العراق يهزم السودان بثنائية ويعبر لدور الثمانية بكأس العرب    إسحق أحمد فضل الله يكتب: (حديث نفس...)    سلطة الطيران المدني تعلن عن فتح مسارين جويين جديدين بالسودان    للمرة الأولى.. السعودية تواجه نفس الخصوم في كأس العالم    أطباء بلا حدود: أكثر من 1.5 مليون سوداني فروا من الحرب إلى مصر    شاهد بالصورة والفيديو.. طفل عراقي يفاجئ والده والحاضرين ويتوقع فوز صقور الجديان على منتخب بلاده في كأس العرب والجمهور السوداني: (ربنا يسمع منك)    فوائد النعناع واستخداماته العلاجية.. تعرّف عليها    اكتشاف ثوري يربط جودة النوم بصحة الأمعاء    السودان.. المحكمة تصدر حكمًا قاسياً على معلّم الثانوي    ترامب .."لا أريد الجوائز... أريد إنقاذ الأرواح"    السكري وصحة الفم.. علاقة متبادلة    العبيد أحمد مروح يكتب: أمريكا كانت تعرف، فلماذا سمحت بذبح السودانيين ؟    السودان يندّد بالمذبحة الجديدة    الصفا الابيض يكتسح الاهلي نيالا بخماسية    الأهلي الأبيض يتجاوز الناصر أمدرمان في الدوري العام    مان يونايتد يفشل في تحقيق الفوز    رئيس مَوالِيد مُدَرّجَات الهِلال    شاهد بالصورة والفيديو.. طفل عراقي يفاجئ والده والحاضرين ويتوقع فوز صقور الجديان على منتخب بلاده في كأس العرب والجمهور السوداني: (ربنا يسمع منك)    شاهد.. أحد أفراد الدعم السريع يفجر مفاجأة داوية وينقل لزملائه خبر وفاة قائد ثاني المليشيا عبد الرحيم دقلو    شاهد.. أحد أفراد الدعم السريع يفجر مفاجأة داوية وينقل لزملائه خبر وفاة قائد ثاني المليشيا عبد الرحيم دقلو    شاهد الفيديو الذي أشعل الحرب بين المطربتين هدى عربي وأفراح عصام في زفاف "ريماز" والجمهور يلوم السلطانة: (مطاعنات قونات)    شاهد الفيديو الذي أشعل الحرب بين المطربتين هدى عربي وأفراح عصام في زفاف "ريماز" والجمهور يلوم السلطانة: (مطاعنات قونات)    نتيجة قرعة كأس العالم 2026.. تعرف على طريق المنتخبات العربية في المونديال    "روفا" الرئة الثالثة التي لا تتوقف عن الركض للهلال والسودان    بالصورة.. الفنانة أفراح عصام تفتح النار على مطربة شهيرة عقب نهاية حفل زفاف ريماز ميرغني: من عرفتك نحنا بنسجل في البرنامج وانتي في محاكم الآداب وقبلها المخدرات مع (….) وتبقي فنانه شيك كيف وانتي مكفتة ومطرودة!!    إصابات وسط اللاعبين..بعثة منتخب في السودان تتعرّض لعملية نهب مسلّح    "يارحمن" تعيد الفنانة نانسي عجاج إلى القمة.. أغنية تهز مشاعر السودانيين    تنويه عاجل لهيئة مياه الخرطوم    كامل إدريس يوجه برفع كفاءة قطاع التعدين    تصريحات ترامب المسيئة للصومال تثير غضبا واسعا في مقديشو    قرار عاجل لرئيس الوزراء السوداني    حريق سوق شهير يسفر عن خسائر كبيرة للتجار السودانيين    مياه الخرطوم تكشف تفاصيل بشأن محطة سوبا وتنويه للمواطنين    إدارة ترامب توقف رسميا إجراءات الهجرة والتجنيس من 19 دولة    الخرطوم تعيد افتتاح أسواق البيع المخفض    إدارة التعدين بولاية كسلا تضبط (588) جرام و (8) حبات ذهب معدة للبيع خارج القنوات الرسمية    محافظ بنك السودان المركزي تزور ولاية الجزيرة وتؤكد دعم البنك لجهود التعافي الاقتصادي    الأمين العام للأمم المتحدة: صراع غزة الأكثر دموية للصحفيين منذ عقود    بشكلٍ كاملٍ..