البارسا ينتصر بسداسية    ماذا تريد حكومة الأمل من السعودية؟    هل تم إطلاق مسيرات العدوان من جنوب السودان..؟    البرهان يعلن تضامن السودان الكامل مع قطر    لقد غيّر الهجوم على قطر قواعد اللعبة الدبلوماسية    الإتحاد الأفريقي يُرحب بمقترحات الآلية الرباعية بشأن تسوية نزاع السودان    الهلال يفشل في فك شفرة عرش سيكافا ويكتفي بالوصافه    أمير قطر: إذا كانت إسرائيل تريد اغتيال القيادة السياسية ل"حماس" فلماذا تفاوضهم؟    سبب استقدام الشاب أموريوم لتدريب اليونايتد هو نتائجه المذهلة مع سبورتنغ لشبونة    الشرطة تضع حداً لعصابة النشل والخطف بصينية جسر الحلفايا    شاهد بالصور.. زواج فتاة "سودانية" من شاب "بنغالي" يشعل مواقع التواصل وإحدى المتابعات تكشف تفاصيل هامة عن العريس: (اخصائي مهن طبية ويملك جنسية إحدى الدول الأوروبية والعروس سليلة أعرق الأسر)    شاب سوداني يستشير: (والدي يريد الزواج من والدة زوجتي صاحبة ال 40 عام وأنا ما عاوز لخبطة في النسب يعني إبنه يكون أخوي وأخ زوجتي ماذا أفعل؟)    أمير قطر: بلادي تعرضت لهجوم غادر.. وعازمون على مواجهة عدوان إسرائيل    شاب سوداني يستشير: (والدي يريد الزواج من والدة زوجتي صاحبة ال 40 عام وأنا ما عاوز لخبطة في النسب يعني إبنه يكون أخوي وأخ زوجتي ماذا أفعل؟)    السيتي يتجاوز يونايتد في الديربي    السودان يردّ على عقوبات الخزانة الأمريكية    الهلال السوداني يتطلّع لتحقيق كأس سيكافا أمام سينغيدا    ركابي حسن يعقوب يكتب: ماذا يعني تنصيب حميدتي رئيساً للحكومة الموازية؟    غرق 51 سودانيًا    شاهد.. "جدية" الإعلام السوداني تنشر صورة لها مع زوجها الشاعر وتستعين بأبيات من الغزل نظمها في حقها: (لا شمسين قدر نورك ولا الاقمار معاها كمان)    شاهد بالفيديو.. الناشطة المثيرة للجدل "زارا" التي وقع الفنان شريف الفحيل في غرامها تعترف بحبها الشديد للمال وتصدم المطرب: (أرغب في الزواج من رجل يملك أكثر من مليون دولار)    شاهد بالصورة والفيديو.. بضحكة مثيرة جداً وعبارة "أبشرك اللوري مافي زول سائقه مركون ليهو زمن".. سيدة سودانية تثير ضجة واسعة بردها على متابع تغزل في جسدها: (التحية لسائق اللوري حظو والله)    شاهد بالفيديو.. الفنان شريف الفحيل يفتح النار على المطربة إيمان الشريف: (المجهود البتعملي عشان تطبلي لطرف تاني قدميه لزوجك لأنك مقصرة معه ولا تعطيه إهتمام)    شاهد.. "جدية" الإعلام السوداني تنشر صورة لها مع زوجها الشاعر وتستعين بأبيات من الغزل نظمها في حقها: (لا شمسين قدر نورك ولا الاقمار معاها كمان)    محمد صلاح يضرب شباك بيرنلى ويُحلق ب"ليفربول" على قمة البريميرليج    إنت ليه بتشرب سجاير؟! والله يا عمو بدخن مجاملة لأصحابي ديل!    مصر تسجل مستوى دخل قياسيا في الدولار    وزير الداخلية يترأس إجتماع لجنة ضبط الأمن وفرض هيبة الدولة ولاية الخرطوم    وزير الداخلية يترأس إجتماع لجنة ضبط الأمن وفرض هيبة الدولة ولاية الخرطوم    عودة السياحة النيلية بالخرطوم    ترامب يلوح بفرض عقوبات كبيرة على روسيا    في أزمنة الحرب.. "زولو" فنان يلتزم بالغناء للسلام والمحبة    إيد على إيد تجدع من النيل    انتقادات عربية وأممية.. مجلس الأمن يدين الضربات في قطر    وزارة الزراعة والثروة الحيوانية والري بالخرطوم تبحث إعادة إعمار وتطوير قطاع الألبان    شاهد بالصورة والفيديو.. عروس سودانية ترفض "رش" عريسها بالحليب رغم إقدامه على الخطوة وتعاتبه والجمهور يعلق: (يرشونا بالنووي نحنا)    حسين خوجلي يكتب: الأمة العربية بين وزن الفارس ووزن الفأر..!    