قبل أن تستعيد حكومة ولاية نهر النيل أنفاسها وهي تُنهي اعتصامًا للمناصير أصحاب الخيار المحلي استمر لأكثر من ثلاثة أشهر بعد الاتفاق الذي توصل له الطرفان مؤخرًا تطل قضية أخرى ذات ارتباط وثيق بقضية المناصير وذلك حينما ارتضى أهالي منطقة المكابراب اختيار مساحات ساشعة من أراضيهم ليتم تهجير المناصير إليها وإنشاء مشروع زراعي يحمل ذات الاسم وقرى نموذجية اجتهدت وحدة السدود في إنشائها وتجهيزها بكل محتوياتها وخدماتها وأحالت تلك الصحاري إلى منطقة جاذبة وعامرة بالرغم من أن بعض هذه القرى لا يزال خاليًا من السكان كل هذا الاهتمام والحراك أحدث حالة من الغبن والسخط لدى أهالي المكابراب وبلغ بهم الأمر التهديد بالانسلاخ من المؤتمر الوطني وأكثر من سبعة أعوام يركنون إلى حيث النسيان والتهميش ولم تجن المنطقة غير الوعود الزائفة حسب ما تشير إليه قرارات ولقاءات تمت بين أعيان المكابراب وحكومة ولاية نهر النيل منذ عهد د. غلام الدين عثمان الوالي الأسبق مرورًا بالفريق الهادي عبدالله، ومن ذلك الاجتماع الذي عُقد بمكتب أمين عام حكومة الولاية الأستاذ محمد أحمد الأمين في العام 2006 وشاركت فيه مجموعة من الشركات العاملة في مجال التنمية إضافة إلى مديري الوزارات ومحلية الدامر، وكان الغرض الأساس لهذا الاجتماع هو دعم منطقة المكابراب مع التأكيد والاعتراف بضعف الخدمات فيها خاصة الجانب التعليمي والصحي وأن هذه المنطقة تحتاج لتضافر الجهود لجهة أن أهلها فتحوا أراضيهم ومساحاتهم الشاسعة لاستقبال المتأثرين من قيام السد، وأكد د. هشام من وزارة الصحة أن منطقة المكابراب كانت من أكثر المناطق تأثرًا بالإسهالات المائية وأمّن المشاركون في الاجتماع على الإسهام في توفير الدعم وتوجيه كل الوزارات بالبدء فورًا حسب التاريخ في دعم الخدمات بالمنطقة وذلك بناء على المذكرة التي تقدمت بها لجنة المنطقة وتشمل التصديق بإنشاء مدرسة أساس وأخرى ثانوية وتخطيط قرية المكابراب لتصيح قرية نموذجية تسع المكابراب شرق وغرب إلى جانب إنشاء مركز صحي مزوَّد بالكوادر والمعدات وتشييد مجمع إسلامي به مسجد وملحقاته ودعم الأندية الثقافية، وطالبت المذكرة بري المساحة غرب طريق التحدي وشرقه وشماله وجنوب ترعة المناصير وضمان أراضٍ زراعية للسكان مع تثبيت حقوق المكابراب، وبالرغم من توجيهات الوالي وأمانة الحكومة للجهات المعنية بتنفيذ هذه المطالب إلا أن بيروقراطية الإجراءات في مكاتب الولاية حالت دون تنفيذ أيٍّ من هذه المطالب مما دفع لجنة المكابراب مرة أخرى لرفع تظلم لكل مديري الوزارات ليجد هذا التظلم دوره من الإهمال والتجاهل، فيما دفع شباب المكابراب مذكرة خلال تلك الفترة للسيد والي الولاية أشادوا فيها بتضحية المناصير بأرضهم وتضحية أهل المكابراب واستقبالهم بكل حفاوة مشيرين إلى الظلم الذي لحق بهم واستلاب أرضهم دون تعويض أو حتى اهتمام بخدمات المنطقة، وهكذا تداعت المواقف همسًا وجهرًا وحكومة الولاية لا تحرك ساكنًا ووفد من المنطقة يضم عددًا من الشيوخ والشباب حضروا إلى مكاتب الصحيفة ابتدروا بقولهم نحن من الأغلبية الصامتة، ويقول الأستاذ علي إبراهيم نصر رئيس رابطة المكابراب وأمين عام اللجنة الشعبية: استنفدنا كل أوراقنا للمطالبة بحقوقنا ولكم أن تتصوروا حجم معناة أهلنا وأطفالنا ونسائنا وليس بيننا وبين الدامر عاصمة الولاية غير «20» كلم تمتد المنطقة شرقًا إلى نهر عطبرة وإلى العالياب جنوبًا وغربًا منطقة المروة، وحينما وقع الاختيار على أراضينا لتهجير المناصير رحّبنا بهم باعتبارهم ضحوا لأجل الوطن، وكنا نعتقد أن المعاملة ستكون مماثلة للمهجَّر والمهجَّر إليه خاصة في مسألة الخدمات، غير أن ذلك لم يحدث وصبرنا على هذا الظلم ولم نبد أي مسلك من شأنه تعكير صفو الولاية التي عُرفت بالتسامح والإخاء، ولنا عهد وميثاق مع السيد رئيس الجمهورية منذ توليه زمام الأمور لم ننكص عنه وقدمنا عددًا من الشهداء وكان دعمنا واضحًا للمؤتمر الوطني خلال الانتخابات الأخيرة، ورئيس الجمهورية في مرة من أحاديثه قال: «عوضوا أهلي المكابراب» ومرة قال لنا «حقكم عند الهادي» ويضيف رئيس الرابطة أن منطقة المكابراب ومنذ العام «1958» لم تشهد المنطقة إنشاء مدرسة، وحتى الآن بها مدرسة مختلطة واحدة، وتساءل أي عدل هذا؟! نحن منطقة مثل أي منطقة في السودان لها مطالب مشروعة ولا نريد أكثر من ذلك، كما أن لنا تعويضات يجب أن تلتزم بها حكومة الولاية.. وبصورة غاضبة قاطع أحد الحضور الحديث قائلاً من غرائب الأمور أصبحنا نعمل أجراء في أرضنا، ويضيف علي محمد إبراهيم: استقطعنا مساحة معتبرة لإحدى السواقي لشق ترعة مشروع المكابراب وباتت أراضينا يبابًا دون أن تروى من هذه الترعة وطالبنا وحدة السدود بعمل كوبري على الترعة حيث شق علينا عبورها وحالت بيننا وبين المقابر التي ندفن فيها موتانا وعلى مضض أنشأت «كوبري» من حديد قد لايستمر طويلاً.. على العموم كما يقول إبراهيم هي جملة من الرسائل نخص بها رئيس الجمهورية ولا نقول الوالي لأن ما يقوم به الآن حول أحقية أراضي المكابراب لجهة أخرى قد يكون فتنة لا يحمد عقباها وبمثل ما كانت تضحيتنا نرجو التعويض والالفتات إلى قضايا المنطقة وحلها بأسرع ما يكون.