مياه الخرطوم تعلن إيقاف محطة سوبا    فيلم ملكة القطن السوداني يحصد جائزة الجمهور    إحباط تهريب كميات كبيرة من المخدرات والمواد الخطرة بنهر النيل    الصحة الاتحادية تُشدد الرقابة بمطار بورتسودان لمواجهة خطر ماربورغ القادم من إثيوبيا    العطش يضرب القسم الشمالي، والمزارعون يتجهون للاعتصام    إخطار جديد للميليشيا ومهلة لأسبوع واحد..ماذا هناك؟    إحباط تهريب أكثر من (18) كيلوجرامًا من الذهب في عملية نوعية    مقترح برلماني بريطاني: توفير مسار آمن لدخول السودانيين إلى بريطانيا بسهولة    إحباط تهريب أكثر من (18) كيلوجرامًا من الذهب في عملية نوعية    بالصورة.. مذيعة سودانية كانت تقيم في لبنان: (أعتقد والله اعلم إن أنا اكتر انسان اتسأل حشجع مين باعتبار اني جاسوسة مدسوسة على الاتنين) والجمهور يسخر: (هاردلك يا نانسي عجرم)    وصول 260 ألف جوال من الأسمدة لزراعة محاصيل العروة الشتوية بالجزيرة    مصر.. تحذيرات بعد إعلان ترامب حول الإخوان المسلمين    شاهد.. بعبارة "كم شدة كشفت معادن أهلها" صورة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان تزين شوارع العاصمة السودانية الخرطوم    الشتاء واكتئاب حواء الموسمي    عثمان ميرغني يكتب: تصريحات ترامب المفاجئة ..    "كرتي والكلاب".. ومأساة شعب!    ما الحكم الشرعى فى زوجة قالت لزوجها: "من اليوم أنا حرام عليك"؟    حسين خوجلي: (إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار فأنظر لعبد الرحيم دقلو)    حسين خوجلي يكتب: عبد الرجيم دقلو.. إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار!!    (مبروك النجاح لرونق كريمة الاعلامي الراحل دأود)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تخفيضات ضروريات..د. عارف عوض الركابي
نشر في الانتباهة يوم 16 - 07 - 2012

التقليل في الإنفاق والصرف على مستوى الدولة والأفراد هو أحد الإجراءات التي وجدت الحكومة وكذلك عامة الناس الضرورة إليها في الأيام الماضية.. وذلك في مقابل ما تعيشه البلاد في هذه الفترة من سوء في الحالة الاقتصادية وارتفاع في الأسعار وغلاء في السلع الأساسية، وانخفاض متزايد لسعر الجنيه.. والعمل والأخذ بالأسباب النافعة في ذلك لا تخفى أهميته، فاتجهت الحكومة إلى تخفيض في الصرف ببعض الإجراءات، ووجد الكثيرون من عامة الناس أن لا مفر إلا بترك بعض بنود الصرف وتقليل عدد الوجبات، وتقليل ما تشمله الوجبات رغم قلته!!
ومما يجب ألّا يغفل في مواجهة الغلاء الطاحن والتردي في الأحوال الاقتصادية الاجتهاد في «تخفيضات ضروريات» غير تخفيضات بنود الصرف، فتغيير الأحوال بالاستقامة على دين الله تعالى يجب أن يعلم أنه هو السبيل الأجدى في تغيير ما بنا من حال، قال الله تعالى: «وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ..» سورة الأعراف.
تقليل المعاصي والوقوع في الموبقات والمنكرات، وتخفيض أسباب سخط الله تعالى، وبذل الجهد في المعافاة من أسباب العقوبات العاجلة والآجلة هو أهم أسباب تغيير الحالة الاقتصادية بل والحالة الأمنية والصحية والاجتماعية، وكل الأحوال السيئة التي يعاني منها الأفراد والمجتمع في بلادنا.
لا أظن أني بحاجة لذكر الأدلة التي تبين أهمية العناية بتقليل الشر والفساد.. فهي أوضح من أن تُذكر في مثل هذا المقال..
