هو «معلم»... هذا الشعب، الذي علم الشعوب معنى الثورة وكيف يكون النضال... هو شعب اللاءات الثلاث، ولا يستحق أن يوصف ب «الجبان»... وهؤلاء الذين يهتفون بأنه «شعب جعان لكين جبان» أصحاب «بناطلين السيستم والتشيرتي والبُضي» لم يعرفوا حقيقة هذا الشعب بعد، وظنهم فيه أنه كذلك مجرد «مُقلد» يخرج إلى الشارع فقط لأن الناس في جوارنا القريب خرجوا لإسقاط الأنظمة ظنهم فيه كان إثمًا، يستوجب التوبة، وربما الغسل.. وإزاء هذا الظرف الحرج، والضائقة المعيشية الطاحنة، والارتفاع الجنوني وغير المسبوق في الأسعار، والانهيار الوشيك للاقتصاد... قد لا يجد الشعب غير الثورة طريقاً للخلاص، إن كان شعباً سطحياً بلا عقل يتدبر، أو قلب يهدي إلى سبيل الرشاد، وإن كان همه الخبز والماء البارد، وإن كانت قضيته الدنيا، وغاية مطلبه البطن المنتفخة، والنعيم الزائف، ولا أظن أن هذا الشعب «المعلم» يثور لصغيرة، وهو قد جُبل على دك الصعاب، وسما فوق العروض الزائلة نحو فضاء الانعتاق... لا يرهن قوته عند رأس مطأطئ ولا تنكسر له عين في وجه كائن من كان.. إنه الشعب المعلم.. لكن بأي حق ينعت هؤلاء، هذا الشعب المعلم ب «الجبان»، وإلى أي خلفية استندوا، وكيف لهم بهذه الجرأة والتطاول «وقلة الأدب»... ألم يستبن لهم تاريخ النضال غير المدفوع بغرض، والناصع حد البياض، هم لا أظنهم قد انتبهوا لهذه السقطة، بيد أن الشعب لم يلتفت لمحاولاتهم اليائسة لاستفزازه، ومضى إلى شأنه وهم ما زالوا في جهالة من الأمر، وهتافهم ما زال هو هو : «الشعب جعان لكين جبان»!!. ثم إن الخطأ لا يتحمله هؤلاء وحدهم، فهم مسيرون، ومدفوع بعضهم بجهالة ولا يعقلون وينقاد البعض الآخر لهذا الأمر حتى يكتب في صحيفة «حريات» من المناضلين، وبعضهم تاق لنشر صورته البطولية على أحد مواقع التواصل الاجتماعي... أقول إن الخطأ ليس خطأ هؤلاء وحدهم، إنما يشاركهم فيه بقدر أعظم أولئك المهووسون بهوس الكرسي، والمراهنون على الفرس الخاسر... ذلك لأنهم لم يربوه على فضيلة النصر، ولم يطعموه بعد عرق يُسكب أو عمل يُنجز، فصار الطعام يأتيه بحق أو بباطل، وهل يُنتظر من هذا خير!! الذين يدفعون بأصحاب «البناطلين الناصلة» ليسبوا هذا الشعب المعلم، وينعتوه بالجبان، هم ولا ريب غرّتهم السانحة التي ظنوا خلالها أن المترنح الآن يسقط بعد حين، وما علموا أن الجوع ورفع الدعم عن المحروقات وزيادة الأسعار والضائقة المعيشية بشكل أعم، لا تحرك في هذا الشعب المعلم «شعرة»، كونه محفوظة كرامته وآمن في سربه ولا يعطي الدنية في دينه، ودون ذلك «السما التنقد»!! ملحوظة: الثورة المزعومة والتي انطلقت من جامعة الخرطوم فقط، وبإيعاز ودعم وتحريض من لجنة تعبئة العاصمة القومية المنبثقة من تحالف قوى الإجماع الوطني بقيادة منذر أبو المعالي ترفع شعار: «الشعب جعان لكين جبان»... سبحان الله!!