بطانة الرئيس أو (رجال الرئيس) مجموعة هامة خطيرة في كل الدول. فهي التي يصنع بها الرئيس النجاح الرائع أو الفشل المحبط. عند استعراض بطانة أحد أنجح الرؤساء الأمريكيين في القرن العشرين، الرئيس جورج بوش (الأب)، كمثال، نجد أن الحلقة الداخلية للرئيس تتكوَّن من دائرة قوامها خمسين شخصاً، هي ما تُعرف بإدارة الرئيس أو بطانته أو (رجال الرئيس). يمثِّل ذلك الفريق الخمسيني مختلف التوازنات الحزبية والإقليمية والدينية والعرقية، كما يمثل مختلف الأجيال. تقديم صورة من الداخل لإدارة رئيس ناجح مهمَّة، لأنها تبرز تكوين تلك المجموعة. وكيف يتمّ اختيارها، وكيف تؤدي مهامها وكيف تمارس دورها السياسي الخطير. هي درس يمكن الإفادة منه. كانت بطانة الرئيس بوش (الأب) براجماتية، تؤمن بنتائج استطلاعات الرأي العام، وتتميَّز بإخلاصها الشديد للرئيس، كما أخلص هو بدوره في منصب نائب الرئيس ثمانية أعوام لرئيسه رونالد ريغان. (رجال الرئيس) جورج بوش لم يكونوا (مهندسي سياسة) مثل هنري كسنجر، ولا أصحاب مواقف عقائدية ثابتة. هم كرئيسهم ميَّالون إلى ردود الفعل أكثر من ترتيب الأولويات. (رجال الرئيس) هم أقرب المستشارين إليه، وأهل عُشرَته الأقربين. هم (الحواريون) و(الملازمين). هم العمود الفقري لإدارته. ولا يهمّ إن كانوا أفضل أصدقائه وأذكاهم، وإن كان منهم مَن هو كذلك. فالمهمّ هو أنهم أهل الحل والعقد بالبيت الأبيض، وهم الذين يؤثِّرون في صنع القرارات اليومية التي يتخذها الرئيس. (رجال الرئيس) جورج بوش لم يكونوا وجوهاً جديدة تماماً، كما وعد بوش خلال الحملة الإنتخابية، لأن وجوه الحلقة الخمسينية للرئيس هم كوادر معركته الإنتخابية، التي جاءت به إلى البيت الأبيض، كما أن بعضهم جاء به الباب الخلفي لكواليس واشنطن. عند النظر إلى (رجال الرئيس) تجد منهم الوديع ومنهم الفظ، عاكسين بذلك الوجه المتعدِّد للرئيس (بوش). كلُّهم بيض، ما عدا وزير الصحة (لويس سوليڤان) وقائد الجيش (كولن باول). كلُّهم رجال، ما عدا (باربرا بوش) و(إليزابيث دول) و(كارلا هلز) و (مارجريت توتلر). رجال الرئيس يصفون أنفسهم بأنهم رجال أُسَر، أي أنهم متزوِّجون ولهم عائلات تعتمد عليهم. إذ لا مكان ل (العزابة) في بطانة الرئيس. بطانة الرئيس بوش منهم خمسة من زملائه في جامعة (ييل)، وهي إحدى الجامعات المحترمة. أما جامعة هارڤارد (جوهرة تاج الجامعات الأمريكية) فقد تخرَّج منها أربعة عشر عضواً في إدارة الرئيس. عديد من (رجال الرئيس) يجيد فرعاً من الرياضة بصورة بارعة. (روجر بورتر) كان لاعب تنس ماهر خلال دراسته الجامعية. (روبرت زوليك) عدِّاء ماراثون سابق. (روبرت جريدي) يهوى الجري كذلك. (جاك كمب) لاعب فوتبول سابق. (جون سنونو) يحبّ التزحلق على الجليد. (كلينتون بوتر) مغرم بالتزحلق على الماء. (جيمس بيكر) صيّاد. (وليم ويبستر) يعشق