تبدأ في مارس المقبل الجولة الثانية للمفاوضات في «أديس أبابا» حول النفط مع دولة جنوب السودان، حيث أرجأ عضو وفد الحكومة السودانية المشارك في المفاوضات الزبير أحمد الحسن تأجيل الجولة القادمة للتفاوض إلى مارس المقبل إلى ظروف وترتيبات داخلية إستراتيجية تتعلَّق بدفع العملية التفاوضية وإيجاد حلول توافقية بين الطرفين، وقال: إن الحكومة دخلت في ترتيبات إستراتيجية مهمة تساهم في إيجاد حلول ناجعة لقضية النفط، مبيناً أن أسباب التأجيل تعود أيضاً لعدم مواءمة الوقت المقرّر له نهاية فبراير الحالي، بجانب وجود رئيس الآلية الإفريقية ثامبيو أمبيكي في نيويورك، مؤكداً أن الجولة القادمة ستكون حاسمة لقضية النفط بجانب القضايا الأخرى، مبيناً أن الجولة القادمة بالتفاوض سبقتها حالياً دراسات ومشاورات مستفيضة وشاملة حول إمكانية التوصل لحلول، بجانب استعدادهم التام كوفد سوداني لبذل أقصى جهود ممكنة لتسوية القضايا العالقة. فمن خلال تلك المفاوضات هل سيتوصل الوفدان إلى حلول لمشكلة التنازع حول النفط بين دولتي السودان والجنوب وإنهاء الصراع الأخير؟.. يرى العديد من المراقبين أن تلك المفاوضات لا تختلف عن سابقاتها فمنذ أن بدأت في التفاوض لم يصلوا لحلول جذرية ترضي الطرفين، وفي هذا الجانب يرى الخبير الاقتصادي د. محمد الناير أنه من المؤكد أن الفترة الماضية ومنذ انتهاء جولة المفاوضات الأخيرة وحتى الآن كل فريق عاكف على إعادة حساباته وفقاً لما حدث من توقف فعلياً لتصدير النفط، وبالنسبة لدولة الجنوب لديه تجربة عملية عن كيف يمكن أن يستمر اقتصاده من غير النفط، مشيراً للصعوبات الكثيرة التي واجهت حكومة الجنوب وجعلتها تخفض الإنفاق وهذا القرار لم يحل المشكلة وليس لديها مورد آخر يمكن استغلالة بشكل كامل، أما بالنسبة لحكومة السودان ففقدت أيضًا حوالى «20%» من الإيرادات، وقال: إن الأمر في السودان أفضل لما هو عليه في جنوب السودان لذلك متوقع أن يصل إلى تفاهمات مع حكومة الجنوب بعد أن اتضحت لها الرؤية بأن إيقاف النفط ليس هو الخيار الأفضل ومن ثم سيخلق إشكالات كبيرة في الفترة المقبلة، وأعتقد أن أي فريق من الطرفين أعاد ترتيب أوراقة وتقريب وجهات النظر حول هذا الأمر ولكن في كل الأحوال توقف ضخ النفط يؤثر سلباً على إنتاجية الآبار وهذا يعتبر خسارة كبيرة جداً حتى إن أُعيد إنتاج وتصدير النفط عبر الشمال في الفترة القادمة. ومن جانبه أوضح الخبير الاقتصادي د. محمد الجاك قائلاً: إن نجاح المفاوضات القادمة يعتمد على درجة التفاهم والتنازل بين الجانبين، والتعنت وعدم النتازل أصبح العثرة الأساسية في طريق الوصول إلى حل يرضي الطرفين، وقال: ما يمكن أن يستشفه المتتبع للأحداث أن هنالك احتمالات ضعيفة لتنازلات تستطيع أن تخترق المفاوضات، ولا أرى أن يحدث توافق بين الجانبين، مشيراً إلى أن الجنوب ما زال يبحث عن بدائل حتى لو كانت التكلفة الاقتصادية والاجتماعية لهذه البدائل كبيرة، وأعتقد أن المفاوضات القادمة لم تخرج بجديد رغم أن هنالك إمكانية لتأجيل المفاوضات مدة أطول، وكلما تأجلت المفاوضات ظهرت مصطلحات جديدة بالنسبة للطرفين، وأن الجنوب في هذه المفاوضات سوف يحاول أن يزج ببعض القضايا العالقة الأخرى التي تشكل جزءًا من اتفاقية السلام الشامل وهذا يمكن أن يشكل عقية في المفاوضات القادمة، وأعتقد أن الشمال يركز على البترول وهو المسألة الأساسية بالنسبة للظروف الاقتصادية التي يمر بها السودان والقضايا العالقة لا تشكل أولوية له وإذا تمسك الجنوب بهذه القضايا سيكون حجر عثرة للمفاوضات والوصول إلى اتفاق نهائي.