السؤال: هل يلزم الصائم أن ينوي صيام رمضان ومتى تكون النِّية؟ وهل يُجدّد النِّية لكل يوم من رمضان أم تكفيه نية واحدة لكل الشهر؟ الجواب: النية ركن من أركان الصيام لا يكون الصيام ولا يصح إلا بها لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إنّما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى». فيلزم كل من أراد أن يصوم رمضان أن ينوي صيام رمضان. وينوي قبل طلوع الفجر في كل صيام واجب، كصيام رمضان وصيام القضاء والكفارة والنذر، وهذا معنى التبييت في قول النبي صلى الله عليه وسلم: «من لم يبيّت الصيام قبل طلوع الفجر فلا صيام له»، هذا ما ذهب إليه الجمهور. وقد أجاز المالكية وبعض الشافعية عقد نية الصيام مع طلوع الفجر، لأنه عبادة، والعبادات تجوز بنية تقارن ابتداءها، كذلك الصيام. وهل يشترط أن ينوي الصائم ليلة كل يوم من رمضان؟ قال أبو حنيفة، والشافعي، وأحمد في رواية: يحتاج صوم كل يوم من رمضان إلى نيّة. وقال مالك والليث بن سعد وإسحاق بن راهوية وأحمد في الرواية الثانية: من بيّت الصيام أول ليلة من رمضان أجزأه ذلك عن سائر الشهر لأن من كان شأنه صيام يوم من الأيام لا يدعه فإنه لا يحتاج إلى التبييت. وهو الصحيح: لأنه صيام متصل لا يجوز قطعه إلا لعذر، ولأن حديث «من لم يبيّت الصيام قبل الفجر فلا صيام له» فيه جواز صيام الشهر كله بنية جامعة، والألف واللام في الصيام للعهد، والمعهود صيام شهر رمضان. وقد سيق الحديث لأجله. قيمة الفدية السؤال: والدي لا يستطيع الصوم بسبب مرضه؛ فما مقدار ما يخرج من الفدية؟ وما قيمتها بالنقد؟ وهل يجوز لي أنا ابنه أن أخرجها نيابة عنه؟ وهل يجوز إخراجها مجتمعة لمحتاج واحد فقط؟ الجواب: أولاً: ليس على والدك حرج في ترك الصيام لكونه مريضاً، وقد قال الله تعالى «لا يكلف الله نفساً إلا وسعها» وقال «يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر» وقال «وما جعل عليكم في الدين من حرج». ثانياً: إن كان مرض الوالد يُرجى برؤه فالواجب عليه القضاء متى ما زال مرضه؛ لقوله تعالى «فمن كان منكم مريضاً أو على سفر فعدة من أيام أخر» أما إذا كان مرضه مزمناً وعرف بإخبار الطبيب الحاذق أنه لا يرجى برؤه أو كان عاجزاً عن الصوم لشيخوخته؛ فالواجب عليه إطعام مسكين عن كل يوم في قول جمهور العلماء ومنهم علي وابن عباس وأبو هريرة وأنس وسعيد بن جبير وطاوس وأبو حنيفة والثوري والأوزاعي وأحمد رحمهم الله، وهو الأصح عند الشافعية؛ لقوله تعالى «وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين» لكل مسكين نصف صاع من غالب قوت أهل البلد، وهو يعادل كيلو وربع تقريباً. استدلالاً بتفسير ابن عباس رضي الله عنهم للآية حيث روى عطاء أنه سمع ابن عباس يقرأ «وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين» فقال «ليست بمنسوخة للشيخ الكبير والمرأة الكبيرة لا يستطيعان أن يصوما فيطعمان مكان كل يوم مسكينًا» رواه البخاري. وعنه رضي الله عنه قال «رُخِّصَ للشيخ الكبير أن يفطر ويطعم عن كل يوم مسكيناً، ولا قضاء عليه» رواه الدارقطني والحاكم وصححاه. أما المالكية رحمهم الله فيرون الفدية في حق الشيخ الكبير مندوبة لا واجبة، وهو قول مكحول وأبي ثور وربيعة وابن المنذر؛ قياساً له على الصبي والمجنون. ثالثاً: لا يجزئ إخراج القيمة عند جماهير العلماء بل الواجب إخراج الفدية طعاماً كما هو نص الآية الكريمة «فدية طعام مسكين» رابعاً: إذا كان الوالد عاجزاً عن إخراج الفدية فلا شيء عليه؛ لعموم قوله تعالى «لا يكلف الله نفساً إلا وسعها» ولو أخرجتها نيابة عنه فأنت مأجور إن شاء الله على برك إياه. خامساً: يجزئك إخراجها لمسكين واحد، والأحوط أن تدفع بها إلى ثلاثين مسكيناً؛ اقتداء بفعل السلف رحمهم الله فقد أخرج الدار قطني أن أنس بن مالك رضي الله عنه أنه ضعف عاماً عن الصوم؛ فصنع جفنة من ثريد فدعا ثلاثين مسكيناً فأشبعهم. والله تعالى أعلم. مريض منع الصيام فصام ونام النهار فهل صيامه صحيح؟ السؤال: امرأة مصابة بمرض القلب والسكري، وقد نصحها الأطباء بعدم الصوم؛ لأنّ ذلك يؤثر على صحتها إلا أنها تصوم وتنام النهار. فقط تؤدي الصلاة ثم تعود للنوم، فهل صيامها صحيح؟ الجواب: نعم صيامها صحيح؛ لأن أركانه حاصلة. ولكن الأولى أن تأخذ بالرخصة لأمر الله عز وجل في قوله: «وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين..» فتفطر وتطعم مسكيناً عن كل يوم، طالما أنّ الذي أخبرها بتأثير الصوم على صحتها طبيب مسلم ثقة. والله تعالى أعلم.