نادي كريمة الرياضي الأبيض يسمي الجهاز الفني    لاعب يعتدي على حكم ويتسبب في تعليق مباراة بالمناقل    الرئيس التركي: الصراع في السودان"يؤلمنا بشدّة"    شاهد.. المذيعة عزيزة عوض الكريم تعلق على فيديو رقصها في حفل زميلها العريس "العربي": (أحمد دا ولدي عديل وحلفت في عرسو إلا أرقص وأعزو)    شاهد.. المذيعة عزيزة عوض الكريم تعلق على فيديو رقصها في حفل زميلها العريس "العربي": (أحمد دا ولدي عديل وحلفت في عرسو إلا أرقص وأعزو)    شاهد بالفيديو.. الفنانة عشة الجبل تكشف تفاصيل القبض عليها في سجن "ربك": (سلمت نفسي براي وأنا مستهدفة.. القانون أكبر من أي زول والتحية للقوات المسلحة)    شاهد بالفيديو.. الفنانة عشة الجبل تكشف تفاصيل القبض عليها في سجن "ربك": (سلمت نفسي براي وأنا مستهدفة.. القانون أكبر من أي زول والتحية للقوات المسلحة)    بالصورة.. شاهد أول ظهور لعروس الموسم الصحفية "لينا يعقوب" في حفل عقد قرانها من العربي    شاهد بالفيديو.. بفضل هدف محترفه المالي.. الهلال يكسب البوليس الكيني في معقله ويضع قدماً في المجموعات    شاهد بالفيديو.. زوج الفنانة إيمان الشريف يطلب منها رفع "ثوبها" بعد أن سقط أثناء تفاعلها في الغناء خلال حفل حاشد وجمهور المطربة يعلق: (للناس البتقول راجلها ما بغير عليها)    مجلس السيادة ينعي أمير قبيلة المجانين    الذهب السوداني.. لوبيات تتحكم وسلطة خانعة    القبض على الفنانة عشة الجبل    لماذا لا تتجه قيادة الوطني والحركة إلى التفكير العملي في تغيير كل الطاقم القيادي الحالي؟    محافظ بنك السودان المركزي تلتقي مديري عموم المصارف وتؤكد على الإصلاح المؤسسي واستقرار النظام المصرفي    الريد فلاج.. همس العلاقة قبل أن تصرخ    الرابطة نوري تكسب الوحدة بثنائية وتتأهل للمرحلة الثانية من كأس السودان    تطوّرات مثيرة في جوبا بشأن"رياك مشار"    إيقاف جميع التعاملات النقدية في ولاية سودانية    عثمان ميرغني يكتب: السلاح الطائش… هاجس السودان    هل اعتمدت ميليشيا الدعم السريع الاغتيالات لتعطيل حملة الجيش الشتّوية؟    مواجهات نارية في دوري أبطال إفريقيا    ولاية الجزيرة تُصدر قرارًا بإيقاف التعاملات النقدية وتفعيل التحصيل والسداد الإلكتروني    اليوم الدولي للمرأة الريفية: شقاء الريفيات السودانيات بين الصمود والحرمان    هل يصل الذهب إلى 100 ألف دولار؟    كاس العرب بدون حكام سودانيين    ترتيب لانطلاق إعداد المنتخب الرديف بكسلا    عناوين الصحف الرياضية السودانية الصادرة اليوم الخميس16 أكتوبر2025    ترامب يهدد باستبعاد بوسطن من استضافة مباريات كأس العالم    علماء يكتشفون فوائد جديدة للقهوة    "الصمت الرقمي".. ماذا يقول علماء النفس عن التصفح دون تفاعل؟    محل اتهام!!    