انفجرت خلال الأيام الماضية أزمة بين قيادات الحركة الشعبية تيار السلام التي يقودها الفريق دانيال كودي، وتعود جذور الأزمة إلى تداعيات ترتيبات قيام المؤتمر التأسيسي للحزب الذي من المفترض أن يُعقد خلال الأسبوع الجاري، ولكن ربما تكون الأزمة التي طالت الحزب مؤخراً قد أجلت المؤتمر لأيام أخرى.. أصل المشكلة أن الفريق دانيال كودي بوصفه رئيس الحزب اتخذ قراراً بإجماع الهيئة القيادية بفصل الفريق محمد احمد عرديب نائبه في الحزب من الحزب بصورة نهائية وأبلغ مسجل الأحزاب بقرار الفصل، وللحقيقة فإن عرديب لم يُفصل لوحده بل معه آخرون، وهذا أول قرار من نوعه يتخذه الفريق دانيال كودي في حق أحد رفقائه في الحزب، وعُرف عن دانيال الأستاذ العريق أنه من القيادات الهادئة والمتوازنة جداً والتي لا تتسرع في اتخاذ القرارات إلا بعد الوصول لقناعة مطلقة حولها، وللرجل حنكته السياسية وخبرته التراكمية الطويلة في المجال السياسي والحربي فهو من المؤسسين الأوائل لتنظيم الحركة الشعبية في جبال النوبة، وإن لم تغالطني الذاكرة فإن دانيال قد سبق يوسف كوة في الانضمام للحركة الشعبية إيماناً منه وقتها بأن المنطقة تعاني من تهميش وإهمال في قضاياها من الحكومة المركزية، ولكن الرجل في نفس الوقت كان وحدويًا من الطراز الأول، تمرد على سلفا كير حينما عرف أنه يقود الجنوب للانفصال.. المهم أن ما حدث من خلاف خلال الأيام الماضية لم يكن دانيال طرفاً فيه وإنما تدخل في اللحظات الأخيرة حينما استفحل الأمر واستحكمت حلقاته ليفض النزاع ويحفظ التئام الحزب.. فالسيد عرديب هو بالفعل رئيس اللجنة العليا ولكنه أخفق في أنه شرع في ترتيب وإدارة المؤتمر بعيداً عن اللجنة العليا وعن اللجان الفرعية وانفرد بمجموعة محددة بدأ في إدارة ترتيب المؤتمر معها وهناك من أسرّ لي أن هناك مجموعة خلف عرديب قد يكون عرديب نفسه لا يدري أبعاد ما تسعى له في نهاية المطاف، وهو توجيه المؤتمر حسبما تريد، والدليل القاطع والتآمر على قيادات مؤسسة بإبعادها من كشوفات الحزب، وقد أدرك هؤلاء أنهم خارج كشوفات الحزب في اللحظات الأخيرة على الرغم من أنهم يرأسون لجانًا أساسية للمؤتمر التمهيدي.. في رأيي الخاص أن ما حدث مهما كانت واجهته لا يتوافق مع الجو العام لترتيبات المؤتمر، ويُحدث في نفس الوقت حالة من الربكة والضباب الكثيف حول المؤتمر وحول نشاط الحركة الشعبية تيار السلام بالداخل، فمن باب أولى أن يلتئم جميع كوادر الحركة الشعبية في الوقت الراهن ويحتملوا بعضهم البعض من أجل العبور بالحزب إلى بر السلام خاصة أن حزبهم مستهدَف من قبل عبد العزيز الحلو وجماعته، وإذا ما وجد هؤلاء الفرصة لشق وتشتيت الحركة الشبعية تيار السلام لنسف أهدافها السامية من أجل السلام والاستقرار ونبذ العنف وتهيئة الأجواء لعودة النازحين والذين لا يزالون يقاتلون إلى جانب عبدالعزيز الحلو فإن هذه واحدة من الأشياء الأساسية التي يسعى لها جماعة الحلو، وما نخشاه أن تكون هذه الخطوة بداية لتفتيت تيار السلام بالداخل، فقد كان الناس يعولون ولا يزالون على دور كبير ومرموق لهذا الحزب في المنطقة عمومًا وهي منطقة جنوب كردفان.. إذاً المطلوب من هؤلاء القيادات تهدئة الأمور وتجاوز المحطات الصغيرة والمطبات السياسية التي ينصبها البعض، وأعتقد أن على قيادات المؤتمر الوطني وخاصة أبناء جنوب كردفان وجبال النوبة كالسيد محمد مركزو على سبيل المثال دور هام جداً في مساعدة مجموعة دانيال كودي حتى ترسخ أقدامها في الأرض وليس العكس.. ما أتمناه أن يتجاوز هؤلاء هذه الأزمة بالسرعة المطلوبة حتى لا تصبح شأناً يعكر صفو الحزب.. فقضايا جنوب كردفان أكبر من الاختلاف حول أشخاص أو مناصب أو حفنة من الجنيهات.