ركوب الخيل، وغيرهم. لكن ما هي المؤهلات التي جعلت الواحد منهم عضواً في بطانة الرئيس وفريقه الخاص؟. الإجابة تقول إنه شعور الرئيس بالجميل نحو صنيع أسدوه إيَّاه، واستلطاف لبعضهم. فقد لعب (ريتشارد دارمان) دور المرشح الرئاسي المنافس (مايكل دوكاكيس) خلال (البروڤات) التي كان يجريها بوش استعداداً لمناظرتي الإنتخابات. أما (جون سنونو) فقد جاء بأعلى أصوات ناخبي ولاية (نيوهامشير) فأثلج صدره. وقدَّم (تتير) نصائحه واستشاراته. وجاء (موسباتشر) بالفلوس وأموال التبرعات. و(جيمس بينكرتون) جمع معايب المنافس الرئاسي (دوكاكيس) كلَّها في سلَّة واحدة وسلَّمها ل (بوش). وجاءت (إليزابيت دول) بتأييد زوجها السيناتور(روبرت دول) زعيم النواب الجمهوريين بمجلس الشيوخ. وهكذا كلّهم قدَّموا السبت فوجدوا الأحد، ولم يذهب الفضل بين الناس!. ولكي يضمن جورج بوش فوزه بالرئاسة مرة أخرى في عام 2991م، فقد شكَّل إدارته بطريقة (شيزوفرينية). فعلى حين كان يتردَّد نائب الرئيس (دان كويل) في ريبه بأفعال ومبادرات الرئيس السوڤييتي غورباتشوف، كان وزير الخارجية جيمس بيكر يرى أن يردوا أن يردوا على تحية غورباتشوف بالمثل أو بأحسن منها. وبينما يرى (سنونو) أن على مصانع السيارات في (ديترويت) أن تفكر مرة ثانية قبل أن تقدم على صنع (سيارة الميثانول)، يصرّ (وليم ريلي) على صنعها وهكذا. كانت إدارة بوش تلعب لعبة إرضاء كل الأذواق والميول والتوازنات. وفي داخل البطانة الخمسينية في البيت الأبيض، كان هناك عشرة من الأبناء البررة لجورج بوش، يمثِّلون فيما يمثِّلون العقد الرابع من العمر أي الثلاثينات عند اختيارهم. وتتراوح أعمارهم ما بين (13 و93 عاماً). وأولئك هم البطانة الصغيرة ويمثلون (02%) من (رجال الرئيس) أي خُمْس إدارته، ونقدِّمهم على التوالي مصطحبين بطاقاتهم وهم كما يلي: 1. لي آتووتر LEE ATWATER رئيس اللجنة القومية للحزب الجمهوري. ولِد بمدينة أطلانطا بولاية جورجيا، حصل على البكالوريوس في التاريخ من كلية (نيوبري) عام 3791م، وعلى الماجستير في الصحافة من جامعة (ثاوث كارولينا)، ومن أتباع الكنيسة المعمدانية. شارك من بعيد في خطة الحزب الجمهوري لرسم وإبراز صورة السيناتور (توم فولي) الناطق باسم مجلس النواب باعتباره شاذاً. ويعتبر (آتووتر) أحد المقرَّبين من جورج بوش، ويلتقي بصورة منتظمة بالرئيس، ويتحدث يومياً مع (سنونو) رئيس هيئة موظفي البيت الأبيض. وقد توفي (آتووتر) بورم في المخ. 2. ديڤيد بيتس David Q Bates مساعد الرئيس وسكرتير مجلس الوزراء. ولِد بمدينة هيوستون بولاية تكساس، وحصل من جامعتها على بكالوريوس التاريخ عام 5791م، ثم دكتوراه القانون عام 8791م. عمره (83) عاماً. صديق لثاني أكبر أبناء جورج بوش. كان من الشباب الذين تركوا انطباعاً حسناً لدى بوش عندما ترشح الأخير للكونجرس عن أحد مقاعد