للاهتمام استجابة.. ولا أحد يملك ضمانًا لدى الآخرين أن يكون مثار اهتمامهم الدائم.. الاهتمام قد تصيبه الوقتية والظرفية وقد يكون لصيقًا بنا وواجبًا ولامناص إلا أن نهتم، نحن نغذي النزعة وننفيها برد الاهتمام بتقديره والتفاعل معه.. ولا يمكن أن تسعد بشيء ما وتتجاهله.. ولا يكون حصادك وفيرًا بعد تركه للجفاف أو الجفاء! ففي حياتنا معادلات تستقيم إذا أقمناها وأخرى لا تخضع لقانون حسابي أو شخصي بل تتوازن بفرضياتها الخاصة جدًا.. ولا نجادل.. جدير بنا أن نتخذ الاهتمام منهاجًا في حياتنا ولا نفلته أبدًا.. نهتم بالآخرين فذلك يغذي علاقتنا بهم ويقويها.. نهتم بتطوير أنفسنا.. ترقيتها.. تنقيتها مما لحق بها من الآخرين والأيام والدهر.. جدير بنا مسايرة معدلاتنا الحياتية والبحث وراء عدم موازنة طرفيها.. لا نستطيع لوم أحدٍ ما أنه لا يهتم بأمرنا ونحن مقصرون في التواصل معه حتى وإن ألزمت صلة الدم بذلك.. فتلك النفس الإنسانية جدًا بحاجة ماسة إلى زاد التواصل.. ولا نستطيع التواصل في وسط الغموض والتقلب؛ ونحن نفقد القدرة على التفهم مع تكتُّم الآخر.. ونحن لا ننتظر أن يطلب منا الآخرون أن نهتم؛ نحن نهتم لأن الآخرين يستحقون ذلك ولا نتخذ الاهتمام وصولاً لشيء في أنفسنا مقيم!! وفي المقابل نستمد القدرة على الاهتمام من مساحات الآخر أمامنا وبداخلنا.. واهتمام الأشخاص بعضهم ببعض تحكمه الألفة والروابط والاعتبارات.. أما الاهتمام المؤسسي فنحن ننتظره ونتوقعه ونفترضه حضورًا كل حين ولا عذر للجهات الرسمية.. فهو إما اهتمام يثلج الصدور أو امتعاض يثير النفوس ولا حل وسطي.. فعندما تكون المؤسسات هياكل أسمنتية تخفي وراءها إنسانية متكاسلة.. متخاذلة.. تستمد يومًا بعد يوم من هياكلها البرود والجمود.. يسعدنا الاهتمام ولو معنويًا.. فللمعنويات فعل سحري فينا.. تقوينا وتحفزنا وبها نستتشعر جمال الوجود.. فما بالنا بمعنويات مبدع.. فنان أو كل من يملك أداة إبداع يبثه فينا بلا ضمانات منتظرة.. يظل المبدع فينا ولا يحس بمشاركتنا إياه حياته وإبداعه ويظل يبدع لأن قدره الإبداع وقدره فينا التجاهل حتى الرحيل أحيانًا لا يكفي لإيقاظنا ! رحل مؤخرًا الكثير وتعاظم الألم علينا في فقد الرحيل وفقد التجاهل.. وتمر ذكرى مبدعينا بسلام الصمت.. وإذا ذكرناهم فهي مجالس حديث ودردشة!! بكاء على أطلال الذكرى لا يشفي الفقد ولا هو بقامة الرحيل.. ولا نفحة لأهل خصم الإبداع أيامًا من رصيد العمر وتركهم بلا رصيد ولا رفيق.. وإذا احتسبنا الرحيل ومن رحل استسلامًا ويأسًا فلماذا لا نعتبر الدروس في الأحياء بيننا وهم كثر ينتظرون اهتمامًا يغالب الوقت!! اهتموا فللاهتمام استجابة وامتلاء وأمل.. لإبداع ما زال يتفجر وآخر نتلقفه من رحم الغيب أخضر!!