جاءت تبريرات وزير المالية علي محمود حول إنفاذ قرار رفع الدعم عن المحروقات ووصفه للقرار بأنه «شغل دولة مفلسة»، وبأن «الفقر من الله»، جاءت لتؤكد أن الوزير لا يزال متمسكاً بهذا القرار الذي تم رفضه مرارًا من قبل البرلمان.. تبريرات الوزير جاءت محبطة للكثيرين خاصة من قبل نواب البرلمان باعتبار أن هناك بدائل أخرى للخروج من العجز المالي ووضح ذلك من خلال تصريحات عدد من أعضاء البرلمان منهم عباس الخضر الذي أكد في تصريحات صحفية وجود بدائل متاحة، وأوضح أن التوقيت لتنفيذ هذا القرار غير مناسب وغير موفق، وقال إذا صدر القرار «حيزيد الطين بِلة» على المواطن، كذلك شدد العضو مهدي أكرت على ضرورة إرجاء تطبيق القرار، مبيناً أنه سيكون له آثار مدمرة على استقرار الأمن، وقال في تصريحات صحفية إن الكل يعلم أن هناك بدائل متاحة يعلمها وزير المالية من بينها تخفيض مخصصات الدستوريين، ومنع التجنيب التي تقوم بها بعض الوزارات والصناديق الحكومية. وقال: «إذا طبقت الحكومة القرار سيقودها لحافة الهاوية»، وأكد على أن البرلمان إذا مرر هذه الميزانية سيفقد مصداقيته أمام الشعب الذي انتخبه. وقد حذّر برلمانيون من خطورة هذا القرار في أنه ليس الحل من الخروج من الضائقة المالية وإزالة الفقر ما لم يتم القضاء على الفساد بالمؤسسات الرسمية. متهمين جهات بالدولة بتمرير أية قروض تأتي للبلاد لجهات محددة، وقالوا: «إذا لم يُجتث الفساد الموجود فلن تكفي أي موارد جديدة تدخل الخزينة». رفض البرلمان لقرار وزير المالية ولما به من خطورة قد لا يحمد عقباه جعل عدداً من نوابه يسعون بمحاولات تبدو وكأنها قد باءت بالفشل لإثناء الحكومة عن هذا القرار، وقد أكدت معلومات أن عددًا معقولاً من النواب شرعوا في تحركات وصفت بالماكوكية لإقناع الحكومة والمؤتمر الوطني بالعدول عن قرار رفع الدعم عن المحروقات، والبحث عن بدائل أخرى أهمها تجميد كل مشاريع التنمية بجانب تخفيض بنود الميزانية إلى «50%»، إلا أن تلك المحاولات تبدو وكأنها لم تصمد أمام إصرار وزير المالية على إنفاذ قرار رفع الدعم، وظهر ذلك في حديثه أمام المجلس الوطني أول أمس مقدماً تبريراتٍ أبرزها أن الدولة مفلسة وأن الحالة الاقتصادية الآن أفضل مما كانت عليه قائلاً: « نسيتو زمن الحفاظات والبراميل يا أخوانا». إلا أن الخبير الاقتصادي والمحلل محمد الناير أكد ل«الإنتباهة» في حوار سابق عدم جدوى ما سيحققه قرار رفع الدعم عن المحروقات بغرض سد عجز الموازنة الذي قد يقدر ب «ملياري جنيه»، مشيراً إلى جملة من الحلول المقترحة بديلاً لهذا القرار تعود على الاقتصاد والدولة والمواطنة بعوائد أفضل. وعزا د. الناير تمسك الدولة بهذا القرار إلى كونه غير مكلف وسريع وسهل التحصيل على كل ومع تحذيرات ورفض واسع من قبل البرلمان لقرار رفع الدعم عن المحروقات الذي بدأ إنفاذه على الرغم من أن عدداً من الخبراء السياسيين والاقتصاديين حذروا من تنفيذه، ولم يستبعدوا حدوث ربيع عربي يجتاح البلاد بسبب الضغوط الاقتصادية. ونصح الخبراء الحكومة في ندوة أقيمت بالمركز العالمي للدراسات الإفريقية بعدم استعجال اتخاذ القرار. ولم يستبعد عدد منهم أن يكون وراء الأزمة صراع قوى إقليمية ودولية وداخلية لإسقاط النظام. وأكد وكيل المالية الأسبق الشيخ المك في الندوة المذكورة أن الدعم المقدم للمحروقات يبلغ «9» مليارات جنيه، مشيرًا إلى أن العجز بلغ «4 6» مليارات جنيه، وأشار إلى وجود «4» وزارات بالحكومة مجنِّبة «5» ملايين جنيه على مسمع ومرأى رئاسة الجمهورية والبرلمان. فهل ستستجيب الحكومة لنداءات البرلمان والخبراء أم لوزير المالية علي محمود الذي لا يرى مخرجاً من الأزمة سوى تطبيق هذا القرار؟!