نرفض تماما ودون مناقشة ولا أسباب الحديث عن المواطنة أو الحريات مع دولة الجنوب، ولا نريد أن تكون لنا أية علاقة مفروضة الآن مع أهل الجنوب، بعدما عشناه طيلة الخمسين عاماً الماضية.. ولا نريد أن نسمع مجدداً مبررات فن السياسة (وبلتوكياتها)، فقد سئمنا ومللنا مماحكات باقان وعرمان المبرمجة، فهذه المرة نقولها «لا» بالفم المليان لحكومتنا، وقد ذهبنا خلفها طاعة في المكره والمنشط في كل مفاوضاتها الطويلة السابقة ومع كل الحركات، ولم نعترض على نيفاشا ولا بروتكولاتها الظالمة والمتعسفة طيبها وخبيثها من أبيي حتى جنوب النيل الأزرق حتى جاء الانفصال.. ثم من بعد ذلك تقبلنا غدر الحلو وحقارة عقار وتشرد أهلنا، وانكسرت نفوسنا من أجل إرضاء أهل الجنوب، مع علمنا أنهم لن يرضوا حتى نترك لهم شريعتنا.. وأخذوا منا البترول الذى دفعنا فيه دم قلبنا، ورفضوا حتى المشاركة الاقتصادية الموقوتة، وأبوا علينا التعويض لما خسرناه جراء قبولنا الانفصال الذي أخذوه على طبق من ذهب.. وأرغمونا على تغيير عملتنا ثم تعديل طبعتها بعد الانفصال، وتتابعت التنازلات، ودفعنا لهم، وصعدنا لأعلى سقوف تعاليهم علينا وتعززهم حتى وصلنا إلى ما وصلنا اليه الآن أن نجثو على رُكبنا ونقبل التعايش معهم غصباً عنا، ليشاركوننا في الأموال والأنفس والجنسية رغم انفصالهم عنا، ووصفهم لنا بالوسخ والعفن.. والله انا لا أدرى ما السر وراء هذا المطلب الغريب.. أن يستباح لهم الشمال ويحتفظوا بحرية المواطنة والتنقل والعمل والتملك.. إذن فما الذى تبقى لنا وما الفائدة التي جنيناها من الانفصال؟ فلا استقرار وصلنا إليه ولا بترول حصلنا عليه.. فما ثمن كل هذا الانبطاح والخوف؟! إن الذي جعل حكومتنا تبارك هذه الاتفاقية الاخيرة هو شروط امريكا وأذنابها والخوف من عصاتها! وإلا فما الجديد؟ فقد أكد كل قيادات الدولة بألارجعة الى الازدواجية ولا الجنسية ولا حريات .. لا أربع ولا واحدة.. فما الذي جعلهم اليوم يهرولون الى تحقيق مطالب عرمان وباقان. والشيء المعلوم ان هذا المطلب تتوافق عليه المعارضة الداخلية والحركات الخارجية وامريكا والغرب جميعه!! أليس ذلك مما يجعل (الفأر يلعب في عبنا)!! والسيد الصادق يقول إنه يسعى إلى إقامة نظام جديد في السودان ودستور يستوعب التنوع السوداني ويكفل المواطنة، وهو مشروع عرمان للسودان الجديد، ويقول الشيخ الترابي إنه وبعد إسقاط هذا النظام سيسعى إلى اعادة الوحدة بين الشمال والجنوب على دستور علماني متوافقاً مع شركائه بالإجماع الوطني!! وامريكا أيضاً تشترط في كل محاولات تطبيعها الأخيرة الجنسية المزدوجة لدغمسة الشريعة وصنع الفوضى والرجوع بنا الى مربعات الحركة الاولى.. ومفاوضو الحركة الشعبية في كل الجولات كانوا يشترطون تخطي عقبة النفط بالجنسية والتنازل عن أبيي، وهذه تحلية بعد العشاء بالمواطنة وحرياتها الأربع!! فما السر في كل ذلك؟ نحن نرفض هذه الحريات الاربع ولو كانت من أجل مصالحنا.. «أيوه رجالة كده وكرامة».. لماذا يحرص الأستاذ سيد الخطيب وعبد القادر على أن نكون دائماً تحت أقدام الجنوبيين؟! ما الذي يخشونه؟! و «الممطورة ما بتبالي من الرشة» فقد قاتلناهم من أجل شريعتنا ولم نجاهد ونستشهد من أجل البترول.. ولا نريد أن نسمع منكم هذه المرة تبريراً، ولن نقبل بالجنسية المزدوجة ولا بحرية التملك ولا التنقل ولا الإقامة.. والجنوبيون الآن عندنا أجانب فقط بعد التاسع من أبريل هذا.. وكفاية استفزاز، ونحن على استعداد لتحمل كل أذى بالصبر، وقد ضاقت علينا الارض قبل ذلك ولم نخرج على ولاتنا كما تفعل الشعوب في العالم العربي اليوم، وكل ذلك من أجل ديننا الذي تريد أمريكا وأذنابها (دلقنته) بهذه الاشتراطات والاتفاقيات.. فنحن يا سعادة الرئيس متوترون الآن، وسنصبر حتى يفرجها الله علينا نهاية هذا العام أو خلال العشرين عاماً القادمة.. فقط نرجو حصر التفاوض في النفط والحدود الزائلة، أما غير ذلك فلا حريات ولا مواطنة ولا أبيي.. حتى يرث الله الأرض ومن عليها.. فلا نريد أن نعود مرة أخرى إلى التفلت والتبرج والعشوائية و «المرايس» بالشمال «رحلة عذاب دابها انتهت كيف تاني ترجع من جديد!!» خلونا نأخذ نفساً.. خلونا نشم هواءً خالياً من رائحة العرقي وسيرة باقان وعرمان.. فقد زهجنا من «حجوة أم ضبيبينة» هذه.. فلنكن نحن «الكعبين» ولو لمرة واحدة.. كفاية سهر «خلونا ننوم».. وده كلو كوم وسفر الرئيس لجوبا كوم آخر «فاذا كان سلفا كير نفسه قد تخارج بأعجوبة ونجا من موت محقق من بني جنسه، فكيف للرئيس البشير وهو بين ألد أعدائه متلفحين بتربص الجنائية»؟! الذي نرجوه يا سيادة الرئيس أن يكون مصير هذا الاتفاق الأخير والخاص بالحريات الاربع هو مصير اتفاق دكتور نافع في أديس أبابا، فالسماح لقطاع الحركة بالوجود في الشمال أهون علينا من هذه الحريات مليون مرة «ونطة واحدة ولا مية بعبوص».