مدينة هيوستون. عمل مساعداً لبوش إثر تخرجه من كلية القانون. وكثيراً ما كان المرافق الوحيد لجورج بوش في السيارة أو الطائرة خلال أيام الإنتخابات. وقبل أكثر من عامين من انتخابات 4891م، عندما أصبح بوش نائباً للرئيس، دخل (بيتس) وزارة التجارة ليتخصَّص في التجارة الدولية، حيث ظل يعمل في قضايا التجارة التابعة لوزارة الخزانة من عام 2891 4891م. (بيتس) أحد أعضاء المجموعة الإستشارية التي تسمَّى مجموعة الستة المتحلِّقة حول بوش خلال انتخابات الرئاسة. البقيَّة هم (تيتر)، (برادي)، (روجر إيلز)، (موسباتشر)، (كريج فولر والذي عمل محامياً في شركة محاماة «رينولدز وألن»). يبعد مكتب (بيتس) عن مكتب الرئيس بوش عشرين قدماً، وهو عضو في (مافيا) أو (شلَّة) تكساس بالبيت الأبيض، والتي تعد أقرب المجموعات إلى الرئيس بوش. ويتحدث (بيتس) بنعومة ككابتن أحد الخطوط الجوية، ويحضر اجتماعات الرئيس في القضايا الإقتصادية وقضايا السياسة الداخلية. واعتاد بوش أخذ وجهة نظره في القضايا المختلفة، وهو أكثر من مجرد مستشار وأكثر من مجرد إنسان محل ثقة بالنسبة للرئيس. 3. وين بيرمان Wayne L. Berman عمره (33) عاماً. مستشار بوزارة التجارة. ولِد ب(روشستر) بولاية نيويورك. يهودي. حصل على بكالوريوس التجارة من جامعة (بفالو) عام 8791م. تعود أسباب صلته بالبيت الأبيض إلى أنه قد التقى قبل اثني عشر عاماً ب (موسباتشر) بمركز الدراسات الإستراتيجية والدولية. حيث شجَّعه موسباتشر على التطوع للعمل مع جورج بوش في اللحظة التي كان (بيرمان) يعتقد أن (جون كونالي) سيفوز بترشيح الحزب الجمهوري للرئاسة. فبدأت علاقته بجورج بوش عام 0891م حيث عمل معه في حملته الإنتخابية وتخصص في جمع التبرعات وقويت صلته بعدد من الجمهوريين البارزين. كما عمل (بيرمان) في برامج ذات أولوية عالية مثل بيع طائرات FSX المتقدمة إلى اليابان، ودراسة مشاكل التقييدات التجارية الأوربية الناجمة عن الوحدة، وإيجاد أسواق في العالم للتقنية الأمريكية المتقدِّمة. 4. نيكولاس كاليو Nikholas Calio نائب مساعد للرئيس للشئون القانونية الخاصة بالكونجرس. عمره (73) عاماً. ولِد بمدينة كليڤلاند بولاية أوهايو. حصل على بكالوريوس اللغة الإنجليزية عام 5791م من جامعة (أوهايو ويسليان)، ثمّ على دكتوراه القانون عام 8791م من جامعة (كيس ويسترن ريسيرف). له الإلمام والدراية الكافية بالشئون القانونية للكونجرس. يلعب دور حلقة الوصل بين أجندة بوش والكونجرس الذي يسيطر عليه الديمقراطيون، أو بصورة ثانية يلعب (كاليو) دور الشحم ما بين ماكينة جورج بوش وماكينة الكونجرس مستفيداً من صداقاته في أوساط الديمقراطيين. وبنفس قوة الإقناع التي يعمل بها في أوساط الكونجرس لصالح جورج بوش فله نفس المزية في داخل البيت الأبيض. غداً تكتمل الصورة عن البطانة الصغيرة من رجال الرئيس.