شريف الفحيل: تهديد جمال فرفور سبب مغادرتي السودان وتقديمي اللجوء في كندا    رحيل علي «كايرو».. نهاية حكاية فنان أثار الجدل وكسب القلوب    السودان يدعو العرب لدعم إعادة تعافي القطاع الزراعي في الاجتماع الوزاري المشترك الثالث بالقاهرة    بنك الخرطوم يعيد تشغيل فرع الكلاكلة: إيذانًا بعودة الحياة الاقتصادية    راقبت تعليقاتهم على مواقع التواصل.. إدارة ترامب تفاجئ 6 أجانب    وفاة صحفي سوداني    لجنة أمن ولاية نهر النيل: القبض على مطلق النار بمستشفى عطبرة والحادثة عرضية    ترامب: أميركا مع السيسي دائما    شاهد بالفيديو.. الفنانة هبة جبرة تهاجم الناشطة "ماما كوكي": (تسببتي في طلاقي وخربتي بيتي..ما تعمليني موضوع وتلوكيني لبانة وشريف الفحيل دفعتي)    الفنان علي كايرو يكتب رسالة مؤثرة من سرير المرض: (اتعلمت الدرس وراجعت نفسي وقررت أكون سبب في الخير مش في الأذى وشكراً الشعب السوداني العظيم) والجمهور: (إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء)    قوات الطوف المشترك شرق النيل تدك اوكار الجريمة بدائرة الإختصاص وتوقف (56) أجنبي وعدد من المتهمين    هكذا جرت أكاذيب رئيس الوزراء!    احبط تهريب أخطر شحنة مخدرات    جريمة اغتصاب "طفلة" تهز "الأبيض"    دراسة تربط مياه العبوات البلاستيكية بزيادة خطر السرطان    والي البحر الأحمر ووزير الصحة يتفقدان مستشفى إيلا لعلاج أمراض القلب والقسطرة    شكوك حول استخدام مواد كيميائية في هجوم بمسيّرات على مناطق مدنية بالفاشر    وزير الصحة يشارك في تدشين الإطار الإقليمي للقضاء على التهاب السحايا بحلول عام 2030    حادث مرورى لوفد الشباب والرياضة    عملية أمنية محكمة في السودان تسفر عن ضبطية خطيرة    السودان..محكمة تفصل في البلاغ"2926″    السجائر الإلكترونية قد تزيد خطر الإصابة بالسكري    الاقصاء: آفة العقل السياسي السوداني    ضياء الدين بلال يكتب: (معليش.. اكتشاف متأخر)!    وصية النبي عند خسوف القمر.. اتبع سنة سيدنا المصطفى    جنازة الخوف    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سامح راشد : لماذا يثورون؟
نشر في رماة الحدق يوم 18 - 11 - 2019

ثمّة فجوة كبيرة في التواصل والفهم بين الشعوب والحكام العرب، فما يجري من احتجاجات شعبية، يقابله سوء تعامل من الحكومات، وهذا دليل دامغ على أن التفاهم بين الجانبين غائب بامتياز، وأن لغة واحدة للتواصل بينهما، لا وجود لها، فالسلوك الرسمي تجاه أي محاولة اعتراض أو تصحيح لطريقة إدارة الدول وقيادة الشعوب يشي بأن العقل الحاكم يتساءل مشدوهاً ومستنكراً "لماذا يثورون؟!".
لا شك في وجود استثناءات، فبعض الحكام يدرك تماماً أنه غاصب للسلطة، ويخادع الشعب بوعودٍ لا نهاية لها، فإذا فقدت وعودُه سحرها وصارت ممجوجة مكرورة، انتقل إلى التهديد بكارثية غيابه وحتمية بقائه. حيث وجوده في السلطة، هو تحديداً، السبيل الوحيد الحفاظ على حياة الشعب، وهو وحده "لا شريك له" الحامي للرعية من براثن الفوضى والدمار.
