منذ اندلاع ثورة الإنقاذ كان أول الشعارات التي وجدت رواجاً وذاع صيتها شعار:«نأكل مما نزرع ونلبس مما نصنع» الذي ضُمِّن في قصيدة جاء فيها أيضاً: «حنشيِّد نحنا بلادنا ونفوق العالم أجمع» ثم شعار: «لن نذل ولن نهان ولن نطيع الأمريكان» ثم تم تحوير أبيات معروفة منذ عهد الصحابة للصحابي الجليل عبدالله بن رواحة في غزوة مؤتة التي اُستشهد فيها :« يا حبّذا الجنة واقترابها طيبة وبارد شرابها.. الروم روم قد دنا عذابها.. كافرة بعيدة أنسابها.. عليَّ إن لاقيتها ضِرابُها.. فقال أهل الإنقاذ:«أمريكا وروسيا قد دنا عذابها عليَّ إن لاقيتها ضرابها» ويقال إن الثورة في بداياتها كان لها هتيِّفة منتشرون في الولايات يلهبون حماس الجماهير من خلال ترديد شعاراتها.. وقد غرست الثورة حماسة منقطعة النظير في أوساط المجتمع السوداني لجهة إحساس الناس باعتزامها الاعتماد على نفسها وإدارة ظهرها للغرب ولن تمد يدها لأحد مثلما فعلت الأحزاب وجعلت السودان في مقام الدول طالبة الإعانات فضلاً عن الإحساس المستوطن لدى المواطن السوداني بأن الغرب ظل يستعمر بلدان العالم الثالث علاوة على عدم قبول الإنسان السوداني بالحقارة وأن القادمين الجدد خرجوا من صلب القوات المسلحة التي تُخرِّج الرجال ولحزمة هذه الأسباب كان الإيمان الكبير بشعارات ثورة الإنقاذ والاقتناع بمبادئها وتوجهاتها التي رفعتها من خلال تلك الشعارات. وقد فعلت تلك الشعارات الجاذبة والقوية مفعول السحر في المواطن السوداني وتم توظيفها بشكل كبير ومباشر في أهم المسائل التي قوَت من الإنقاذ ومكنتها من البقاء لفترة طويلة وهي الحرب في الجنوب وقد تدافع الآلاف من الشباب للذود عن حياض الوطن. وتنوعت شعارات الإنقاذ وتوزعت ما بين الجهادي وذلك ما جاء في سياق العمليات بالجنوب أثناء اشتداد أوار الحرب مثل شعار: «خائن يا قرنق خائن.. خائن وجبان خائن».. ويُذكر أن الشهيد الزبير محمد صالح كان يتساءل عند لقائه المجاهدين «قرنق مالو» ؟ ويأتيه الرد سريعا «خائن وجبان» وكان لذلك الشعار دور كبير في مقت المواطن للجيش الشعبي وللحركة الشعبية وقائدها الراحل جون قرنق وكسبت الإنقاذ الشعب إلى جانبها في حرب الجنوب .. بل أن شعارات الإنقاذ جعلت جلَّ الشعب السوداني يتعرف على العسكرية وبات مألوفاً أن يقول لك مسؤول إنقاذي «أرمي قدام» ويأتي الرد «ورا مُؤمن». وكذلك من أبرز الشعارات الشعار الذي أظهر الإنقاذ في ثوب الزاهدة في السلطة.. «لا للسلطة ولا للجاه» وكان فور إطلاقه مواكباً وواقعياً إلى حد كبير عندما احتسبت الإنقاذ خِيرة رجالها ومنهم من صنع الثورة وقامت على أكتافه مثل الشهيد المشير الزبير محمد صالح والشهيد إبراهيم شمس الدين والوزير محمد أحمد عمر، وكان ذلك درساً بليغا وقف حياله الكثيرون والإنقاذ تقدم أبناءها قرباناً وفداءً من أجل أن تظل شعلة الثورة متقدة بل أن الرئيس البشير قدّم شهداء من أسرته. ومع طول بقاء الإنقاذ في السلطة حدثت متغيرات داخلية وخارجية كانت لها تأثيراتها على الأوضاع بالبلاد ومع تلك الحالة حدثت تحولات لشعارات الإنقاذ وذهبت بعضها أدراج الرياح بدءاً بشعار: «نأكل مما نزرع ونلبس مما نصنع».. والشعار التهديدي لأمريكا وروسيا بعد أن دخلت الإنقاذ في حوار طويل مع الأولى واقتربت كثيرًا من الثانية خاصة بعد تفكك الاتحاد السوفيتي بل إن موسكو باتت أحد أبرز حلفاء الإنقاذ.. فضلاً عن أن شعار:« لا للسلطة ولا للجاه» تباعدت المسافة بينه وبين الإنقاذيين خاصة عقب وقوع المفاصلة الشهيرة بين الإسلاميين في العام 1999 وشقها لصف أهل الإنقاذ. بل إن خصوم الإنقاذ وصفوها بأنها ثورة شعارات!!.. لكن غير معلوم أهو ذكاء من أهل الإنقاذ أم الظروف هي التي خدمتهم وقد تولدت شعارات جديدة مخالفة تماماً للشعارات السابقة وفيها قدر كبير من التحدي لخصوم الداخل «المعارضة» وأعداء الخارج «بعض الغربيين» مثل الشعار الذي رفعوه تجاه كل قرار لا يعجبهم «بلوه وأشربو مويتو» الذي رفعته الإنقاذ في وجه بعض قرارات مجلس الأمن في فترات متفاوتة فضلاً عن شعار «لحس الكوع» الذي أهدته الإنقاذ لمدعي الجنائية السابق موريس أوكامبو بل أن معارضة الإنترنت دعت جموع المواطنين للخروج للتظاهر يوم أمس وأطلقت على الجمعة «جمعة لحس الكوع» وفيما يبدو أن المعارضة الإسفيرية «لحست كوعها» أمس بعد الهدوء الذي لف العاصمة. ومهما يكن من أمر فإن شعارات الإنقاذ حتى وإن تاجرت بها أهل الإنقاذ فإنها شعارات براقة جنى أهل الإنقاذ من ورائها الكثير.