لم يكن تبرؤ المؤتمر الشعبي بزعامة الترابي من الحركة الإسلامية وإعلان تعاونه مع الحركات المسلحة ذا قيمة سياسية إن كان يريد ذلك، لأنه جاء في وقت متأخر جداً، وبعد تصريحات نارية أطلقها رئيس مجلس شورى «الحركة» إبراهيم أحمد عمر في مؤتمر صحفي عقده توطئة لانعقاد المؤتمر الثامن للحركة، ما يعني أن تصريحات المؤتمر الشعبي جاءت رداً على كلمات إبراهيم أحمد عمر، وكان قد قال إن حزب الترابي ليس عضواً في الحركة الإسلامية. وإذا كان التبرؤ من الحركة الإسلامية قد جاء في وقت مبكر وسابق للمؤتمر الصحفي آنف الذكر، يمكن بعد ذلك أن نناقش الأسباب التي قد تكون موضوعية. أما بالنسبة للتحالف مع الحركات المسلحة كما تشير بصورة أو أخرى وثيقة المؤتمر الشعبي التي أعلن عنها وتتضمن فكرة «البديل الديمقراطي لإساقط النظام الحاكم» نظام «اذهب إلى القصر رئيساً وسأذهب إلى السجن حبيساً». إن التحالف مع المتمردين سواء في حركة العدل والمساواة أو غيرها لا يأتي ثمار مرجوة غير التشفّي من الحكومة الحالية التي ألقت به خارج أسوار برلمان معيّن عام 1999م، وإذا كان يقال أن حركة العدل والمساواة الذراع العسكري للمؤتمر الشعبي، فإن هذا لا أراه التوصيف الدقيق للعلاقة بين الحزب والمجموعة المنتمية له التي تقود الحركة المتمردة، ولا ننفي العلاقة الواضحة ولا نعتبر أن الحركة ذراعاً عسكرياً للحزب، لأن الترابي رئيس الحزب ليس هو القائد الأعلى لقواتها، ولا يستطيع أن يصدر إليها الأوامر من الخرطوم، ولا يمكن أن تجلس الحكومة معه لإحلال السلام في دارفور كما كانت تتحمس للجلوس مع قادة الحركة، وإنما شكل العلاقة بين الحزب والحركة يبقى سياسياً فقط، ومباركاً من قبل حزب الترابي، لكن ليست للحركة المتمردة مصلحة في جانب المؤتمر الشعبي، تعينها على النشاط الميداني، فمصلحتها كانت من نظام القذافي البائد، والآن أصبحت مصلحتها في دولة جنوب السودان. إن دعمها وتمويلها من خزينة الشعب الليبي إلى خزينة شعب جنوب السودان هكذا تلقته، أما خزينة المؤتمر الشعبي فلا تقوى إلا على تمويل المنشورات مثل منشور «الزيتونة». لذلك ليس لحزب الترابي ما يقدمه للجناح العسكري غير التأييد والتحريض والأفكار إذا أمكن. سحب ترشيح السودان سحب السودان ترشيحه من لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة بعد الانتقاد الذي وجهته واشنطن للأخيرة بسبب قبول ترشيحها السودان، وتقول الحكومة السودانية أن سحب الترشيح كان لسبب أن قضايا حقوق الإنسان تحيلها الأممالمتحدة إلى ما يسمى المحكمة الجنائية الدولية، وهي المؤسسة المشبوهة طبعاً التي لم تجد اعترافاً من السودان ولا من الولاياتالمتحدةالأمريكية أيضاً، وتصبح بعد ذلك الأممالمتحدة بين أمرين هما الانتقاد الأمريكي في ترشيح السودان بسبب اتهامات موجهة ضده معروفة، وسحب السودان ترشيحه بسبب تعامل المنظمة الدولية مع محكمة «طفيلية» تجد العون ممن لا يعترف بها لتمارس به «الطفيلية القانونية».. وهذا يكشف بجلاء وهماً كبيراً اسمه منظمة الأممالمتحدة، فهي مؤسسة دولية جوفاء، وضررها أكبر من نفعها إن كان لها نفع أصلاً، وهذا يحكم عليها بأنها غير محترمة، ولا سبيل لدول العالم الإسلام التي تشوّهت خريطتها الإقليمية بدولة الاحتلال الاسرائيلي كزائدة دودية فيها، لا سبيل لخروجها من ورطة الهيمنة الأمريكية وإهانة المحكمة الجنائية الطفيلية إلا باتخاذ منظمة المؤتمر الإسلامي بديلاً عن منظمة الأممالمتحدة التي تدلل المحكمة الطفيلية كما تدلل أمريكا اسرائيل، وتتخذ حماية أمنها أحد شعارات الحملات الانتخابية في الحزبين الجمهوري والديمقراطي.