ترى هل كان انتقاد الإدارة الأمريكية لترشيح الأممالمتحدة للسودان للجنة حقوق الإنسان التابعة لها صدى لتصريح القائم بالأعمال الأمريكي في السودان حول ضرورة إسقاط الحكومة السودانية من أجل تطبيع العلاقات الأمريكية السودانية؟! وهل كانت تصريحات القائم بالأعمال «السيئة» تمهيداً لانتقاد واشنطن لخطوة ترشيح السودان؟! وهل هذا الأمر لا يدعو إلى توزيع الأدوار بحكم أن القائم بالأعمال مُفترض أن يلتزم بالتزامات دبلوماسية؟! دع أمر القائم بالأعمال جانباً وقد علقنا بالأمس هنا على تصريحه الغريب آنف الذكر. أما الإدارة الأمريكية فقد انتقدت منظمة الأممالمتحدة في ترشيحها السودان للجنة حقوق الإنسان وكأنما جمهورية السودان ليست عضواً بالمنظمة الدولية مثل دولة جنوب السودان الجديدة وصاحبة التجاوزات الكبيرة الضخمة في سجل حقوق الإنسان وبتقارير وشهادات الأممالمتحدة نفسها. ولا بد أن المراقبين المحايدين المحترمين النزيهين سيتساءلون عما إذا كانت الولاياتالمتحدة مؤهلة أخلاقياً لتوجيه مثل هذا الانتقاد لأية دولة. واشنطن مؤهلة فقط بحكم وجود مقر الأممالمتحدة في نيويورك إحدى المدن الأمريكية، وبحكم ما تملكه من قدرات عسكرية عالية استخدمتها في احتلال أفغانستان والعراق وأعانت بها إسرائيل لحماية الاحتلال اليهودي لفلسطين والجولان السورية وبعض الأراضي اللبنانية الموجودة فيها الآن قوات أممية ما يعني تبخير مشروع حزب الله اللبناني وجعل هذا الحزب وقواته كأسد بلا أسنان وأنياب، كل هذا بفعل القدرات العسكرية الأمريكية التي تستغني بها عن الأخلاق، ويكفيها سوءًا في الأخلاق حمايتها للاحتلال الإسرائيلي وصمتها عن جرائم الحرب في غزة والضفة الغربية، فهي تمارسها في أفغانستان والعراق واليمن حيث قتلت أحد المواطنين اليمنيين بطريقة غير أخلاقية إذن واشنطن نفسها تمارس ما تمارسه إسرائيل فهل بإمكانها أن تنهى عن خُلُق وتأتي بمثله؟! وحتى إذا فعلت فيقول الشاعر «عار عليك إذا فعلت عظيم».. حتى هذا «العار» لم نجده من واشنطن في موقفها من جرائم إسرائيل التي ترتكبها باعتبارها سياجًا قويًا لحماية الاحتلال طويل العمر منذ عام 1948م.. وقبله كان الاحتلال البريطاني تحت اسم الانتداب البريطاني.. ولا ننسى أن الولاياتالمتحدةالأمريكية رفضت أن توقع على اتفاقية إنشاء المحكمة الجنائية حتى لا تواجه باستمرار الإحراجات من قبل أهل القانون الذين يتعاملون بالمنطق القانوني لا غير.. وإن كانت بعض الدول الأخرى ترفض التوقيع لسبب آخر هو عدم الأهلية القانونية للمحكمة لأنها حتماً ستستثنى جرائم إسرائيل الفظيعة، هذا إذا لم تكن هي أصلاً فكرة إسرائيلية وذلك إذا أخذنا بشبهة توقيع بعض الدول الإفريقية أو موالاتها للمحكمة مثل بتسوانا ويوغندا وربما في الطريق دولة جنوب السودان صديقة إسرائيل وأداة السياسات الأمريكية في الإقليم الذي تتوسطه لينطلق منها التآمر الأجنبي إلى كل الاتجاهات حاضراً ومستقبلاً.. إن المهم في الأمر هو أن انتقاد واشنطن لترشيح السودان يبدو وكأنه جاء صدىً لتصريحات القائم بالأعمال «السيئة» في السودان «السفير الأمريكي» .. ترى هل ستسدعيه الحكومة السودانية لأنه خرج عن اللياقة الدبلوماسية؟!. أم أنها ستقدّر الموقف الأمريكي الآن من مسألة ترشيح السودان لحقوق الإنسان؟! أما المتمردون ممثلون بحركة عبد الواحد وعلى لسان القيادي بالحركة إبراهيم الحلو فقد استنكروا ترشيح السودان، وهم أصحاب أسوأ التجاوزات في دارفور وكردفان، والمجتمعات في تلك المناطق تشهد على كل الجرائم التي ارتكبها المتمردون ضد المدنيين من نهب وسلب وقتل وغير ذلك، فهل تريد حركة عبد الواحد أن تقول بأن السودان ممثلاً بالحكومة مثل الحركات المتمردة في انتهاك حقوق الإنسان؟!