مثلما ظل الوعد يتدفق من أرض العطاء والنماء القرير بمحلية مروي تلك المدينة الساحرة بطبيعتها الخلابة التي ألهمت الشعراء بقوافي النظم وجعلت الأنامل تعبث به طربًا عبر إيقاع الدليب وأوتار الطمبور كان الوفاء ينتظر أبناء رابطة طلاب وخريجي القرير بالجامعات بالتعاون مع منتديات القرير لرد بعض من الدين للقرير وأهلها وإحياء لذكرى الفقيد د. مجاهد بابكر الرفاعي، نبعت فكرة تسيير قافلة طبية تحمل اسم الفقيد وقد تداعى لها نفر كريم من الخيرين من أبناء المنطقة بدءًا بالدعم المادي والعيني إضافة لإسهامات عدد من شركات الأدوية بدعمها السخي والمؤسسات الطبية وبعض الجهات الرسمية والقوات المسلحة، انطلقت القافلة صوب القرير وهي تضم مجموعة من الأطباء في التخصصات المختلفة وفنيي معمل من جامعة النيلين يتقدمهم وفد الرابطة والمنتديات ووسط استقبالات حاشدة وحفاوة بالغة ولأكثر من أربعة أيام واصلت القافلة نشاطها بكل مناطق القرير المختلفة وشملت كلاً من الصفا قوز قرافي، وقوز هندي، وحي السوق، والقلعة، والعامراب والكُري وهكذا جادت قريحة د. إيناس محمد عبد الرحمن وهي ضمن الوفد حين صوّرت هذا الموقف بالأبيات التالية: اتحركنا دوب سايقين قوافل شوقنا قاصدين القرير الحنو مالي عروقنا قوز هندي وكنيسة وقوز قرافي وسوقنا حتى القلعة والعامراب جميلن فوقنا وهكذا استقبلت مراكز هذه المناطق عددًا من الحالات المرضية خاصة الالتهابات وأمراض العيون وغيرها من الحالات التي وجدت حظها من الكشف الطبي، ومن ثم صرف الدواء مجانًا غير أن عملية كشف النظر هي الأهم للكثير من كبار السن بالمناطق المختلفة وأغلب الحالات عبارة عن حساسيات والرمد مع رصد 67 حالة كتراكت «موية بيضاء» تحتاج لعمليات بالخرطوم بتكلفة مرتفعة تصل الواحدة منها إلى ما يقارب الثلاثة آلاف جنيه قد تصعب على الكثيرين بسبب عدم المقدرة المادية غير أن الطبيب الإنسان د. عبد الرافع حاج القسم اختصاصي العيون قام بتوجيه كل العمليات إلى المستشفى التركي بجبرة لإجرائها مجانًا في حين قوبلت الخطوة بارتياح بالغ هذا إضافة إلى فني البصريات محمد الفاتح حمد الذي أجرى عمليات كشف البصر لعدد من الحالات، وحول النتائج التي حققتها القافلة يقول محمد بابكر رئيس اللجنة الشعبية لحي الشاطئ جاءت القافلة في الوقت المناسب والمنطقة في أشد الحاجة لها وهذا شيء يحسب لأبناء المنطقة خاصة بالرغم من وجود عدد من المراكز الصحية التي تم تشييدها، أما بالجهد الشعبي أو الرسمي وفي كلا الحالتين لم تفعل حتى الآن لأسباب عديدة ضمنها عدم وجود الكادر الطبي ومعينات العمل من أجهزة وغيرها بخلاف مركز الرأفة الخاص والذي يعد أنموذجًا للمؤسسة التي ظلت تقدم خدمات ممتازة دون تعقيدات وتكاد تكون الخدمة به لمدة 24 ساعة للمواطن، أما منتصر أحمد محمد علي قوز هندي فيرى أن القافلة أعادت النشاط والحيوية في صفوف الشباب والخريجين بعد انقطاع استمر لفترة طويلة، ويضيف أنها مثلت بارقة أمل لتقديم مزيد من الخدمات للمنطقة ومواطنيها ولابد لأبناء المنطقة بولاية الخرطوم وغيرها من مد يد العون للرابطة وغيرها من منظمات المجتمع المدني لتصب في هذا الاتجاه، ويبدو أن القافلة أصابت أهدافها من واقع ما ذكره المهندس محمد عمر قرافي الملا مبينًا أنها حملت اسم أحد أفذاذ المنطقة الدكتور مجاهد بابكر الذي لقي ربه في العام الماضي وهو يقوم بأداء واجبه المقدس وسُمِّيت بالذكرى الأولى على أمل أن تكون سنوية إن لم تكن كل ستة أشهر وهذا يمثل جزءًا من الوفاء لذلك الطبيب الإنسان الذي عرف بين أهله بطيب الأخلاق وحب المنطقة التي ترعرع فيها وآثر أن يكون طبيبًا وسط أهله تاركًا العمل بالخرطوم أو أي من المدن الأخرى وعدد الملا جملة من الفوائد للقافلة إلى جانب تقديم الدواء فإن عمليات المسح والإحصاء لحالات تفيد المسؤولين في التقييم وتقديم خدمات مقابل ذلك، وأشاد باستجابة الأطباء وطلاب المختبرات الطبية مثمنًا الجهود التي بذلوها لإنجاح القافلة مما انعكس إيجابًا على تلقي كثيرين للعلاج عجزوا عنه لأسباب البعد عن الخرطوم والمشغوليات المرتبطة بشأن الزراعة والعمل اليدوي إلى ذلك تعهد فارس عمر محمد أحمد رئيس رابطة طلاب وخريجي القرير بمواصلة تنفيذ برامج الرابطة في المناشط الاجتماعية والثقافية والخدمية والتفاعل مع قضايا المنطقة والسعي إلى حلها بالتضامن مع الجهات ذات الاختصاص لينعم إنسان المنطقة بمزيد من الاستقرار ودفعًا لمسيرة التنمية مؤكدًا أن الرابطة تحمل العديد من البرامج التي من شأنها أن تسهم في تطوير المنطقة ورسم خارطة طريق تجمع أطياف المجتمع في أدوار تكاملية.