ضياء الدين بلال يكتب: (معليش.. اكتشاف متأخر)!    في الجزيرة نزرع أسفنا    أعلنت إحياء حفل لها بالمجان.. الفنانة ميادة قمر الدين ترد الجميل والوفاء لصديقتها بالمدرسة كانت تقسم معها "سندوتش الفطور" عندما كانت الحياة غير ميسرة لها    من هم قادة حماس الذين استهدفتهم إسرائيل في الدوحة؟    مباحث شرطة القضارف تسترد مصوغات ذهبية مسروقة تقدر قيمتها ب (69) مليون جنيه    في عملية نوعية.. مقتل قائد الأمن العسكري و 6 ضباط آخرين وعشرات الجنود    نجاة وفد الحركة بالدوحة من محاولة اغتيال إسرائيلية    الخرطوم: سعر جنوني لجالون الوقود    السجن المؤبّد لمتهم تعاون مع الميليشيا في تجاريًا    وصية النبي عند خسوف القمر.. اتبع سنة سيدنا المصطفى    عثمان ميرغني يكتب: "اللعب مع الكبار"..    جنازة الخوف    حكاية من جامع الحارة    حسين خوجلي يكتب: حكاية من جامع الحارة    تخصيص مستشفى الأطفال أمدرمان كمركز عزل لعلاج حمى الضنك    مشكلة التساهل مع عمليات النهب المسلح في الخرطوم "نهب وليس 9 طويلة"    وسط حراسة مشددة.. التحقيق مع الإعلامية سارة خليفة بتهمة غسيل الأموال    نفسية وعصبية.. تعرف على أبرز أسباب صرير الأسنان عند النوم    حادث مأسوي بالإسكندرية.. غرق 6 فتيات وانقاذ 24 أخريات في شاطئ أبو تلات    بعد خطوة مثيرة لمركز طبي.."زلفو" يصدر بيانًا تحذيريًا لمرضى الكلى    الصحة: وفاة 3 أطفال بمستشفى البان جديد بعد تلقيهم جرعة تطعيم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أمير تاج السر: أدوات افتراضية
نشر في رماة الحدق يوم 25 - 03 - 2019

كما هو معروف، فقد أصبحت وسائط التواصل الاجتماعي مثل فيسبوك وتويتر، وواتس آب المختص بالهواتف المحمولة، محورا مهما في حياة الناس، لدرجة أن صار الأمر عبئا على العيون والأعصاب، والوقت أيضا، حيث يضيع كثير من الوقت في محاولة لم الحكايات والرسائل التي بهدف وبغير هدف، والرد عليها بمتعة وأحيانا بمغص، حين لا بد من الرد على رسائل أو منشورات لا تحمل هما عاما، وإنما هما خاصا، أو تفاهة خاصة، ولكنا نتعاطى مع كل شيء مع الأسف.
ولأن المسألة أصبحت سلوكا مجتمعيا خالصا كما قلت، يضاف للأدوات المستخدمة في تسيير المجتمع والتعاطي معه، تماما كالشارع والحارة، والبيوت وكل شيء آخر. والشخوص الرابضون خلف أجهزة الكومبيوتر، هم حقيقيون رغم وجودهم في الافتراض، فلا بد أن يدخل كل ذلك في لحم السرد، ويشكّل محاور عديدة له، بدءا من القصص العاطفية التي تبدأ افتراضية وتنتهي، إما افتراضية أو واقعية، إلى الجرائم التي تستهدف كل من يملك حسابا في تلك الوسائط.
الرواية رغم بنائها الخيالي الذي نعرفه جيدا، إلا أنها تعتمد على الواقع أيضا، ولو بامتصاص جزء يسير منه، فلا رواية بلا أساس واقعي، وحتى روايات الفانتازيا والأسطورة، تنحو ذلك الاتجاه، من أجل إكسابها شرعية قرائية، أو مصداقية لدى القارئ الذي غالبا ما يبحث عن تشابه ما مع بيئته التي يعيش فيها أو بيئة غيره التي يتخيلها وسيعثر على ذلك التشابه في النهاية.
