جاء في الأخبار أن بيير بويويا رئيس جمهورية بورندي السابق وعضو اللجنة الإفريقية رفيعة المستوى برئاسة الرئيس الجنوب إفريقي السابق ثابومبيكي، يعمل على تنظيم منبر تفاوضي في العاصمة البلجيكية بروكسل بين السودان ودولة جنوب السودان، يتركّز على القضايا الرئيسة العالقة بين البلدين والخلافات التي تكاد تقود لحرب ضروس خاصة ما يتعلق بجنوب كردفان والنيل الأزرق والتوترات الناشبة من التصعيد في هذه القضايا... إذا صحت هذه الأنباء، فإن السودان لابد له من التعامل بحسم مع هذه الألاعيب الدولية ويرفض رفضاً قاطعاً هذه اللقاءات التي لا تزيد قضايانا إلا تدويلاً، وتفاقم من التدخل الدولي، في قضايا كان يمكن حلها بطرق مختلفة، خاصة أن هناك تحفظات لدى البعض هنا في الداخل على الطريقة التي تتم بها معالجة موضوع القضايا العالقة كالنفط والحدود عبر لجنة أمبيكي، باعتبار أن هذه القضايا قضايا بين بلدين تحتاج لصيغة أكثر إحكاماً ولإطار جديد يراعي أنها مسائل يحكمها القانون الدولي وليس طريقة الأجاويد... وبقدر ما يشعر المرء بالأسف على ما وصلت إليه حالنا وهواننا على الدول، إذ تتقدم قيادات دول صغيرة لا وزن لها ولا دور مثل بورندي التي لا تزيد مساحتها سوى بضعة آلاف من الكيلومترات عن مساحة مثلث حلايب، للتوسط في حل قضايانا، ويسعى كل زعيم سابق يريد بناء مجد شخصي له، لتعليق صورته وإعلانه على لوحة إعلانات تسمى قضايا السودان وجنوب السودان!! فبقدر هذا الأسف يزيد الأسى من كون الإتحاد الإفريقي ولجانه عاجزين عن فعل أي شيء، فينطلق أعضاء لجانه وبدون تفويض واضح للبحث عن مكان وحضن يحتضن مفاوضاتنا مع دولة جنوب السودان.. كل شيء يخرج وينساب كالماء من بين فروج أصابع الاتحاد الإفريقي وتتلقف الدول الأروربية القفازات وتحاول حشر أنفها في قضية حساسة مثل هذه القضية، والسبب أن أي مستعمَرة أوروبية سابقة تلجأ لتبييض وجه الدولة الأوروبية المستعمِرة لها سابقاً وتقحمها في القضايا التي ينبغي أن تحل داخل البيت الإفريقي... لكن السؤال المهم: هل نحن في حاجة للذهاب إلى بروكسل للتفاوض مع حكومة دولة جنوب السودان؟ لسنا في حاجة لذلك، دولة الجنوب الآن بالنسبة لنا دولة معتدية تشنُّ حرباً علينا وتدفع بعملائها لنشر الحريق المدمِّر في كل الحدود المشتركة وسعياً وراء وهْم إسقاط النظام في الخرطوم.. الحكومة في الخرطوم لا مصلحة لها في إطلاق أي مفاوضات جديدة مع دولة جنوب السودان، التي تتآمر مع الشيطان نفسه على السودان وتسعى لتحريض وتأليب أسيادها في واشنطون والدول الغربية ضد بلدنا، فمثل هذه الحكومة الطائشة لا جلوس معها حتى ترعوي، ولا تفاوض حتى تعرف مع من تتعامل وما هي حدود الاحترام المتبادل والعيش في جوار آمن... كل شيء عدا ذلك لا قيمة له وسيكون مثل الجولات السابقة التي يُهدر فيها الوقت ويرقص فيها المفاوض الجنوبي ومن معه من حلفاء على حبال الزمن والتحايل لكسب نقاط ثمينة من وقتنا وتقدمنا.. نحن قد تجاوزنا قضية الخلاف مع دولة الجنوب، فليبقَ النفط في باطن الأرض، لا نريد مروره من هنا ولا نرغب في رسوم أو غيرها، فلتبحث جوبا عن سبيل ووسيلة أخرى لنقل نفطها، لقد مللنا هذا التلاعب وضجرنا من طول العبث الذي تمارسه جوبا، فأي تفاوض جديد في أي قضية لا طائل تحته، فالأمور وصلت لمرحلة لا تحتمل... صحيح لم يصدر حتى الآن تعليق حكومي على ما ذكرتْه وكالات الأنباء عن الجولة المفترَضة في بروكسل، لكن الأكيد أن الحكومة لن تقبل ولن تذهب بعيداً لحل في مكان قريب..