تمضي الأيام فتزداد حياتنا تعقيداً ويصبح الإنسان محاصراً بتقنيات العصر الحديث، توفر له الجهد والوقت، ولكنها تقتل روح الإبداع فيه، ذلك حينما يتوقف دورنا على الريموت كنترول، فنصبح نحن جزءاً من الآلة، ننفذ أوامرها حتى تستعمرنا أرقى استعمار. أميز ما أفادتنا به وسائل الاتصال الحديثة هو تقريب المسافات وإزالة الحدود الجغرافية فتصبح أنت هنا وهناك وفي أي مكان على البسيطة، حيث ازدادت وشائج الاتصال بين الناس وتكسرت كل الأسباب التي تدعو للفرقة والبعد، وتبدلت المناداة والمناجاة برنة صغيرة تعيد الماضي وتجلب المستقبل إلى اللحظة الآنية، يصبح كل من تريد الحديث معه رهن إشارة زر صغير، فيتحول كل من هم حولك إلى أرقام وشيفرات. هذه هي الحياة الجديدة، ولكن في غمرة كل هذا لم نتغير نحن ولم نتبدل، إذ أصبح الفرد رقماً مختلفاً عن باقي الأرقام، انتفت الروح الجماعية لأن الجماعة تحولت إلى أرقام لا مجال للتآلف بينها. تتبدل معاني الحب بين الناس لتصبح البغضاء والشحناء والتنافر سمة بارزة لإنسان هذا العصر، وبينما تخرج إلينا كل يوم تقنيات جديدة يظل الإنسان كما هو في عصره الحجري الأول. أسباب سعادة الإنسان في الحياة تتوقف على فهم ومعرفة نفسه، حينها يتعرف على أوجه الخير فيه بعد أن يكتشف أوجه الشر، ولن يفتح للسعادة باباً إلا بعد أن يشيع روح المحبة والتسامح في قلبه ولمن حوله، بل ولكل العالم من حوله، فسعادة الإنسان مرتبطة بمدى نجاحه وهذا النجاح مرتبط بمدى مساعدته للآخرين. إن رصيدنا من الحب للناس يزداد حينما نشحنه بالعطاء بينما ينقص حينما نأخذ وتزيد مطالبنا، ولكي تبقى حياتنا في غمرة من السعادة لا بد أن نهب لمن حولنا الحب ونجزل لهم منه. هذا العصر بكل تقنياته يمد لنا أياديه بيضاء حتى نستغل الفرصة لمد أواصر المحبة والصداقة والسلام، ولكي يزيد رصيدنا في قلوب الناس يجب أن نزيح كل ما يفرقنا.. فهلا فتحنا أبواب السعادة بإنفسنا؟ هلا أدركنا مقاصدنا من الحياة؟ هلا أشعنا الخير حتى ترضى ضمائرنا التي خلقت على فطرة الله برحمته الواسعة؟ إننا بذلك نكون قد حققنا إنسانيتنا وأحطناها بسياج من السعادة.. وأيما سعادة. إن رصيدنا من السعادة يزيد حينما يزيد حبنا للناس، فلنجعل كل أيامنا عطاءً وحباً حتى نرى الحياة بوجه مشرق يكون أكثر تفاؤلاً وأكبر أملاً. محمد شيخ إدريس علي ٭ واحد كسلان سألوه: أول ما تصحا من النوم بتعمل شنو؟ قال: آخذ قسطاً من الراحة!!