نحن إذن إزاء لعبة شيقة مع المجتمع، لا نرسمه ونرسمه في الوقت نفسه، لا نعبث بأدواته، ونستخدمها كاملة في الوقت نفسه، ولا نقلد الشخوص تماما، وأيضا نقلد أشياء فيهم، ورأيي أن العمل السردي الناجح، هو ما يستلف شارعا ما بكل حياته وضجيجه ولا ينتبه حتى سكان ذلك الشارع، إلى أن شارعهم قد استلف، ما يكتب الجار في قصة، يقر بها بعد ذلك ولا ينتبه إلى أنها قصته، وهكذا إلى التعامل مع كل الأدوات الأخرى، بما في ذلك وسائط التواصل الاجتماعي.
لو اتخذنا فيسبوك مثالا لتك الوسائط المتعددة، التي تضم الناس بتناغم أو تنافر، لعثرنا على ملايين الأقنعة المبعثرة هناك. أشخاص يروون القصص، أشخاص يستهلكون القصص التي تروى، وربما يعيدون روايتها بعد ذلك، وآخرون لا وظيفة محسوسة لهم، وفقط أشخاص متواجدون هناك ويمكن أن لا يكونوا موجودين أيضا. توجد بالقدر نفسه خواطر نثرية وشعرية، ونكات وصور بلا حصر إما تمثل شيئا أو مجرد صور عبثية، وسأضيف بأن المكان عبارة عن شارع طويل وعريض وممتد، فيه كل ما يوجد في الشوارع الأرضية، من الذوق والاحترام والانفلات، والصعلكة، فيه أشياء للبيع وأشياء للعرض، وتوابيت للموت أيضا. كيف إذن نكتب رواية باستخدام تلك المفردات كلها؟
الأمر سهل جدا في رأيي، وبالمواظبة نفسها التي كان يستخدمها الروائيون في تحويل الشوارع والحارات إلى أعمال سردية ناجحة، يمكن العمل على أداة الفيسبوك واستخراج الدرر من فوضى الافتراض داخله.
نستطيع كتابة رواية كاملة تدور أحداثها، حين يدخل الأبطال إلى فيسبوك ويلتقون هناك ليتبادلوا الأحاديث والأفكار، ويمكن أن يتبادلوا القبلات والابتسامات، ويحبون ويكرهون ويفعلون أشياء كثيرة من دون أن يلتقوا، وإن كان اللقاء ضروريا، يمكن أن يحدث في كوفي شوب، يقدم خدمة الإنترنت أيضا، وسأجعله لقاء باردا، باهتا، سيكتسب حرارته من جديد، حين يعود الأبطال إلى خلف أجهزة الكومبيوتر.
وحقيقة هنا أشير إلى أن كثيرا من الذين عرفتهم في فيسبوك، وكانوا يظهرون بشخصيات حماسية، ويحملون حرارة في التعامل، أصابوني بخيبة الأمل حين التقيت بهم في الواقع، كان ثمة برود أو اهتزاز أو عدم ثقة في النفس، وأذكر فتاة من معارفي، تتحدث عن كتابتي بحماس شديد، وتتابع نشاطي بحمى واضحة، داخل الافتراض، وحين ألتقيها سنويا أثناء زيارتي للسودان، يمكن أن تجلس معي ساعات وبلا أي إشارة إلى أنها تعرف كتابتي أو سمعت عني يوما. وهنا ننتبه بالتأكيد إلى خطورة إدمان الافتراض، الذي يحول الشخص في النهاية إلى كائن شبحي، لا يستطيع التعاطي بجدارة مع المجتمع الحقيقي. وقصص مثل قصة هذه الفتاة كثيرة جدا، على الرغم من وجود قصص مختلفة لكن نادرة، وأعني تلك التي تتحول فيها الشخوص الافتراضية بحماسها نفسه إلى شخوص واقعية، مثلا قصة حب افتراضية في فيسبوك، تتوج بالزواج في الواقع، وأعرف أزواجا تعارفوا هكذا، ونجحت حيواتهم الزوجية.
بالطبع سبقنا الغرب في مسألة الإنترنت، والتفاعل مع وسائل التواصل، لذلك تجد روايات غربية قائمة على تلك الفكرة، أي أن إلهامها نتج من فيسبوك أو تويتر، واستمرت الأحداث تدور في الفلك الافتراضي، واستخدم البريد الإلكتروني أيضا بوصفه أداة تواصل كبيرة ومميزة، وحقيقة لا أذكر رواية بعينها، ولكن أذكر قصصا وردت في روايات، مثل خداع الصور، الذي يكتشفه الشخوص حين يعودون للواقع، وجرائم القتل والابتزاز التي تحدث في الواقع، بعد تفعيل الشر في وسائط التواصل، وهناك قصص معروفة عن حملات وهمية للتبرع بالمال لإنقاذ مرضى وهميين، أو التعاطف معهم، وهناك أيضا أكاذيب وغباء، يمكن لمه بسهولة وكتابة رواية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.