لم يكذب الرئيس التونسي المخلوع، زين العابدين بن علي، حين قال "الآن فهمتكم"، فهو لم يكن مضطراً للكذب أو الادعاء بعد أن اتخذ قراره بالرحيل. كان في وسعه المغادرة في صمت، ومن دون اعتراف بأي أخطاء، خصوصا خطأ جوهريا من وزن "عدم فهم" المجتمع الذي يحكمه. لا يعني ذلك بالطبع أن كل من فهم رحل، فكثيرون من مغتصبي السلطة والملتصقين بالكرسي يدركون تمام الإدراك، و"فاهمين كويس"، أنهم مرفوضون، بل مكروهون شعبياً. ولكن المسألة أعمق من مجرد اغتصاب سلطة أو تشبث بالحكم رغما عن أنوف الملايين.
السر في النظرة العنصرية من الحكام للشعوب، فهم (الحكام) يعتبرون أنفسهم أعلى وأعلم وأرقى وبالتالي (أبقى) من شعوبهم. أما أولئك المحكومون فليسوا سوى رعاع ينعمون بامتيازات الرعايا. وليس لأولئك الرعاع أي حقوق بعد المأكل والمشرب، بما في ذلك الحق في التفكير أو التدبير. بل إن حكاما يعزون كل المشكلات والأزمات التي تمر بها بلادهم إلى رغبة الناس في تحسين أوضاعهم أو اختيار من يقودهم. حتى أن أحدهم لا يكتفي بالحكم، وإنما يحاسب الشعب لأنه لا يقوم بواجباته، بل ويحاكمه بتهمة جحود النعمة ونكران الجميل.
موجة الاحتجاجات التي تجتاح المنطقة حالياً مختلفة عن موجة 2011. ذلك أن الأولى كانت تطمح إلى تغيير قواعد العلاقة بين الحكام والمحكومين لتكون تعاقدية واضحة، الكلمة فيها للشعب كما هو الحال في الغرب. ولاعتبارات كثيرة، تخلّت الشعوب عن ذلك المطلب الحالم، أو أُجبرت على ذلك، لترضى باستمرار صيغة الاسترقاق القائمة، وتقنع بمقايضة الحرية مقابل القوت، غير أن هذه المعادلة نفسها اختلت، وما قبلته مرغمةً، حدا أدنى، لم يعد متاحاً. ووجدت الشعوب نفسها بلا حرية ولا قوت، فخرجت ثانيةً لتصرخ ضد الجوع والحرمان قبل الدكتاتورية والاستبداد.
ومن دون اتفاق، اجتمعت شعوب المنطقة من المغرب إلى الجزائر فالسودان ولبنان والعراق، وحتى إيران، على أن ما تعانيه من فقر وحرمان، نتيجة مباشرة للفساد وفشل الإدارة وسوء توزيع الموارد، وكلها رماح تطعن مباشرة في نزاهة القائمين على الحكم وكفاءتهم، بمن فيهم القيادات والمسؤولون التنفيذيون.
من هنا، تجد الحكومات نفسها عاجزة أمام الموجة الاحتجاجية الثانية التي لا ترفع شعارات سياسية، فيمكن اتهامها بالعمالة والتخريب، ولا تطالب بإسقاط "النظام"، لتوصم بالفوضوية ومناوأة الدولة. وعلى الرغم من الإقرار بمشروعية الحق في الحياة، وتخفيف المعاناة الحياتية، إلا أن ترجمة ذلك إلى قراراتٍ وسياسات تعني بالضرورة محاكمة الفاسدين والفاشلين داخل دائرة السلطة والحكم ومحاسبتهم. وهو ما لا يمكن حدوثه لا شكلاً ولا مضموناً، فلن يحاكِم الحكام أنفسَهم. وإذا أسفرت الموجة الثانية عن الإقرار للشعوب بحقها في المأكل والمشرب، فسيعني ذلك اعترافاً بأن للشعوب حقوقاً تنتزع وإرادة تتجسّد. وستكون الموجة الثالثة للمطالبة بالحرية والحق في الاختيار، وهو في أعراف الحكم والتحكّم في بلداننا كُفْر صريح.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.