لابد للجهات المختصة وللأفراد في بلادنا من بذل كل الجهد لتقليل الفساد في أرض الله تعالى، فقد كثر الفساد بأنواعه العقدي والأخلاقي والمالي والتعبدي وغير ذلك.. ولا بد من الاجتهاد في تخفيض نسب الظلم الذي يقع من كثير من الناس..
ولا بد من إدراك أن الإجراءات التي اتُّخذت والتي ستُتخذ لاحقاً على مستوى الفرد والجماعة لمواجهة الأوضاع الاقتصادية المتردية لا بد من إدراك أنها لن تجدي ولن تفيد إذا لم تظهر العناية بتخفيض الفساد بأنواعه والاجتهاد في تقليله.. فالأمر كله بيد الله تعالى، وإن من سنن الله الكونية أن لا يغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم.. وإن الإعراض عن توجيهات الله تعالى وأحكامه التي شرعها لصلاح أحوال عباده وعدم العناية والاهتمام بها لهو من سبل معيشة «الضنك»..
فلنستقبل شهر رمضان بالتوبة النصوح والجدية والعزم لتقليل الفساد ولنتأمل هذه الأسباب التي ذكرها الله تعالى وهي من أسباب رحمته تعالى بعباده: «ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ «55» وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ» «56» سورة الأعراف. فإن عدم الفساد في الأرض من أسباب قبول الدعاء وإجابته ومن أسباب الحصول على رحمة الله تعالى ورحمته «قريب» من المحسنين.. ومن أبرز صفات المحسنين أنهم لا يفسدون في الأرض.
ولضرب الأمثلة ببعض صور الفساد التي يجب الاجتهاد في تقليلها أو زوالها من مجتمعنا حتى تتغير أحوالنا وترغد معيشتنا ونهنأ بأمن وأمان واستقرار، فمن تلك الصور ما يفعله الدجالون والمشعوذون والسحرة المنتشرون في مدن وقرى البلاد إذ يأكلون أموال الناس بالباطل ويجعلون البسطاء يبيعون ما يملكون ودفعه لهم ويضيعون عليهم دينهم باستعانتهم بالشياطين وهو من أسباب الهلاك الخاص والعام «وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا «6» سورة الجن. فاستعانتهم وعبادتهم للشياطين من تضييع حق الله تعالى الذي خلق لأجله الخلق، وهو أعلى درجات الظلم، وأسوأ أنواع الفساد في الأرض، فما أكثر هؤلاء الدجاجلة، ولدى الجهات المختصة الأخبار الكثيرة عنهم وعن آثارهم السيئة، فهلا قرت أعين من يعظمون الله تعالى وينصرون حقه، ومن يحبون الخير لسائر إخوانهم المسلمين، ويرغبون في أن لا يمسهم شر هؤلاء المشعوذين، هلا قرّت الأعين بحسم فساد هؤلاء؟! فالفساد الذي ينتزع به حق الله في العبادة، أو حق نبيه عليه الصلاة والسلام في الاتباع والطاعة من أهم ما يجب أن يعتنى بحسمه، وكذلك الفساد العقدي الخطير الذي انتشر في بعض بلادنا بالطعن في زوجات النبي الكريم وصحابته الكرام وهو طعن يُراد منه الطعن في كتاب الله وسنة نبيه عليه الصلاة والسلام، وهذا من أسوأ أنواع الفساد في أرض الله تعالى ومن الطعن في القرآن والسنة اللذين شهدا بفضلهم وعدالتهم رضي الله عنهم وأرضاهم... ومن صور الفساد انتهاك الأعراض واللعب بأعراض المسلمين، فامتلأت الشوارع بمناظر مخجلة، ومؤذية، بل سوح الجامعات وصالات التعليم تشهد فساداً واضحاً ولا حياء لهؤلاء، وفي المقابل اختفى دور المعلمين والمدرسين والأساتذة، وإني لأتعجب كيف يقصر كثير من الأساتذة دورهم في سرد المعلومات وما يتعلق بالمقررات ويغفلون جانب السلوك، وينظرون