يصبح التحقيق والتحري في حادث البرادو ببورتسودان عند مدخل المدينة يوم أول من أمس، بلا أدنى معنى ولم تُعرف نتائج التحقيقات في الحوادث السابقة المشابهة التي حدثت بذات الطريقة في البحر الأحمر، ولا شك أن إسرائيل تقف وراء هذه العمليات، وتعترف أجهزتها وتنشر وسائل إعلامها أخباراً عن هذه العمليات وتكشف اليسير من المعلومات حولها، ونخشى أن تكون المعلومات شحيحة للغاية لدى السلطات المحلية عندنا التي لم تحدد حتى الآن أسباب انفجار العربة ووفاة صاحبها، هل هي بفعل مواد متفجرة زُرعت في السيارة أم قصف صاروخي كما حدث في المرات السابقة.. ووصلت لبورتسودان بالفعل بعثة تمثل فريقًا فنيًا من الشرطة والقوات المسلحة وجهاز الأمن وجهات أخرى للتحقيق في الحادث ومعرفة أسبابه وفحص العربة ومكان الانفجار ومخلَّفاته، وتحديد الأسباب الرئيسة وراءه والجهة التي استهدفت العربة وصاحبها وغرضها من وراء ذلك.. وسبقت من قبل الإشارة إلى أن لإسرائيل وجودًا في البحر الأحمر في بعض الجزر في دول الجوار ومنها إريتريا، وأن لديها قطعًا بحرية عائمة تستخدمها في تنسيق عملياتها في شرق السودان من التنصت والمتابعة والرصد وتوجيه الطائرات والقذائف الصاروخية، وتتعاون في ذلك مع الولاياتالمتحدةالأمريكية باستخدام أحدث التقنيات العسكرية لتنفيذ هذا النوع من الهجمات الانتقائية التي تنفَّذ بدقة كبيرة.. وكل ما لدى المحللين ورواة الأخبار رواية يتيمة لا دليل على صحتها ولا سند متصل بوقوعها، مفادها أن دولة الكيان الصهيوني تترصد عمليات تهريب سلاح عبر شرق السودان إلى قطاع غزة إضافة لتسلل مجموعات بشرية من خارج السودان إلى داخل إسرائيل عبر الأراضي المصرية.. وبالرغم من أن عدة ضربات تمت في شرق السودان من قِبل الطيران الإسرائيلي إلا أنه لم يثبت من مصدر آخر غير المصادر الإسرائيلية ما يؤكد هذا الزعم، لكن في كل الأحوال، هناك دافع وراء هذه العمليات العسكرية التي تجاوزت كل الأعراف والقوانين الدولية وفيها خرق واضح لسيادة السودان واعتداء صريح على أراضيه ومواطنيه بما يتوجَّب التحرك الدولي والقانوني الفاعل لإدانة الكيان الصهيوني.. مقابل ذلك، لا يصحُّ أن تعلن الدولة تحقيقات كل مرة، دون أن يكون لديها منذ البداية تحديدٌ واضح ومعرفة دقيقة بالطريقة والسلاح المستخدَم في الهجوم على هذه السيارات في مدينة بورتسودان وكيفية تلافي ومواجهة هذه الضربات، بالرغم من أن الحديث عن تقنيات جديدة في مجال تحديث أجهزة الرصد والرادارات والمراقبة الفضائية تم تداوله أكثر من مرة في لقاءات وزير الدفاع وغيره.. غير أن الأسلوب في التعامل مع هذا الحدث بداية بتصريح وزير الخارجية والجهات المنوط بها التعاطي الإعلامي مع هذه القضية، لا يزال يشوبه الكثير من التعجل وتسطيح المعلومة، فالتعليق لا بد أن ينطلق من معلومات حقيقية لا تقبل الترجيح والرجحان، وتحديد الجهة المسؤولة بدقة ووضوح له فائدة ونفع في المتابعة والملاحقات القانونية الدولية والتحرك السياسي، كما له ذات الفائدة في تسهيل مهمة فرق التحقيقات والتحريات، لأن الواضح في هذه الضربات الهجومية، وجود جهات تساعد من على الأرض وتوجِّه هذه الصواريخ وتحدِّد الهدف، مثلما يحدث في الأراضي الفلسطينية، فلإسرائيل عملاء وجواسيس على الأرض يقومون بدور أساس يتساوى في فاعليته مع دور الطائرة أو الجهة التي أطلقت الصاروخ على البرادو... المهم الآن كشف شبكات العملاء على الأرض الذين يوفِّرون المعلومات ويحدِّدون الهدف وإحداثيات وجوده وتحركاته، فهو الخطوة الأولى في مواجهة ودرء هذه الهجمات...