للحكاية بقية: يروي بعضا منها/أحمد يوسف التاي بعد «24» ساعة فقط من انهيار نظام العقيد القذافي سارعت الخرطوم إلى إلقاء ثقلها إمعانًا في التأييد للعهد الجديد وذلك بإيفاد مبعوث رئاسي على مستوى عال وهو مديرجهاز الأمن والمخابرات
الفريق محمد عطا المولى إلى مدينة الثوار الليبيين «بنغازي» حيث التقى عطا هناك رئيس المجلس الانتقالي الليبي مصطفي عبدالجليل وأجرى معه مباحثات مهمة وسلمه رسالة خطية على درجة من الأهمية من الرئيس عمر البشير. ولاشك أن لزيارة عطا الخاطفة إلى بنغازي في هذا التوقيت وبذات السرعة، في هذه الظروف الدقيقة والحساسة لاشك أنها تنطوي على قدر كبير من الدلالات والأبعاد السياسية والأمنية. الدور السوداني في انهيار النظام الليبي: ترددت من وقت لآخر معلومات غير مؤكدة أن الخرطوم لعبت دوراً مهماً في دعم الثوار الليبيين وأسهمت في عملية محاصرة النظام «نظام العقيد القذافي»، ومن تلك المعلومات التي ترددت أن الخرطوم فتحت مجالها الجوي لقوات الناتو إلا أنها نفت ما تردد حول هذا الشأن ثم تواترت بعد ذلك معلومات تشير إلى أن الخرطوم قدمت معلومات مهمة لقوات الناتو وتعاونت بشكل غير محدود في هذا الصدد، وهذا ما لم تؤكده الخرطوم أو تنفه، غير أن ما تأكد جلياً أثناءزيارة مدير جهاز المخابرات السوداني محمد عطا لبنغازي أن رئيس المجلس الانتقالي الليبي شكر لموفد الرئيس البشير، حكومة السودان على ما قدمته من دعم للثوار منذ انطلاقة الثورة الليبية. ومهما يكن من أمر فإن هناك كثيرًا من الشواهد والمعطيات تشير بشكل أو بآخر أن السودان لعب دورًا أمنيًا وسياسيًا في دعم الثورة الليبية وإنجاحها على نحو أكثر بكثير من دعمه السياسي للثورة المصرية، ومعلوم أن الخرطوم تعد الآن الكاسب الأكبر في الإقليم من انهيار النظامين المصري والليبي خاصة الأخير الذي يعد انهياره فتحًا كبيرًا للحكومة السودانية التي أثقلت كاهلها مغامرات القذافي ودعمه المتواتر لمتمردي دارفور وجنوب السودان السابقين. الخرطوم «مبسوطة» ويضاف إلى ذلك أن سقوط النظام الليبي الذي أثلج صدر الخرطوم أكثر من غيرها من دول الإقليم كان بمثابة قاصمة ظهر لحركة العدل والمساواة بزعامة الدكتور خليل إبراهيم حيث أدت هذ الخطوة إلى تجفيف منابع دعم هذه الحركة بشكل قاطع، وبناء على هذه الحقيقة فإنه من الطبيعي أن تقابل الحكومة السودانية تطورات الأحداث في ليبيا بآمال عراض وشعور بنشوة الانتصار ومن الطبيعي أيضًا أن ترمى الخرطوم بثقلها في دعم الثوار الليبيين حتى يقفوا على أرجلهم ويواصلوا انتصاراتهم من أجل استقرار المنطقة، وعليه يمكن قراءة الزيارة الخاطفة والسريعة ذات الأبعاد والدلالات العديدة التي قام بها عطا المولى إلى بنغازي من هذه الزاوية. المطلوب من الثوار من ناحية أخرى يمكن قراءة الزيارة نفسها أن الخرطوم تعوّل كثيرًا على الثوار في أن يلاحقوا زعيم حركة العدل والمساواة الدكتور خليل إبراهيم الذي تشير المعلومات أنه مازال داخل الأراضي الليبية، واذا كان الثوار الليبيون الآن اعلنوا عن مكافأة لمن يعثر على القذافي أو يقتله، فإن أمر اعتقال خليل وتسليمه الخرطوم أيضًا لا يقل عن ذلك حيث يُتوقع أن تكون الخرطوم قد طلبت بشكل جاد من الليبيين البحث عن خليل بجانب القذافي وتسليمه للحكومة السودانية، ولاشك أنه إذا حدث ذلك «القبض على خليل» فإن فرحة الخرطوم وانتصارها سيكتمل على النحو المطلوب.ثمة دلالة أخرى للزيارة والرسالة الخطية الرئاسية وهي أن الخرطوم تريد أن تؤسس علاقات متينة قائمة على التعاون الأمني مع العهد الجديد في ليبيا لتعمل من خلالها على التقليل من المخاوف التي تشير إلى محاذير التدخل الأجنبي في المنطقة على غرار ماحدث في العراق، لأن هذا السيناريو إذا تكرر في ليبيا لاشك أنه سيضع المنطقة كلها على فوهة بركان وبالتالي ستشتعل الأوضاع المشتعلة أصلاً في السودان خاصة في دارفور وجنوب كردفان، وهذا ما تسعى الخرطوم حاليًا لتلافيه من خلال هذه الخطوات المتسارعة والمبكرة تلقاء ليبيا الثورة...