للجلسات المريبة والخلوات المدمرة، والمناظر المستفزة دون أن ينكروا هذه المواقف المريبات، ونتج عن هذه العلاقات الكثير من الآثار السيئة المعروفة لسائر الناس!! للأسف الشديد.. فأين أهل الغيرة وأين أهل المروءة ؟! وأين أولياء أمور أولئك الفتيات ؟! عنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما، قَالَ: أَقْبَلَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَليْهِ وسَلَّمَ، فَقَالَ: «يَا مَعْشَرَ الْمُهَاجِرِينَ خَمْسٌ إِذَا ابْتُلِيتُمْ بِهِنَّ، وَأَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ تُدْرِكُوهُنَّ:لَمْ تَظْهَرِ الْفَاحِشَةُ فِي قَوْمٍ قَطُّ، حَتَّى يُعْلِنُوا بِهَا، إِلاَّ فَشَا فِيهِمُ الطَّاعُونُ، وَالأَوْجَاعُ الَّتِي لَمْ تَكُنْ مَضَتْ فِي أَسْلاَفِهِمُ الَّذِينَ مَضَوْا.وَلَمْ يَنْقُصُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ، إِلاَّ أُخِذُوا بِالسِّنِينَ، وَشِدَّةِ الْمَؤُونَةِ، وَجَوْرِ السُّلْطَانِ عَلَيْهِمْ.وَلَمْ يَمْنَعُوا زَكَاةَ أَمْوَالِهِمْ، إِلاَّ مُنِعُوا الْقَطْرَ مِنَ السَّمَاءِ، وَلَوْلاَ الْبَهَائِمُ لَمْ يُمْطَرُوا.وَلَمْ يَنْقُضُوا عَهْدَ اللهِ، وَعَهْدَ رَسُولِهِ، إِلاَّ سَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ عَدُوًّا مِنْ غَيْرِهِمْ، فَأَخَذُوا بَعْضَ مَا فِي أَيْدِيهِمْ.وَمَا لَمْ تَحْكُمْ أَئِمَّتُهُمْ بِكِتَابِ اللهِ، وَيَتَخَيَّرُوا مِمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ، إِلاَّ جَعَلَ اللَّهُ بَأْسَهُمْ بَيْنَهُمْ» رواه ابن ماجة والحاكم والبيهقي والبزار وغيرهم وصححه الألباني.
لا بد من تقليل نسب الفساد المالي وأكل أموال الدولة، فجرائم المال العام كثرت حتى أُصبنا بالخجل الشديد من حال بلادنا!! ولا أظن أن هذا الأمر سيتغير ما لم تظهر محاكمات علنية وواضحة للمجرمين الذين أكلوا المال العام وأدخلوا على أنفسهم ومن حولهم أموال الدولة التي هي حق عام للفقراء والمساكين والطلاب والعجزة واللقطاء والمسجونين والمشردين وغيرهم فيه حق.. ولا بد من تخفيض نسب جرائم «الشيكات الطائرة» والغش وأكل أموال الناس بالباطل بتغيير ضوابط التعامل في هذا الجانب الذي كثر الضحايا منه، وامتلأت السجون بسببه، ولا بد من حسم بيوع «العينة» «الكسر الربوي» وهي من الربا الذي يحصل في معارض وساحات بيع السيارات «الكرينات» وبعض أسواق المحاصيل، فلدينا أسواق «مواسير» عديدة وليس سوق المواسير هو سوق بالفاشر فحسب!!
وصور الفساد المنتشر كثيرة وما أشرت إليه هو نماذج، فإن كنا حكاماً ومحكومين، عامة وخاصة، معلمين ومتعلمين جادين في تغيير أحوالنا للأحسن وتوفير حياة كريمة لنا ولأبنائنا وأجيالنا القادمة فعلينا بهذه التخفيضات، وتقليل الشر في هذه الجوانب وغيرها.. ولا يخفى علينا مثل قوله تعالى: «إن تنصروا الله ينصركم» وقول النبي الكريم عليه الصلاة والسلام: «احفظ الله يحفظك..» وإذا عرفنا فلنلزم.. هذا هو الدواء لما بنا من أدواء.. وإنه لدواء ناجع، وشفاؤه عاجل بإذن الله تعالى، ومن أصدق من الله قيلاً ومن أصدق من الله حديثاً..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.