لقد كان حصول أحمد شفيق الذي كان من رموز النظام السابق في مصر على 5.500 مليون صوت حدثًا مفاجئاً بكل المعايير والمقاييس.. إلا أن حصول أحمد شفيق على أربعة ملايين أخرى يتفوق بها على محمد مرسي لن يكون حدثاً مفاجئاً بل سيكون صادماً وسوف يستدعي إعادة النظر في الجولتين.. بل سوف يستدعي إعادة النظر في مسلمات أخرى كثيرة.. ولا أحسب أن أمراً مثل هذا سوف يحدث للمعطيات التي قدمناها. لكل ذلك فإني أرى أن على مرشح الإسلاميين داخل مصر وخارج مصر أن ينظر لنفسه على اعتبار أنه الرئيس المصري القادم.. دون أن يكون لأحد عليه منّة أو فضل.. فلله وحده الفضل والمنّة.. وهو نصرٌ عندما يأتي وسوف يأتي بإذن الله سيكون نصرًا مستحقًا ونعمة أنعم بها الله سبحانه وتعالى على أهل الإسلام بعد مجاهدات دامت أكثر من نصف قرن من الزمان. لذلك فإن الواجب على حركة الإخوان المسلمين وعلى جميع التنظيمات الإسلامية والوطنية.. سلفيين وغير سلفيين ومستقلين وغير مستقلين وعلى الرئيس المنتخب محمد مرسي أن يعلم وأن يعلموا أن الواجب عليهم أن يولوا الفضل أهله.. ولن يتم له ولهم ذلك إلا بالعزم الصادق على ترسيخ شعائر الدين وشرائعه بعد هذا التمكين «الذين إن مكنّاهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ولله عاقبة الأمور» صدق الله العظيم إن محمد مرسي شاء أم أبى سوف يأتي حين يأتي ليس فقط رئيساً لجمهورية مصر العربية أو الإسلامية ولكنه سوف يأتي رئيساً لجمهورية الأشواق.. جمهورية المجاهدات.. والمكابدات.. جمهورية الصبر والاحتساب.. جمهورية الشهداء وأبناء الشهداء وأرامل الشهداء وأسر الشهداء.. جمهورية الدعاة والفقهاء والقراء والعلماء.. جمهورية المظلومين والمقهورين في مشارق الدنيا.. ومغاربها. يأتي محمد مرسي رئيساً لجمهورية السجناء السياسيين والمعذبين من لدن سجن ليمان طرة أو سجن العقرب وسجن الدمو وسجن المغول إلى سجن قوانتنامو في آخر سنوات القهر والاستبداد الأمريكي الأسود. إن محمد مرسي جاء لتحقيق أشواق هؤلاء وغيرهم وغيرهم ممن يضيق المجال بذكرهم. وهؤلاء أولى بتطمينات محمد مرسي التي بعث بها إلى قطاعات المرأة وقطاعات الشباب والأقباط. إن محمد مرسي لن يُسأل يوم القيامة عن حرية المرأة ولا عن الديمقراطية ولا عن مشاركة الأقباط في مؤسسة الرئاسة. إن محمد مرسي سوف يُسأل عن إقامة الدين.. إن محمد مرسي ليس مسؤولاً عن تطمين الناس بأن الإسلام لن يظلمهم.. إن محمد مرسي مسؤول عن إثبات وإقرار وتنفيذ عدل الإسلام ووسطية الإسلام وبالفعل لا بالقول ولا بالكلام.. ولا بالوعود.. إن الذين انتخبوا محمد مرسي يعرفون برنامجه للحكم وعلى أساسه انتخبوه. إن الذين دخلوا سجون الجبابرة وعُذِّبوا فيها وقُتلوا واستشهدوا لم يفعلوا ذلك ولم يتحملوا كل ذلك من أجل الديمقراطية.. بل إن الذين خرجوا واعتصموا وصلّوا الجمعة والجماعة في ميدان التحرير لم يفعلوا ذلك دفاعاً عن الديمقراطية. بل فعلوا ذلك طلباً لإقامة الدين كله.. إن أحداً لم يطلب من محمد مرسي أن يعين أحد الأقباط نائباً لرئيس الجمهورية.. ولا طالبه أحد بحكومة لا يرأسها أحد الإخوان!! وما فائدة حكومة لا يرأسها أحد الإخوان؟ وما هو برنامجها.. وما هو معيار محاسبتها؟ إن محمد مرسي لا يحتاج إلى كل هذه التطمينات والتنازلات لا قبل جولة الإعادة ولا بعدها.. إن محمد مرسي يحتاج إلى أن يثبت إلى الدنيا أنه له برنامج.. وأن برنامجه هو الإسلام.. وأنه يفهم تماماً هذا البرنامج.. وهو على قناعة تامة به.. وأهم من ذلك.. أن محمد مرسي يحتاج لأن يقول للدنيا كلها.. هذا هو الإسلام!! وهذه هي الشورى!! وهذه هي العدالة!! وهذه هي نظافة اليد!! «وأطيعوني ما أطعت الله فيكم» و«هاؤم أقرءوا كتابيه» إن محمد مرسي لا يحتاج أن يشتري طاعة ولا أن يقترض بيعة.. ولا أن يغتصب خلافة.. إن محمد مرسي يحتاج أن يقدم إلى الدنيا برنامجه في الحكم.. ويحتاج أن يقدم للدنيا مزاياه الشخصية التي استحق بها أن يكون إماماً للدنيا.. أما برنامجه.. فهو الإسلام.. وأما مزاياه الشخصية.. فهي.. أن محمد مرسي ليس طاغوتاً.. ولا جباراً من الجبابرة. وأهم من ذلك.. أن محمد مرسي ليس أرجوازًا ولا دمية في يد أحد.. ولا يخشى في الدنيا إلا الله وهو لا يقدم خطاب الدورة للبرلمان.. إلا بعد أن يكون قد قدمه واستعرضه واطمأن إليه.. بين يدي الله.. وفق كتابه وسنة رسوله «صلى الله عليه وسلم» هذا أو الطوفان!!