جاء في إحدى الصحف السيارة أنه وبقرار جمهوري قد انتهى عهد الرقابة الأمنية القبلية التي كانت مفروضة على الصحف في السودان!! هل هذا يعني بأن رفع الرقابة عن الصحف معناه «حرية الصحافة». من الممكن أن تكون هناك حرية صحافة ولكن من المستحيل أن توجد صحافة حرة.. ولذلك فإن من الخطأ أن يقول أحد «إن عنده صحافة حرة» فالأصح أن يقول«أن عنده مساحة من الحرية». وفي يقيني أن الذي يقول إنه يملك الحرية الكاملة في صحافته.. هو الذي لا يملك منها شيئًا.. بينما الذي يعترف بأن صحافته لها المساحة المتاحة من الحرية.. فهو الصادق الأمين. وصف رئيس الجمهورية الرقابة التي كانت مفروضة على الصحف بأنها كانت عملاً استثنائيًا ولم تكن إجراء أصليًا.. ونوّه فخامته إلى أن الحرية لديها حدود وإلا أصبحت فوضى!! نعم فخامة الرئيس الحرية التامة.. فساد كامل.. ولديك صحافة بيروت التي امتلكت حريتها الكاملة في عز ازدهار لبنان.. ولكنها لم تكن حرة فيما تنشر، لارتباطها بسياسة الذي يدفع.. أو السوق الذي يطلب ما لايعترف بدين ولأخلق ولا تقاليد. وأكد الرئيس التزام الحكومة برفع الرقابة، وقال نحن ملتزمون برفع الرقابة مادام الصحفيون ملتزمين بميثاق الشرف الصحفي.. وأضاف أن رفع الرقابة يتيح فرصة كافية للآلية المتابعة، ولسنا أحرص من الآخرين على السودان.. لكننا أكثر مسؤولية بحكم مواقعنا. فخامة الرئيس.. هناك عامل مهم لتقييد الحرية المطلقة للإنسان الذي يحمل بين جنبيه النفس الأمارة بالسوء.. هو الالتزام بدين الله القويم وما أمر به أو نهى عنه.. والتقاليد الاجتماعية وما أجمع الناس على الحسن منها أو القبيح.. والأخلاق الإنسانية وما تخص عليه أو تنفر منه والمصلحة العامة للوطن وما تفرضه من واجبات وتمنع ممارسته من سلبيات تضر الوطن والمواطن.. بمثل هذا تحد «ضم التاء» حرية الصحافة في معظم دول العالم المتقدم. ودعا فخامة الرئيس للتفريق بين معارضة الحكومة ومعارضة الدولة محذرًا الصحف من الترويج لإثارة النعرات وتضخيم المظالم.. وأشار فخامته إلى أهمية وجود هيكل قيادي في كل المؤسسات الصحفية للتمكين من الإطلاع على كل المواد الصحفية والتأكد من خلوها من المحاذير الواردة في ميثاق الشرف الصحفي. بالتأكيد فخامة الرئيس الوطن يحكم «ضم الياء» بشرع الله الذي كرم الإنسانية «ولقد كرمنا بني آدم» فإنه أي الوطن يمنح الصحافة حرية لا تقيدها منها التقاليد والأخلاق الإنسانية.. ومصلحة الوطن الذي هو أمانة في أعناق الجميع.. وفي ظلال هذه الحرية ستعيش صحافتنا على امتداد تاريخها الذي مكّن الصحفيين المخلصين من أداء واجب الرسالة المناطة بهم والتي احتملوا أمانتها بإخلاص واقتدار. أي نعم بإخلاص واقتدار الصحافيين المدركين لمسؤولياتهم.. وفي ظل الحرية المتاحة الآن ستستطيع صحافتنا الراشدة أن تقدم الفكر المستنير والرأي الناضج لقرائها.. وأن تكون لهم عينًا تنظر بها عمل العاملين.. فتقول للمحسن أحسنت وللمسي أسأت.. كيما يتبين طريق الصواب فينتهجه.. والله من وراء القصد.. ودمتم