب المال والنفوذ والسطوة، أو كما قال لي الأخ «حسن صالح» من 99199 في عبارة عميقة «الفقراء لا يذهبون بوالديهم إلى دور العجزة يا أستاذة، إنها بدعة الأغنياء»! «شق طريقك بابتسامتك، خير من أن تشقه بسيفك» وماذا عن ابتسامة النفاق التي استشرت بين الجميع والتي نراها معلقة على كل الوجوه في الاحتفالات والمناسبات وحتى اللقاءات السياسية؟! هل نقبل بها ونصدقها ونأمن لهم ونثق بهم ونفتح لهم قلوبنا وعقولنا؟ أم نتربص بابتساماتهم الزائفة ولا نسمح لها بالتأثير على عواطفنا المنهكة بفعل الكذب والخيانة وهموم الحياة؟!! «عندما تحب عدوك يحس بتفاهته» ربما يستقيم المعنى إذا كان عدوك جارك أو زميلك وأحببته، ولكن ماذا عن العرب والمسلمين الذين بدأوا يتدلهون عشقاً في إسرائيل ويهاجرون إليها طالبين «القرب» والرضا، وهم يبدون مظاهر الولاء والطاعة والحب، فهل أحست «إسرائيل» بتفاهتها؟ أم تمادت في غطرستها وازداد إحساسها بأنها الأقوى وبأن حب أعدائها لها ناتج عن ضعف منهم وليس حباً للحب؟! هل شفع حبهم هذا لهم فقررت إسرائيل أن تكف عن أذية البلاد والعباد تقديراً لهذا الحب، ولإحساسها الصادق بالخجل مما اقترفت يداها، أم راحت تمعن في القتل والدمار والإبادة؟! «يوجد دائماً من هو أشقى منك.. فابتسم» ألن تفسر ابتسامتي هنا على أنها شماتة في الآخر؟ وهل إذا أصابتني مصيبة أفتش في الهند أو الصين عمن لديه مصيبة أكبر من مصيبتي لأبتسم؟ وهل تتشابه أبعاد وحيثيات الشقاء بين الجميع ليكون ذلك مقياساً صالحاً لترتيب قوائم الأشقياء حسب درجة شقائهم؟ ولماذا أبتسم وأنا شقي؟ أليس من الأفضل أن أكون واقعياً وأحاول تبديل هذا الحال بحال أفضل يدعو للابتسام بدلاً من أن أدعي السعادة وأعلق ابتسامة بلهاء على وجهي وأنا في أعلى درجات ألمي وإحباطي وأساي؟! «عش رجباً ترى عجباً» وماذا عن العجائب التي نراها كل صباح؟ لم يعد الأمر يحتاج إلى عام كامل لنرى العجب العجاب، فنحن نصحو كل صباح على تقاليع جديدة في الموضة والغناء والتعامل والسلوك الإنساني، كل صباح جرائم مبتكرة وسلع جديدة وتقاليع حديثة وأشياء تدعو للدهشة والتعجب الذي يجعلنا نقلب أكفنا ونهز رؤوسنا وننتظر صباحاً آخر جديداً يأتينا بعجائب جديدة ليكون لدينا «موضوع» في غمرة همومنا القاتلة. «الصديق وقت الضيق» والأصدقاء الذين يتحولون بين ليلة وضحاها إلى أعداء وإلى قتلة وإلى خونة كيف يمكنهم أن يفرجوا الضيق الذي يتسببون به لنا.. وكيف يضمدون جراحنا التي اغتالت فينا المحبة والصدق والثقة وأحالت حياتنا ضيقاً في ضيق؟ تلويح: إذن.. هي كلمات غير مأثورة، إنها كلمات براقة وحالمة..